عزوف عربي عن حضور "قمة بيروت".. ومشروعات تنموية طموحة تنتظر التفعيل

على الرغم من أزمة مقاطعة ليبيا لـ"قمة بيروت"، وتوالي اعتذارات الرؤساء والزعماء عن عدم حضور القمة التنموية العربية الأولى بعد 6 سنوات من أخر قمة بالرياض، تصرّ الدول العربية على عقد القمة في بيروت، لما لذلك من رمزية، لتأكيد الحضور العربي فيها.

في قمة سادتها التوقعات، منذ البداية، حول تمثيل منخفض من جانب الزعماء لكونها قمة تنموية وتأتي قبل شهرين فقط من القمة العربية الرئيسية في تونس، زادت أزمة "موسى الصدر" واعتذارات العديد من الزعماء من التوقعات بحضور "قيادي" هزيل في القمة المقررة الأحد المقبل.

حيث أعتذر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد والرئيس الفلسطيني محمود عباس وأمير قطر تميم بن حمد، عن الحضور، فيما قاطعت ليبيا القمة منذ البداية بعد تورط عناصر من حركة أمل في احراق وانزال العلم الليبي على خلفية قضية اختفاء زعيمها موسى الصدر في ليبيا قبل أربعة عقود، فيما يرجح مشاركة رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى المدبولي نيابة عن الرئيس السيسي، ونفت سوريا مشاركتها في القمة، وهي الدولة التي لا تزال عضويتها مجمدة في الجامعة العربية، فيما يتوقع ان يوفد معظم الرؤساء مندوبين عنهم، باستثناء الرئيس العراقي، ولا تزال هناك شكوك حول مشاركة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الذي تشهد بلاده موجة اضراب عام في ذكرى الثورة التونسية، وسيما بعد فشل المفاوضات بين الحكومة والنقابات لرفع الأجور.

واستنكرت الصحافة اللبنانية البذخ في الانفاق على القمة في ضوء المشاركة الضعيفة المتوقعة، وهو ما سيترجم في صورة عدم التمكن من الخروج بتوصيات تدعم الاقتصاد اللبناني في ضوء قرب تشكيل الحكومة الجديدة، وقالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن مصادر سياسية معنية بالقمة قد بررت الاعتذارات بـ"أزمة مشاركة ليبيا في القمة، وجولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المنطقة، وسعي أميركي لعدم تأمين مشاركة وازنة في القمة الاقتصادية، في إطار قرار واشنطن تكثيف الضغوط على لبنان. وهو القرار الذي ظهر جلياً في مواقف وكيل وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل في زيارته الأخيرة لبيروت"، ورجحت الصحف اللبنانية حضور 3 فقط من الزعماء العرب للقمة، فيما قالت مصادر دبلوماسية لبنانية أن هناك 6 زعماء من أصل 20 مدعواً قد أكدوا حضورهم.

أوضحت السفارة السورية في لبنان أن السفير علي عبد الكريم اعتذر عن حضور مراسم افتتاح القمة الاقتصادية المرتقبة في بيروت، وأن الدعوة موجهة لحضور مراسم الافتتاح وليس لحضور القمة.

الاجتماعات التحضيرية النهائية تنطلق

وانطلقت الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم الخميس، حيث عُقد اجتماع مشترك للمندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية وكبار المسئولين العرب برئاسة لبنان خلفاً للسعودية، وبحث الاجتماع مشروع جدول أعمال القمة كما ناقش مشاريع القرارات المنتظر أن تخرج عن القمة. 

ويعقد غدا الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والاقتصاد العرب، ويبحث الاجتماع ما انتهى إليه اجتماع المندوبين وكبار المسئولين، إلى جانب مراجعة مسودة إعلان بيروت المنتظر أن تخرج عن القمة.

وتبحث القمة التنموية العربية الرابعة من نوعها الأحد ٢٧ بنداً مدرجاً على أجندة جدول أعمالها، وذلك بعد توقف استمر ٦ سنوات بعد آخر قمة عربية اقتصادية استضافتها العاصمة السعودية الرياض في ٢٠١٣، ومن أبرز الملفات التي ستعرض على القمة استكمال منطقة التجارة العربية الكبرى، بعد الانتهاء من 95% من قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية، إلى تفعيل الاستراتيجية العربية للأمن المائي، في مواجهة التهديدات المائية من دول المنابع للأنهار العربية مثل تركيا وإيران وإثيوبيا.

ومن أبرز بنود القمة مناقشة مسألة الأمن الغذائى العربي، بما فى ذلك مبادرة السودان بشأن الأمن الغذائي العربي، والتكامل والتبادل التجاري في المحاصيل الزراعية والنباتية، ومنتجات الثروة الحيوانية فى المنطقة العربية.

كما يتضمن جدول الأعمال بندا حول وضع رؤية عربية مشتركة فى مجال الاقتصاد الرقمى، وبند حول الإطار الإستراتيجى العربى للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020 – 2030.

ومن جانبه أكد السفير كمال حسن على الأمين العام المساعد للشئون الاقتصادية بالجامعة العربية على أهمية القمة، معلناً أن القمة الحالية ستطلق العمل بالسوق العربية المشتركة للكهرباء، وصولا الى وجود سوق عربية مشتركة واحدة للكهرباء.

مؤتمر المشرق حول التمكين الاقتصادي للمرأة

وعشية انعقاد القمة انطلق "مؤتمر المشرق حول التمكين الاقتصادي للمرأة" فى "بيروت"، حيث أكد الأمين العام أن جدول أعمال القمة يتضمن بالفعل تناول عدد من الموضوعات المرتبطة بتمكين المرأة وتعزيز حقوقها الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يأتي في إطار الوعي بالتحديات المتنوعة التي تواجهها المرأة العربية، سواء كانت تلك المرتبطة بظروف وموروثات تاريخية أصبحت متجذرة في بعض المجتمعات، خاصة بسبب غياب الوعي وتفشي الفقر ونقص الخدمات الأساسية الصحية وتراجع معدلات التعليم وغيرها من العناصر السلبية، أو تلك المستجدة نتيجة النزاعات المسلحة التي شهدتها المنطقة على مدار السنوات الأخيرة والتي أثرت بالسلب على وضعية النساء في دول كسوريا وليبيا والعراق واليمن، إضافة لاستمرار المعاناة التاريخية للمرأة الفلسطينية.

إلى قيام جامعة الدول العربية بإطلاق الشبكة العربية للتمكين الاقتصادي للمرأة "خديجة" بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والمكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية في سبتمبر 2015 خلال أعمال المنتدى الإقليمي حول "تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة في المنطقة العربية". وتعد هذه الشبكة أول مبادرة عربية لخلق منبر للتمكين الاقتصادي للمرأة، وتعمل كمنصة متخصصة لتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال توفير بيئة عمل أكثر أماناً للنساء، وضمان تكافؤ الفرص فيما يتعلق بوصولهن إلى المناصب القيادية ومواقع صنع القرار، وبناء القدرات، وتحفيز وضع القوانين والتشريعات الخاصة بعمل المرأة في المجال الاقتصادي، فضلاً عن كونها منبراً لتبادل المعرفة ودعم الآليات المعنية بتمكين المرأة في الحياة الاقتصادية في المنطقة العربية، وإتاحة الفرصة للمشاركة بين كافة القطاعات العاملة في مجال تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة على المستوى الإقليمي.

أبوالغيط يبحث جدول الأعمال مع عون

والتقى اليوم أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بالرئيس اللبناني العماد ميشال عون، وذلك على هامش أعمال القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية الرابعة والمنعقدة في بيروت خلال الفترة من 17 إلى 20 يناير 2019.

وصرح السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، بأن أبو الغيط قدم التهنئة في بداية اللقاء للرئيس اللبناني على انعقاد القمة في لبنان، مثمناً الجهود الكبيرة والتنظيم المتميز للجانب اللبناني في هذا الإطار، ومعرباً عن تمنياته بأن تكلل أعمالها بالنجاح المرجو، وبما يعود بالخير على العمل العربي المشترك في المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية في ضوء أهمية ما تمثله بالنسبة للدول العربية والمواطن العربي في ذات الوقت، مع تأكيد التعاون الكامل للأمانة العامة للجامعة العربية مع الجانب اللبناني في هذا الصدد وتسخيرها لكافة امكاناتها وخبراتها من أجل إنجاح هذه القمة.

وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد تناول أهم البنود المطروحة على جدول أعمال القمة، خاصةً تلك المرتبطة بالأولويات العربية في الفترة الحالية، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول أخر تطورات عدد من القضايا العربية الرئيسية والأوضاع في الدول العربية التي شهدت نزاعات مسلحة على مدى السنوات الأخيرة.