حرب القوائم السوداء تشتعل بين الهند وباكستان

اشتعلت حرب القوائم السوداء بين الهند وباكستان على خلفية التوتر المتصاعد بين البلدين منذ التصعيد العسكري الذي وقع في شباط/ فبراير الماضي، حيث أعلنت نيودلهي عن تحركها لإدراج باكستان على القائمة السوداء لجهاز الرقابة المالية العالمي (فاتف)

وجددت باكستان التأكيد على أنها لا تزال ملتزمة بالتنفيذ الكامل لخطة عمل جهاز الرقابة على غسيل الأموال وتمويل الإرهاب العالمي ،التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD )) ، والتي تم الاتفاق عليها على "أعلى مستوى سياسي"، رافضة اتهامات هندية ومطالب بوضعها على القائمة السوداء للمنظمة التي تتخذ من باريس مقرا لها.

وأعربت حكومة باكستان عن "قلقها العميق" إزاء تصريح لوزير المالية الهندي آرون جايتلي بأن نيودلهي تريد إدراج باكستان في القائمة السوداء لفريق العمل المالي العالمي (FATF)، مؤكدة إن هذا التحرك يظهر أن هيئة الرقابة المالية العالمية تقوم بإجراءات غير مشروعة "مسيسة" انصياعا لرغبات الدولة المجاورة (الهند).

وتابع بيان الحكومة الباكستانية، "ومع ذلك، يجب أن تضمن (فاتف) أن تظل العملية (الخاصة بمراجعة التزامات باكستان) عادلة وغير متحيزة وقائمة على المعايير الفنية للمنتدى." وقال وزير المالية الهندي، ارون جايتلي، يوم الخميس، إن الهند ستطلب من جهاز الرقابة على غسيل الأموال وتمويل الإرهاب العالمي (FATF) وضع باكستان على قائمة سوداء، لتكون من الدول التي تفشل في الوفاء بالمعايير الدولية في وقف الجريمة المالية.

وقال جايتلي للصحفيين: "نريد تخفيض تصنيف باكستان على قائمة فاتف FATF" ، مضيفًا أن الهيئة المتمركزة في باريس كان من المقرر أن تجتمع في منتصف مايو وأن الهند ستطلب ذلك. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية الدكتور محمد فيصل في بيان إن تصريحات الوزير الهندي "تؤكد من جديد مخاوف باكستان منذ فترة طويلة من أن هذا المنتدى الفني يتم تسييسه من قبل الهند ضد باكستان"، حسبما ذكرت صحيفة "داون" الباكستانية الناطقة بالانجليزية.

وقال المتحدث باسم الخارجية الباكستانية مستشهداً بأمثلة من الماضي من المحاولات الهندية لتسييس إجراءات هيئة الرقابة، قبل الجلسة العامة لفريق العمل المالي في فبراير، إن الهند "قد عممت تقييمها الخاص لتقدم باكستان وطلبت دعمًا فوريًا لـ"إدراج باكستان" في القائمة السوداء، وأشار إلى أنه "في عدة مناسبات سابقة ، تم تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام الهندية حول إجراءات فريق العمل المالي، وهي سرية للغاية".

وقال: "محاولات الهند لتسييس الاجراءات في منظمة فريق العمل المالي ضد باكستان تشكك في أوراق اعتمادها واستحقاقها للمشاركة في رئاسة وعضوية مجموعة آسيا والمحيط الهادئ المشتركة التي تستعرض التقدم الذي أحرزته باكستان في تنفيذ خطة عمل فريق FATF."

ويبدو ان التحركات الباكستانية الاخيرة في سبيل التغلب على الأزمة الاقتصادية، قد اثارت رغبة الحكومة الهندية في احباطها، لتتجدد تحركاتها المناوئة التي كانت قد اعربت عن نواياها حول تطبيقها منذ الهجوم الانتحاري الذي شهده اقليم كشمير المتنازع عليه في فبراير الماضي، والذي أدى إلى اتهامات ومناوشات عسكرية ومعركة جوية غير مسبوقة بين البلدين منذ عدة اسابيع، حيث تمكنت باكستان خلال الاجتماعات الاخيرة لقمة الحزام والطريق للتعاون الدولي من التوصل الى اتفاقيات هامة مع الجانب الصيني بشأن جذب مزيد من الاستثمارات وتنفيذ مبادرة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، فضلا عن اللقاءات التي عقدها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان مع العديد من المسؤولين الماليين الدوليين وفي مقدمتهم كرستين لاجارد من أجل التوصل اتمام الاتفاق المرتقب مع صندوق النقد الدولي الذي تتولى لاجارد إدارته.

يذكر أن رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، قال، الشهر الماضي، إن الهند تريد إدراج باكستان في القائمة السوداء لـ"فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية"، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى فرض عقوبات.

في يونيو 2018، تعهدت باكستان بالتزام سياسي رفيع المستوى بالعمل مع جهاز الرقابة المالية فاتف FATF ومجموعة آسيا والمحيط الهادئ APG لتعزيز نظام مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب ومعالجة تمويلها الاستراتيجي المتعلق بمكافحة الإرهاب.

أوجه القصور من خلال تنفيذ خطة عمل لتحقيق هذه الأهداف. إن التنفيذ الناجح لخطة العمل والتحقق المادي من قِبل APG سيؤدي إلى قيام FATF بطرد باكستان من "القائمة الرمادية" أو نقلها إلى "القائمة السوداء" بحلول سبتمبر.

وطالبت إسلام أباد في آذار/ مارس مارشال بيلينجسلا Billingslea إقالة الهند كرئيس مشارك لمجموعة آسيا والمحيط الهادئ (APG) لضمان "أن تكون (فاتف) عملية نزيهة وغير متحيزة وموضوعية"، ثم كان وزير المالية الباكستاني أسد عمر قد أخبر صحيفة "داون" في ذلك الوقت أن الدول الصديقة قد أكدت لباكستان أن الرئيس الهندي المشارك لمجموعة آسيا والمحيط الهندي، كان يعمل مع الدول الأخرى لإدراج باكستان في القائمة السوداء.

واختتم الصحيفة الباكستانية تقريرها بالقول، يمكن لفريق العمل المالي أن يقدم توصيات إلى أي من الدول التي وقعت ميثاق العضوية، وكذلك الدول الأخرى، لكن ليس لديها سلطة لفرض العقوبات.

وفي فبراير الماضي، قالت مجموعة العمل المالي (فاتف) التي تتخذ من باريس مقرا إن باكستان حققت "تقدما محدودا" في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لكن المنظمة تعهدت بانها ستواصل العمل مع باكستان التي تأمل في رفع اسمها من "القائمة الرمادية"، وقالت المجموعة في بيان "في ضوء التقدم المحدود في عناصر خطة العمل... تحث فاتف باكستان على استكمال خطة عملها بسرعة لا سيما العناصر التي لها إطار زمني حتى مايو 2019".

و(فاتف) هي منظمة حكومية دولية مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، أسست سنة 1989م، وهي هيئة حكومية دولية تتولى مهمة دراسة التقنيات واتجاهات غسل الاموال وتمويل الارهاب وإعداد وتطوير السياسات المتعلقة بمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب محليا ودوليا.