تركيا تنقب عن الغاز.. والقانون الدولي يعطي مصر حق الدفاع عن مصالحها بكل الوسائل

أطلقت تركيا أولى عمليات التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، وذلك على الرغم من عدم تعيين الحدود البحرية مع كل الدول المتجاورة والمتقابلة معها قبل الشروع في عمليات التنقيب.

واصلت تركيا، تحركاتها لتأجيج الصراع على الغاز في شرقي المتوسط، لتكون هي الدولة الوحيدة التي تتصرف بصورة منفردة، رغم اتجاه دول تلك المنطقة للتعاون كما هو الحال مع تكتل الغاز الثلاثي في شرقي المتوسط بين مصر واليونان وقبرص والذي من المتوقع ان يتسع ليشمل لبنان والأردن.

وبدأت تركيا، اليوم الأربعاء، أول عملية للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط، حيث أطلقت سفينة "فاتح" للتنقيب، فيما حذر مسؤولون أتراك من التعرض للسفينة التي تنقب بشكل يخالف القانون الدولي، حيث حذر وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز من التعرض لها، موضحا أن البحرية التركية سترافق سفينة التنقيب.

وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي خلال مراسم إطلاق سفينة "فاتح"، أمس الثلاثاء أن التنقيب سيبدأ على بعد 100 كم قبالة ساحل أنطاليا اعتبارا من اليوم الأربعاء، مؤكدا على استمرار ما وصفه بعملية "تتريك" قطاع الطاقة التركي، وشدد الوزير التركي إن "قواتنا البحرية ستقوم بما يلزم في حال تعرض سفينتنا لأي تحرش".

وأعتبر الوزير التركي أنه بفضل تقنية سفن التنقيب التركية خير الدين بربروس"، و"أوروج رئيس"، و"فاتح" تمكنوا من تقليل الاعتماد على تكنولوجيا الخارج في مجال أنشطة البحث والتنقيب البحرية".

وذكرت وسائل اعلام عالمية متعددة أن عمليات ونوايا التنقيب عن الغاز في شرقي المتوسط تؤجج حدة التوترات بين الدول هناك، والتي تحتوي مياهها على كميات كبيرة من الغاز، وتعارض اليونان التحركات التركية في ملف الغاز، فيما تعترض أنقرة، التي تحتل شمال جزيرة قبرص، على الاتفاقية المصرية-القبرصية.

ومن جهته، أكد المستشار الدكتور مساعد عبدالعاطي شتيوي عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي أن التصرفات التركية تمثل انتهاك لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي دخلت حيز النفاذ في عام 1994، موضحا أن وجه المخالفة التركية للاتفاقية المشار إليها تكمن أن تركيا تعد دولة ساحلية تطل علي بحار دولية ومن ثم فهي معنية بالأحكام الواردة بالاتفاقية وخاصة النص على "إلزامية تعيين العلامات البحرية المحددة لبحرها الإقليمي وكذا المنطقة الاقتصادية الخالصة لها، وكذا تعيين الحدود البحرية مع كل الدول المتجاورة والمتقابلة معها قبل الشروع في عمليات التنقيب ". ولفت خبير القانون الدولي إلى أن تركيا لم تقم بتحديد النقاط والعلامات المحددة لحدودها البحرية، وايداعها مشفوعة بالخرائط الهندسية لدي الأمانة العامة للأمم المتحدة، موضحا أن من أوجه المخالفة التركية أن أنقرة أيضا لم تنضم للاتفاقية، وعلي الرغم من عدم الانضمام إليها فإن تركيا تعد ملتزمة بكافة الأحكام الواردة بها لكون الاتفاقية مقننة لا عراف راسخة عامة ملزمة للكافة .

وأشار المستشار شتيوي إلى أن دول شرق المتوسط مصر واليونان وقبرص، هم أطراف موقعة ومصدقة علي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، كما أنهم قاموا بتحديد العلامات والنقاط المحددة لحدودهم البحرية واودعوها ضمن الخرائط الفنية لدي الأمانة العامة للأمم المتحدة، وبذلك أعتبر أن القانون الدولي يؤكد علي شرعية وقانونية الاتفاقية المصرية القبرصية لتعيين الحدود البحرية بينهما، فضلا عن إجراءات تعيين الحدود البحرية المصرية اليونانية .

وأكد أن التعاون الاستراتيجي بين مصر وقبرص واليونان والقائم علي مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، يظل صخرة في مواجهة التصرفات التركية غير المسؤولة .

وأكد الخبير المصري في تصريحات لوكالة فرات للأنباء ANF، أن الاتفاقية المصرية القبرصية استوفت كافة الشروط الشكلية والموضوعية لصحة الاعتداد بالمعاهدات الدولية بموجب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969، فضلا عن قيام الدولتين بتعيين علامات ونقاط المحددة لحدودهما البحرية واودعتها لدي الأمانة العامة للأمم المتحدة مشفوعة بكافة الخرائط الفنية، ثم قيام الدولتان بعد ذلك بتعيين حدودهما المتقابلة وفق مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وشدد المستشار شتيوي على القانون الدولي يحمي مصر في استغلال حقوقها الاقتصادية في المنطقة الخالصة لها في المتوسط، ويعطي لها الحق في الدفاع عن هذه الحقوق بكافة الوسائل.

وأعلنت مصر مؤخرا تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، لتبدأ عملية التصدير إلى أوروبا، عبر خط أنابيب بين مصر وقبرص، كما تستورد مصر الغاز من كل من قبرص واسرائيل ودول أخرى، من أجل اعادة تصديره في صورة غاز مسال، وحققت مصر طفرة في إنتاج الغاز الطبيعي بعد اكتشافات تقودها شركة إيني الإيطالية لتنمية حقول تضم احتياطيات ضخمة قبالة سواحل دلتا النيل، وشبه جزيرة سيناء المصرية.

وطالبت تركيا مؤخرا اليونان بتجنب تصعيد التوتر المنطقة بعد محاولتها اعتراض سفينة بحث تابعة لها وأكدت عدم سماحها لأى جهة بتنفيذ أنشطة تنقيب عن الغاز في المياه الخاضعة لسيادتها شرق المتوسط، دون إذنها، وكان وزير الدفاع التركي خلوصى أكار قد هدد بأن السفن الحربية التركية ستعمل على توفير الحماية لسفن التنقيب، وذلك بعد أن أعلن وزير الخارجية اليونانى السابق نيكوس كوتزياس، مؤخرا، زيادة بلاده لمدى حدودها البحرية من 6 أميال إلى 12 ميلا بحريا في بعض المناطق.

وقبل نحو أسبوعين، عقد قادة مصر واليونان وقبرص قمة في جزيرة كريت اليونانية، لتعزيز تحالفهم الثلاثي، وخاصة في مجال الطاقة، وقال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، أن "جزيرة كريت سوف تكون في القريب العاجل محور انتقال الغاز الطبيعي".