مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: اجتمعنا متضامنين لنرسل رسالة سلام تُطفيء نار العداوة والبغضاء

انطلقت في القاهرة بمشاركة وفود أكثر من 40 دولة حول العالم فعاليات مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وأكد المشاركون في الجلسة الافتتاحية أن الإسلام دين سلام وأن المواطنة ستقضي على أي حديث مرفوض حول أقليات أو غيره.

انطلقت في القاهرة أعمال المؤتمر الثاني والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والذي يُقام تحت عنوان "عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي".

وافتتحت أعمال المؤتمر بتلاوة القرآن الكريم، أعقبها كلمة وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، نيابة عن رئيس الوزراء استهلها بالاشارة إلى دعم الرئيس المصري مصطفى مدبولي المستمر للفكر الديني الوسطي المستنير بلا إفراط ولا تفريط وتأكيده على أهمية استقراء الواقع وفهم مستجداته ومتغيراته في ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف.

وأوضح الوزير المصري أن موضوع هذا المؤتمر وهو "عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي" موضوع تجديدي بامتياز ، حيث يهدف إلى ترسيخ أسس المواطنة على المستوى الوطني، وإلى الإسهام في صنع السلام وترسيخ مفاهيم العيش الإنساني المشترك على المستويين الوطني والدولي، كما يهدف إلى ترسيخ وتعميق أسس الولاء والانتماء الوطني من منطلق أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأن الوطن لكل أبنائه، وهو بهم جميعًا، وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن اختلاف الدين أو اللون أو الجنس، مما يتطلب ترسيخ أسس التسامح الديني وقبول الآخر على حريته في اختيار معتقده وحقه في إقامة شعائر دينه، وبما يضمن - أيضًا - إنصاف المرأة، والعناية بالضعفاء.

ولفت إلى أن هذا ما تعتمده الدولة المصرية كاستراتيجية ثابتة في بناء الجمهورية الجديدة، التي تعتمد مبدأ المواطنة المتكافئة كأحد أهم ثوابتها الوطنية.

وأوضح أن بحوث هذا المؤتمر قدمت دراسات علمية متميزة حول تطور مفهوم الدولة قديمًا وحديثًا، لبيان أن مفهوم الدولة ليس مفهومًا جامدًا، بل هو مفهوم شديد المرونة والسعة، حيث لم يضع الإسلام قالبًا جامدًا لنظام الإدارة والحكم، إنما فتح باب الاجتهاد في مجال الإدارة والسياسة الشرعية واسعًا، في ضوء ما يحقق مصالح البلاد والعباد، ويراعي فقه الواقع ومتغيرات الزمان والمكان والأحوال مع الحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف ومقاصده الكلية العامة. 

وأضاف "ركز عنوان المؤتمر على قضية السلام وجعلها غاية على المستويين المجتمعي والعالمي، فتحقيق السلام مطلب شرعي ووطني وغاية إنسانية يسعى إليها كل إنسان نبيل، وهو أصل راسخ في شريعتنا الغراء".

 وأكد الوزير المصري أن الدين الإسلامي دين السلام ، وأن السلام الذي نسعى إليه هو سلام الشجعان القائم على الحق والعدل والإنصاف، السلام الذي له درع وسيف وقوة تحميه، قوة رشيدة تحمي ولا تبغي، فالضعيف لا يملك سلامًا ولا يحمله ، ولا يمكن أن يصنعه ، إنما يصنعه الأقوياء الشجعان، فشجاعة السلام لا تقل عن شجاعة الحرب والمواجهة ، فكلاهما إرادة وقرار.

وقال جمعة: إذا أردنا سلامًا عالميًّا حتميًّا وعادلًا ومنصفًا، فلا بد من أن يحرص كل منا على عدم أذى الآخر بأي نوع من أنواع الأذى المادي أو المعنوي، أو أن يحاول النيل من معتقداته وثوابته الدينية أو الوطنية، وأن يحترم كلٌّ منا خصوصية الآخر الدينية والثقافية والاجتماعية وعاداته وتقاليده، وأن تكف كل دولة عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، أو محاولة إفشالها أو إضعافها أو إسقاطها ، من منطلق أن نعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، دون تكبر أو استعلاء".

وتابع: "من هنا من على ضفاف نيل أرض الكنانة نعلن للعالم كله أننا قد اجتمعنا متضامنين لنرسل رسالة سلام لكل محبي السلام في العالم، ونقول لكل عقلاء العالم؛ تعالوا لنطفئ نار العداوة والبغضاء، ونتعاون في حل مشكلاتنا المشتركة، ونعالج معًا تداعيات انتشار فيروس كورونا والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، ونجعل من مبادرات السلام الحقيقية بديلًا لظلم الإنسان لأخيه الإنسان بقصد أو بغير قصد، تعالوا معًا إلى كلمة سواء لننبذ كل مؤججات الحرب والاقتتال ونُحل محلها أُطر التعاون والتفاهم والتكامل والسلام".

وبدوره قال دكتور عبدالرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف، في كلمة ألقاها نيابة عن شيخ الأزهر إن المؤتمر بعنوانه يأتي كونه لبنة من لبنات إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك، معبرا عن رجاء شيخ الأزهر بخروج المؤتمر بتوصيات تحمي الفكر من الأفكار والمشروعات المغلوطة.

ولفت إلى أهمية  المواطنة والتعايش السلمي بين أبناء الشعب الواحد، بما يضحد الحديث الموجه عن الأقليات والذي يُترك مع حديث المواطنة العادلة.

وبدوره تحدث د.عبداللطيف آل شيخ وزير الشؤون الإسلامية السعودي عن مساعي إيران لتصدير الثورة الإسلامية، عبر ما تقوم به من دعم لجماعة مارقة في اليمن وغيرها داعيا إلى الوقوف في مواجهة دول تصدر الإرهاب وتسعى إلى تصدير أيدلوجيتها ما يعد تدخل مرفوض يحتاج وقت لوقفات.

كما شدد على ضرورة التصدي لفكر الجماعات والأطراف المتطرفة التي قد تُصدّر أفكارها المتطرفة.