لا تبتعد الحرب السودانية الطاحنة حاليًا كثيرًا عن التدخلات الإقليمية والدولية في المنطقة خاصة في السودان، وتلك التدخلات رسمت الكثير من ملامح الدعم الخارجي الذي يتلقاه الطرفين المتحاربين.
يتضح ذلك في خريطة تحالفات الدعم السريع، والذي رغم وصفه من قبل حكومة بلاده بالجماعة "المتمردة" إلا أن هذا الوصف لم يلق صدى دولي وظلت البيات الرسمية تتحدث عن الطرفين المتحاربين، وتراوح الإسناد الخارجي لقوات حميدتي ما بين السياسي وصولاً إلى العسكري واللوجستي على الأرض كما كشف الفريق كباشي المتحدث باسم الجيش السوداني.
الدور الإماراتي
"صنيعة الإمارات" بتلك الكلمات أوضح غالب طيفور الشايب، القيادي في الجبهة ثورية المدنية العلاقة التي تجمع الدعم السريع مع أبو ظبي، موضحًا أن الإمارات هي من تصرف على الدعم السريع، وكانت السبب في زيادة عدد مقاتلي حميدتي ٨٠ ألف مقاتل بعد الثورة، وحتى عملية استخراج الذهب التي تقوم بها قوات الدعم شاركت فيها الإمارات بمعدات وآليات، تلك العلاقة التي بدأت من إشراك مقاتلي الدعم السريع في حرب اليمن وصولاً أن أصبحت الإمارات هي تدير ميليشيات الدعم السريع.
وأكد الشايب في تصريح خاص لوكالة فرات للانباء، أن المال الإماراتي لم يتوقف عند الدعم السريع، ولكن اشترت أبو ظبي أحزاب قوى الحرية والتغيير وبعض النشطاء السياسيين عبر حميدتي، مبينًا أن المخطط كان تفكيك القوات المسلحة واستبدالها بميليشيات الدعم السريع على غرار التجربة العراقية، على أن يعود حمدوك الذي يعيش حاليًا في الإمارات ليدير المرحلة الإنتقالية ومعه أحزاب الحرية والتغيير في المرحلة الإنتقالية، ويتم تلميع حميدتي ليصبح رئيس للسودان ويتخذ تلك الأحزاب كحاضنة سياسية له.
حفتر
وأردف، أن دعم حفتر للدعم السريع هو بإيعاز إماراتي، لأن أبو ظبي هي من أهم الداعمين الإقليميين للجنرال الليبي، غير المصالح المشتركة التي تجمع الطرفين بسبب قتال قوات الدعم السريع كمرتزقة بجوار قواته في ليبيا.
العلاقات مع روسيا
وتطرق القيادي في الجبهة ثورية المدنية إلى العلاقة التي تربط حميدتي بموسكو وقوات فاغنر، مبينًا أن أحد أخطاء حميدتي، أن أحلامه وطموحاته جعلته يتحالف مع بوتين ويدعم قواته في أفريقيا الوسطى والنيجر وليبيا على حساب النفوذ الفرنسي، تربطه بالميليشيات الروسية علاقات إقتصادية خاصة في حماية مناجم جبل عامر وبيع الذهب لروسيا وهي في أشد الحاجة له بعد العقوبات الإقتصادية للغرب والتي توجه جزء منها للروبل.
وأشار الشايب إلى أن علاقة فاغنر مع حميدتي تسببت في تخوف أمريكي من حميدتي لأن تمدد الروس يعني إنكماش للدور الغربي لدول مثل فرنسا والبرتغال، وهو ما ظهر في شكل بيانات علنية من الخارجية الأمريكية وقبلها الصحف ألأمريكية الكبرى تحذر من الأمر.
تشاد
ولعبت تشاد ورئيس مجلسها العسكري الحالي محمد كاكا دور هام في هذا الأمر، حيث قام كاكا بمقابلة البرهان وذلك بإيعاز من فرنسا للحد من نفوذ فاغنر في السودان ولكن البرهان أوضح له انها تتبع حميدتي وبين الطرفين إتفاقيات وعلاقات إقتصادية وعسكرية.
وقابل رئيس المجلس العسكري التشادي حميدتي الذي رفض ذلك وتحدث عن وجود عقود تربطه مع فاجنر لا يمكنه التخلي عنها.
بينما أوضح محمود إبراهيم مدير مكتب القاهرة للحركة الشعبية قطاع الشمال، أن الموقف الرسمي لتشاد مع الجهة الرسمية وهي القوات المسلحة السودانية ولكن تركيبة السكان في تشاد هي نفسها التركيبة السكانية في دارفور، لها تركيبة إثنية من القبائل العربية والقبائل الأفريقية، فكل مكون سيدعم الطرف التابع له في السودان والتي تحقق مطامحه.
وأكد إبراهيم في تصريحات خاصة لوكالة فرات، أنه توجد مكونات تشادية مثل أم التيمان والجوز والشمال التشادي ومناطقه المتاخمة للسودان، والتي تشكل القوة الضاربة للجيش التشادي، ستحارب مع القوات العربية التي على رأسها قوات الدعم السريع، وعلى الجانب الآخر توجد قبائل تشادية غير عربية مثل قبائل وداي والزغاوة ستدعم الجيش السوداني.
الدور الإسرائيلي
"كلما طال أمد الحرب سيحدث تدويل لها واستقطاب ودعم إقليمي ودولي للطرفين" بتلك الكلمات أستهل جعفر القمرابي الصحفي والإعلامي السوداني حديثه عن الدعم الدولي والإقليمي في السودان للطرفين المتحاربين، مبينًا أن الدول الغربية الكبرى مثل الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي يطالبان بوقف الحرب وعودة الحكومة المدنية للسودان.
وأكد القمرابي، أن إسرائيل لديها علاقة قوية بكلا طرفي الصراع فهي وقعت معاهدة تطبيع مع البرهان والذي قابل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعلى الجانب الآخر الدعم السريع ليس عنده إشكال في التعامل مع اسرائيل وتوجد لقاءات بين الدعم واسرائيل.
وأضاف، أن الحكمة تفرض على الدول الغربية ألا يكون لديها موقف معلن لصالح أحد الأطراف، ولكن من المتوقع ان يكون هناك تغيير في المواقف الدولية بعد ما اتضح أن الاسلاميين هم من وراء الحرب وفي محاولة للرجوع والحفاظ على امتيازاتهم الاقتصادية التي ستنتزع منهم في ظل الدولة المدنية.
الدور الإثيوبي
بينما كشف علاء الدين آدم، القيادي بحركة تمرد السودان، عن علاقة اخرى تتحكم بتحركات الدعم السريع وهو موقفه من مصر وإثيوبيا، والذي أتضح من خلال إحتجاز الجنود المصريين في قاعدة مروى الجوية، مبينًا أن ذلك يعود لعلاقة حميدتي القوية مع إثيوبيا وأبي أحمد بحكم العلاقة الطيبة التي تجمع أديس أبابا مع الإمارات.
وأكد آدم في تصريحات خاصة لوكالة فرات، أن حميدتي قائد قوات الدعم السريع في السودان والأحزاب الموالية له في قوى الحرية والتغيير دعموا الكثير من التحركات المناهضة لمصر لمصلحة إثيوبيا، مثل "ترس الشمال" وإغلاق الطريق الواصل بين مصر والسودان الذي تستخدمه الشاحنات التي تنقل البضائع بين البلدين.
وأضاف القيادي بحركة تمرد السودان، إن اللجان الإلكترونية التي تفرق مصر والسودان وتشعل الفتنة بين البلدين هي لجان مأجورة وكثير منها تم تمويله من قوات الدعم السريع، وحميدتي لا يخفى أنه متعاقد مع شركة بـ 6 ملايين دولار كندية للتسويق الإعلامي وتلميعه أمام الشعب السوداني، ويستخدمها حاليا في الاشتباكات التي تحدث بين الجيش السوداني والدعم السريع.