أكد الدكتور أحمد سيد أحمد الخبير العلاقات دولية والشؤون الأمريكية بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، أن قيام تركيا بأي عملية محتملة ضد الشمال السوري أمر لن تقبل به الولايات المتحدة الأمريكية الآن بل وان مثل هذه الممارسة قد تؤدي إلى توتير العلاقات الأمريكية التركية من جديد، وقد يدفع ذلك بالولايات المتحدة إلى فرض عقوبات جديدة على تركيا.
وكان وزير الخارجية الأمريكي قد حذر تركيا، في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، من تجاوز خطوط وقف إطلاق النار، المتفق عليها مسبقاً، وإطلاق عملية عسكرية جديدة في سوريا، مؤكدًا أن ذلك سيعرض المنطقة للخطر، كما دعا تركيا إلى التمسك بخطوط وقف إطلاق النار التي أقيمت في عام 2019، وذلك في ظل التصعيد التركي الأخير وإعلان أردوغان الأخير عن عملية عسكرية جديدة ستستهدف الشمال السوري وخاصة منبج.
وأوضح الدكتور سيد أحمد في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء ANF، أن تحذير وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن لتركيا من القيام بعملية عسكرية في شمال سوريا وما تعتبره أمريكا أنه تجاوز للخطوط المرسومة، المتفق عليها سابقا وعملية وقف إطلاق النار، يمثل تحذيراً قوياً من الإدارة الأمريكية لتركيا التي دائما ما تتسم سياستها بالانتهازية والبرغماتية حيث تحاول الآن توظيف الأزمة الأوكرانية الروسية وانشغال أمريكا والغرب بالأزمة الأوكرانية.
وأضاف: "أيضا استخدام الاستقطاب ما بين روسيا من ناحية والدول الأوروبية وأمريكا من ناحية أخرى لتنفيذ مخططاتها للقيام بعملية عسكرية في شمال سوريا. كما حدث من قبل في 2018، 2019 وما يسمى بغصن الزيتون ونبع السلام وغيرها من العمليات التي شهدت أولاً، انتهاكاً لسيادة الدولة السورية، وثانياً، انتهاكاً وتعدياً على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، ما يترتب عليها من ارتكاب أعمال عنف وقتل بحق المدنيين الأبرياء في هذه المنطقة. كما أنها تعد انتهاكاً لوقف اطلاق النار ايضاً. والخطوط المرسومة التي تم التوصل إليها برعايات مختلفة منها روسيا وأمريكا"
وكان بلينكن قد قال خلال المؤتمر الصحفي: "إن القلق الذي يساورنا هو أن أي هجوم جديد من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي يوفر للقوى الخبيثة فرصاً لاستغلال عدم الاستقرار" لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تواصل بشكل فعال قتال داعش داخل سوريا مع شركائها هناك، ولا تريد أن ترى أي شيء يعرض الجهود المبذولة لإبقاء داعش في الصندوق الذي وضعوه فيه للخطر.
ويؤكد الدكتور سيد أحمد أن التحذير الأمريكي يقول لتركيا إن القيام بعملية عسكرية من شأنه إنهاء الاستقرار، مضيفاً: "اعتقد أن إدارة بايدن كان لديها علاقات متوترة مع تركيا في السابق. وهي معترضة بشكل أساسي على العملية العسكرية التركية في شمال سوريا. حتى ربما بخلاف إدارة الرئيس ترامب التي كانت تغض الطرف عن مثل هذا العمل، اعتقد أيضاً أن هذه العملية قد تدفع إلى نوع من التوتر في العلاقات التركية الأمريكية مرة أخرى بسبب السياسات التركية"
وأردف: "لكن السؤال هنا، هل فعلاً الولايات المتحدة قادرة على منع أو معاقبة تركيا إذا ما قامت بهذه الأمور؟ أنا في اعتقادي أن تركيا ربما تلجأ إلى توظيف الأزمة الأوكرانية من خلال ابتزاز الجانب الأمريكي والغربي بعدم الوقوف مع روسيا في مقابل ان تغض الطرف عن عمليتها العسكرية، لكن أنا في اعتقادي أن ادارة الرئيس بايدن ربما لن ترضخ لهذه الضغوط أو لعملية الابتزاز هذه"
وتابع: "أنا اعتقد أيضاً أن هذا قد يدفع ربما إلى فرض عقوبات مرة أخرى كما حدث في فترات سابقة أو استمرار العقوبات الأمريكية بمنع تصدير الطائرات المتطورة F 35 إلى تركيا أو اتخاذ عقوبات اقتصادية. لكن أنا في اعتقادي أن تركيا تحاول الآن التلويح وتوظيف الظروف. لكن في نهاية المطاف هناك أجواء مغايرة، أجواء متغيره"
واستطرد: "روسيا أيضاً موجودة في سوريا رغم الأزمة الأوكرانية وموجودة في الغرب السوري. وهي ـ روسيا ـ تحاول على الاقل إبقاء الأوضاع هادئة وغير متوترة في الشمال السوري. لكن في نهاية المطاف اعتقد أن اقدام تركيا على هذه العملية لن يعرض المنطقة للخطر فحسب، بل إنه قد يؤدي إلى تغيير المعادلات الموجودة في سوريا، وقد يؤدي ذلك لأزمة خطيرة. لذا فإن إدارة بايدن تحاول أن تتخذ موقف متشدد تجاه ما تقوم به تركيا في الشمال السوري الآن"
وكان أردوغان قد تحدث أمس، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، عن تنفيذ قرار بإنشاء منطقة بعمق 30 كيلومترا، يمكنه تهجير مليون لاجئ سوري يقيمون في تركيا منذ اندلاع الأحداث في سوريا إليها. ما يعني احتلالاً يتبعه تغيير ديموغرافي خطير على المنطقة في كل من منبج وتل رفعت، وهو الأمر الذي أعلنت الولايات المتحدة خطورته وحذرت منه على لسان وزير خارجيتها.