أولها للاحتلال التركي.. 4 لاءات مصرية في مباحثات "شكري – المقداد"

اتجهت الأنظار اليوم إلى العاصمة المصرية "القاهرة"، والتي شهدت لقاء ثنائي بين وزير الخارجية المصري ونظيره في حكومة دمشق فيصل المقداد، كأول زيارة لوزير خارجية سوري منذ زيارة وزير الخارجية الراحل وليد المعلم إلى مصر عام 2009.

البيان الرسمي لهذه الزيارة تحدث عن جانبيها الإنساني فيما يتعلق بدعم السوريين بعد الزلزال المدمر، وكلك مسار العلاقات الثنائية وتطورات الوضع السياسي في سوريا، إلا أنه بحسب ما صرحت مصادر مختلفة لوكالة فرات للأنباء فإن المسكوت عنه في البيان أكثر، إذ أن الزيارة ناقشت أيضا:

-- إمكانية التقارب بين تركيا والنظام السوري في ظل مؤشرات التقارب الكبيرة خلال الفترة الأخيرة بين القاهرة وأنقرة.

-- الوضع في شمال سوريا وتحديدا المناطق الخاضعة للاحتلال التركي أو المناطق الكردية، في ظل تمسك القاهرة بخروج القوات التركية من شمال سوريا وهو نفس ما يعلنه النظام السوري بشان التقارب مع تركيا.

-- إمكانية عودة دمشق إلى مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية والذي جرى تجميده منذ عام 2011، إثر اندلاع الاضطرابات والحرب الأهلية السورية.

لا لاستمرار الوجود التركي في الشمال السوري

في هذا السياق، أكدت مصادر مصرية لوكالة فرات للانباء أن المباحثات بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوري تطرقت إلى مسار العلاقات السورية التركية، وإمكانية تقريب وجهات النظر في ظل تراجع كبير يشهده الموقف التركي وخصوصا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وأعرب الجانب المصري في هذا الصدد عن ثوابت القاهرة تجاه الوضع في سوريا وتحديدا الشمال، إذ جرى التأكيد على ضرورة خروج القوات التركية التي تحتل شمال سوريا وتحديدا المناطق الكردية، والتمسك بسيادة سوريا، باعتبار أن التقارب السوري التركي من شأنه أن يكون له انعكاسات كبيرة على مسار العملية السياسية في سوريا والتي تتمسك مصر كذلك بضرورة المضي قدما نحو حل سلمي.

وتعقيبا على ذلك، يقول طارق البرديسي خبير العلاقات الدولية إن مصر دائما حريصة على التوازن في علاقاتها الخارجية، بما في ذلك العلاقات مع سوريا، وحتى في ظل القطيعة العربية كانت القاهرة حريصة على الاتصال مع دمشق، والتنسيق على المستويات خصوصا الأمنية.

وأضاف "البرديسي"، في تصريحات لوكالة فرات للانباء، أنه في ضوء معطيات التقارب المصري التركي، فإن القاهرة يمكنها أن تلعب دورا في تقريب وجهات النظر بين تركيا وسوريا، وهذا ليس أمرا جديدا على الدور المصري، لافتا إلى أنه يجب الأخذ في الاعتبار كذلك أن هناك انتخابات في تركيا وبالتأكيد سيكون لها تغييرات مفصلية على العلاقات بين النظامين السوري والتركي.

لا للجماعات الإرهابية والمرتزقة الذين دمروا سوريا

وأكد الجانب المصري كذلك ثوابته، برفض أي وجود للجماعات الإرهابية خصوصا وأن غالبية تلك المجموعات يوالون تركيا، وأنه لا قيام لدولة سورية دون خروج تلك المجموعات والمرتزقة الذين أتت بهم "أنقرة"، وأن هذا أمر موضع نقاش كذلك في إطار التقارب المصري التركي.

وقال خبير العلاقات الدولية طارق البرديسي إن هذا يأتي أيضا في ضوء رؤية القاهرة لتطبيع العلاقات في منطقة الشرق الأوسط، والحفاظ على السلام والهدوء، لأن السنوات الماضية أثبتت أن كثير من السياسات أصبحت خاطئة.

وأكد "البرديسي" أن مصر تتلاقى هنا مع السوريين والأتراك في إطار ضوابط يأتي على رأسها الحفاظ على سيادة الدولة السورية، ورفض أي وجود للميليشيات الإرهابية والمرتزقة الذين يهددود سلام واستقرار دول المنطقة.

لا لاستمرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية

بحسب المصادر، تطرقت المباحثات أيضا إلى ملف عودة سوريا إلى مقعدها المعلق في جامعة الدول العربية منذ عام 2011، إذ ترى القاهرة أن عودة الحكومة السورية إلى الجامعة يمكن أن يساهم في دعم المسار السياسي وعودة الأوضاع إلى طبيعتها في سوريا، خصوصا وأن الواقع أثبت استحالة إسقاط النظام السوري.

وأكدت المصادر أن عودة سوريا لعضويتها في جامعة الدول العربية مسعى تقوده مصر، بل وأصبح هناك عدد كبير من الدول العربية لا تمانع في ذلك، بما في ذلك دول رئيسية كانت رافضة منها المملكة العربية السعودية التي لا تستبعد استعادة العلاقات مع دمشق.

بدوره، يقول الدكتور أيمن سمير الخبير في العلاقات الدولية إن زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يمكن وصفها بالتاريخية، مضيفا في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، أن القاهرة كانت طوال الأزمة تحرص على الحيلولة دون ذهاب من يسمون بـ"الجهاديين" إلى سوريا وتحركت دوليا لرفض ذلك ولهذا أخذت العلاقات بين القاهرة ودمشق بعدا مختلفا مقارنة ببقية الدول العربية.

وأضاف "سمير" أن مسار عودة العلاقات الطبيعية والرسمية بين مصر وسوريا يبدو ممهدا، إذا أخذنا في الاعتبار الاتصالات الرسمية التي أعقبت أحداث الزلزال المدمر في سوريا، حيث أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالا هاتفيا برئيس النظام السوري بشار الأسد في 8 فبراير، ثم زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق.

ويرى خبير العلاقات الدولية أن هذه الزيارة والانفتاح المصري على دمشق ونحن ننتظر اجتماع جامعة الدول العربية المقبل، فإن هذا يشكل دعما كبيرا لفكرة ومسار عودة سوريا للمحيط العربي.

واستدرك "سمير": "لكن في رأيي فإن هذا المسعى المصري يواجه لطلب أمريكي صريح بعدم التعامل مع الحكومة الموجودة في دمشق، إلا أن سعي الدول العربية في المشرق والمغرب بالانفتاح على دمشق يؤكد أن الدول العربية تفكر الآن في وصفة عربية للحلول العربية وليس انتظار حل يأتي من الخارج".

لا لقضم أي أجزاء من أراضي سوريا

وقال خبير العلاقات الدولية إن هناك مجموعة من الملفات المهمة التي سيعمل عليها البلدان، ومنها مكافحة الإرهاب، وإعادة إعمار سوريا، وأيضا قضية الغاز، أي إمكانية انضمام سوريا إلى منتدى غاز شرق المتوسط، وهو ملف يخدم مصالح البلدين.

ولفت "سمير" إلى أن مصر ستدعم سوريا في المجال السياسي أو الحل السياسي بما يحافظ على وحدة وسلامة سوريا واستيعاب كل أبنائها في العملية السياسية، لكن الزيارة تأتي قبل حدث مهم وهو الاجتماع الرباعي الذي سيضم وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا، وانفتاح مصر على دمشق في هذا التوقيت يشكل دعما مهما لدمشق.

وأشار الدكتور أيمن سمير كذلك إلى أن مصر تؤكد بشكل علني أنها ضد دخول أي قوات أجنبية دون التنسيق مع الحكومة السورية، بما في ذلك القوات التركية والتي تتواجد بشكل غير شرعي، كما أن مصر ترى أن فكرة احتلال أراض سورية أو قضمها استغلالا للظروف التي مرت بها سوريا أمر مرفوض، وهو ما تؤكد عليه مصر في مختلف البيانات المصرية.