"أردوغان يُلفِّق تُهَم الإرهاب لـ 16 صحفياً كردياً بعد ثمانية أشهر من اعتقالهم"

لا تتوقف انتهاكات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه الصحفيين، خصوصاً عندما يكون هؤلاء الصحفيين من الكرد، حيث أن تُهَمَهُ جاهزة، يلصقها لكل من لا يخضع لسلطانه ويعارضه، ألا وهي تهمة الإرهاب.

أحدثْ تلك الانتهاكات، توجيه تهمة الإرهاب لـ 21 شخصاً بعد 10 أشهر من اعتقالهم، وغالبيتهم صحفيون كرد ومحتجزين في سجن آمد (ديار بكر) جنوب شرق البلاد منذ شهر حزيران 2022، بحسب ما كشفت إذاعة "صوت أمريكا" بنسختها التركية.

تفاصيل اعتقال الصحفيين الكرد منذ 10 أشهر ثم اتهامهم بالإرهاب

اصدرت محكمة تركية في شهر حزيران من عام 2022 حكماً بسجن16 معتقلاً من أصل 21، من بينهم سردار آلتان، الرئيس المشترك لجمعية صحفيي دجلة والفرات  (DFG)، ورئيس تحرير وكالة أنباء ميزوبوتاميا (MA)  عزيز أوروتش، ومديرة أخبار  JinNews صفية آلجاش، بعد أن تم احتجازهم لمدة ثمانية أيام، في خطوة أثارت غضب سياسيين معارضين وصحفيين ونشطاء حقوقيين.

وجاء اعتقال هؤلاء الصحفيين الكرد في إطار عملية أشرف عليها مكتب المدعي العام الجمهوري في مدينة آمد، بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، وبعد 10 أشهر من الاعتقال تم إرسال لائحة الاتهام، التي لم يطلع عليها محامو الدفاع بعد، إلى المحكمة الجنائية الرابعة في آمد لمراجعتها، فإذا قبلت المحكمة لائحة الاتهام في غضون 15 يوماً، ستبدأ الاستعدادات للمحاكمة، فيما يقول رسول تيمور، محامي الصحفيين، إنه يأمل أن تقبل المحكمة لائحة الاتهام وتبرئ الصحفيين من التهم الموجهة ضدهم.

وتزامنا مع ذلك، تم تأجيل إطلاق سراح الصحفية ديلان أويناش وعبد القادر توراي، وكلاهما مراسلين لوكالة أنباء دجلة المغلقة الآن، بسبب قرارات اتخذتها مجالس الإفراج المشروط في السجون، وذلك لعدم إبدائهما الندم.

وقد تم تأجيل إطلاق سراح أويناش، التي انتهت عقوبتها في 26 نيسان 2022، أربع مرات، حين تم تأجيل إطلاق سراح توراي، الذي من المفترض أنه كان سيقضي عقوبة تمتد حتى 2025، لعدم إبدائه الندم هو الآخر.

تركيا تتحول في عهد "أردوغان" إلى سجن كبير للصحفيين

ومن الشائع أن يواجه الصحفيون في تركيا، التي لها سجل في تقييد حرية الصحافة، التهديدات والاعتداءات الجسدية والمضايقات القانونية بسبب عملهم، حتى أن تركيا وصفت في كثير من وسائل الإعلام الدولية أنها تحولت في عهد "أردوغان" إلى سجن كبير للصحفيين.

وتتهم الجماعات الحقوقية باستمرار الحكومة التركية بمحاولة إبقاء الصحافة تحت السيطرة من خلال سجن الصحفيين، والقضاء على وسائل الإعلام، والإشراف على شراء العلامات التجارية الإعلامية من قبل التكتلات الموالية للحكومة واستخدام السلطات التنظيمية لممارسة ضغوط مالية، خصوصاً بعد محاولة الانقلاب المزعومة ضد "أردوغان" عام 2016.

تركيا التي تُعد من بين أكبر الدول التي تعتقل الصحفيين في العالم، احتلت المرتبة 164 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2023 الصادر عن مراسلون بلا حدود الذي صدر مؤخراً.

ما يجري استهداف ممنهج للمكون الكردي

في هذا السياق، يقول مصطفى صلاح الباحث المتخصص في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، إن الصحافة جزء لا يتجزأ من طبيعة الرأي العام الداخلي، وفي تركيا نستطيع القول أن الصحافة يتم تأميمها لخدمة النظام التركي، أما لو تحدثنا عن الصحفيين الكرد، فالمكون الكردي يتعرض بشكل خاص لاستهداف ممنهج.

وأضاف "صلاح" قائلا: "لو نظرنا منذ فترة محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، فإن هناك العديد من الإجراءات التي قام بها النظام ضد الصحافة، مثل مصادرة الصحف والقبض على العاملين بها والاستيلاء على مصادر تمويلها، وتعديل الدستور بما يسمح بوجود إجراءات من شأنها عرقلة حرية الصحافة سواء نوعية التهم أو العقوبات أو كيفية ترخيص الصحف ذاتها".

وتحدث الباحث في الشأن التركي عما يعرف بـ "قضايا إهانة أردوغان وأقارب أردوغان"، ويلفت إلى أنه تقريباً غالبية الصحفيين المعتقلين تم توجيه الاتهام لهم بإهانة الرئيس أو أحد أقارب الرئيس، وهذا أمر لم تكن تعرفه الصحافة التركية من قبل، ولم تكن تعرف العمل على منع الصوت الآخر.

وفي ختام تصريحاته، يقول صلاح:" إن السمة العامة للنظام التركي هو الضغط الدائم على الكرد سواء صحفيين أو مواطنين أو أكاديميين، مضيفاً أن أردوغان يمارس استهدافاً ممنهجاً ضد الكرد في كافة الجوانب وعلى الجميع بما في ذلك الصحفيين، سواء بالاعتقالات ومصادرة أموالهم واستهدافهم عسكرياً وحصارهم قضائياً".

مديرية الاتصالات الحكومية تخنق الإعلام التركي

وكان الرئيس التركي ابتدع مديرية الاتصالات الحكومية التي يعمل بها نحو 1500 موظف لخنق الإعلام التركي، حيث أكد تقرير سابق لوكالة "رويترز" للأنباء، وهي التي تتولى توجيه التعليمات لوسائل الإعلام وتعج طوال اليوم بعشرات المقابلات التي تمتدح النظام التركي.

إلى جانب دور مديرية الاتصالات في توجيه صناعة الأخبار بما يخدم الرئيس التركي، فإن النظام التركي لعب بشكل كبير على عائدات الإعلانات، والتي يتم توجيهها للصحف التي تواليه، بينما الصحف المعارضة لا تذهب لها الإعلانات مما يجعلها في ضائقة مالية باستمرار.

التقارير تشير كذلك إلى أمر خطير، وهو أن غالبية الإعلاميين المستقلين عادة ما يواجهون اتهامات جاهزة بخرق قوانين الإعلام في الدولة، وقد يصل الأمر إلى اتهامات بانتقاد الرئيس والتي تحولت إلى أمر يستوجب المحاكمة.