"الثقة منعدمة في الأسد".. الانقسامات تضرب اجتماع جدة حول عودة النظام السوري للجامعة العربية

كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة كواليس بعض مما جرى في اجتماع جدة بالمملكة العربية السعودية بشأن بحث عودة النظام السوري إلى مقعده بجامعة الدول العربية، وهو الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب كل من مصر والعراق والأردن.

وأتى الاجتماع في وقت تتسارع جهود بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإعادته إلى الجامعة العربية، وسط حديث عن مبادرة أردنية تتضمن تسوية مشروطة للأزمة السورية.

الكويت والمغرب وقطر أكثر من يعارضون عودة النظام للجامعة

وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة، لوكالة فرات للأنباء، إنه عكس ما بدا أو ما يروج له النظام السوري بأن عودة دمشق إلى الجامعة العربية قريبة، إذ سيطرت حالة من الانقسام بين ممثلي الدول التي اجتمعت في جدة أمس، في ظل عدم قناعة بعضهم بأنه يجب أن تكون عودة النظام للجامعة مشروطة بخطوات ملموسة على الأرض.

وجاء على رأس الدول التي تعارض هذه العودة كل من قطر والمغرب والكويت، وخصوصا أن هذه الدول ترى أن النظام السوري قدمت له فرص كثيرة، لكنه لم يقدم أي شيء من أجل التوصل إلى حل سياسي وتحريك المياه الراكدة في الأزمة السورية.

وأكد المصادر أن الدول المعارضة ترى ضرورة أن يقترن هذا بما سيقدم عليه النظام في الفترة المقبلة إعمالا لمبدأ "خطوة بخطوة"، وخصوصا وأن تلك الدول ليس لديها ثقة كبيرة في قناعات بشار الأسد نحو التوصل إلى حل سياسي للأزمة.

وكان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني صرح علنا قبيل الاجتماع بأن عودة دمشق إلى مقعدها بجامعة الدول العربية مجرد تكهنات، مشددا على أن أسباب تعليق عضوية دمشق في الجامعة لا تزال قائمة، وأن عودتها في الوقت الحالي غير مطروحة.

البيان الختامي لم يتطرق لعودة دمشق إلى الجامعة العربية

وشدد البيان الختامي للاجتماع التشاوري الذي عقد في جدة، مساء الجمعة، على ضرورة الحفاظ على سيادة سوريا بإنهاء وجود الميليشيات، مؤكدا أن الحل السياسي هو الوحيد للأزمة السورية. وطالب البيان الختامي الذي أصدرته وزارة الخارجية السعودية للاجتماع التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس ومصر والأردن والعراق بدور قيادي عربي لحل الأزمة السورية. كما طالب بوحدة سوريا وإعادتها لمحيطها العربي، مشددا على أهمية مكافحة ظاهرتي الإرهاب وتهريب المخدرات. دون أن يكون هناك حديث واضح عن مسألة عودة سوريا للجامعة العربية.

وفق البيان، الذي صدر عن وزارة الخارجية السعودية، تم التشاور وتبادل وجهات النظر حول الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ينهي كافة تداعياتها ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي بما يحقق الخير لشعبها.

أيضا أكد الوزراء على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، وأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود.

المبادرة الأردنية مقترنة بشروط

وكانت وسائل إعلام غربية من بينها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية كشفت مؤخرا عن تقديم الأردن مبادرة بشان عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، إلا أن هذه المبادرة تضمنت مجموعة من الشروط إن التزم بها النظام السوري سيتم تطبيع العلاقات العربية معه، فضلا عن المساعدة بملايين الدولارات في إعادة الإعمار خصوصا بعد الزلزال المدمر، وكذلك مطالبة الدول الغربية برفع العقوبات الاقتصادية على النظام.

وفقا للمبادرة، فإن النظام السوري مطالب بفتح حوار مع المعارضة من شأنه إشراكها في العملية السياسية والتوصل لحل سياسي سلمي للأزمة السورية، كما تتضمن المبادرة السماح بنشر قوات عربية لتأمين عودة اللاجئين السوريين الذي يشعرون بالقلق، وأن يعمل النظام على تقليص النفوذ الإيراني في البلاد، إلى جانب بذل جهود أكبر للحد من تهريب المخدرات خصوصا عبر الحدود إلى الأردن.

الرهان على بشار الأسد مرة أخرى خاسر

من جهته، قال حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، إن النظام السوري لن يلتزم بأي من المطالب التي تقترحها عليه الدول العربية، مؤكدا أنه نظام ديكتاتوري وأن الشعب السوري لن يقبل إلا بأن يرحل بشار الأسد.

وأضاف "العبيدي": "بشار الأسد لن يبتعد عن إيران وميليشياتها، ليس لأنه إيران دعمته فقط وساعدته في الصمود وقلب الموازين لصالحه إلى جانب الدعم الروسي، ولكن لأن التوغل الإيراني في سوريا بات أكبر حتى من قدرات بشار الأسد".

وشدد المحلل السياسي العراقي على أن الرهان العربي على بشار الأسد سيكون خاسرا، وحتى لو حدث تطبيع للعلاقات معه فسيكون مجرد علاقات ذات طابع رسمي، أما مسألة عودته للجامعة العربية فربما تتأخر، حسب الموائمات التي تجري بين الدول العربية وخصوصا تلك التي اجتمعت في مدينة "جدة" بالسعودية.