قال محمود الشناوي مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط والخبير في الشؤون الإقليمية إن الأزمة في العراق ترتبط بصراع الإرادات ومحاولة الهيمنة على السلطة، ومصدر القرار المتمثل برئاسة الحكومة العراقية، وترجع البدايات إلى إعلان نتائج الانتخابات بتفوق الكتلة الصدرية بفارق كبير 73 مقعد، ومن ثم إعلان تحالفها مع السنة والكرد لتشكيل الكتلة الأكبر، وهو ما جعل الأحزاب الشيعية ترى فيه أنه تحالف موجه بالضد منها لمنع مشاركتها في الحكومة والقرار السياسي، حيث المعتاد في العقدين الاخيرين أن تشكل الحكومات وفق مبدأ المحاصصة وبمشاركة الجميع، وهو أمر أعلن مقتدى الصدر رفضه له داعيًا إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية مع وجود معارضة قوية.
وأضاف الشناوي في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء ANF، "المشكلة برايي أصبحت تتعلق الآن بصراع وجود إذ أن رئيس ائتلاف دولة القانون والرجل القوى حليف إيران نوري المالكي، يرى أن الصدريين إذا ما شكلوا الحكومة سوف ينكلون به وربما ينهون مستقبله السياسي، وفق ما نقرأ من خطاب إعلامي لأنصار الكتلة الصدرية في الأشهر الماضية، وهو ذات الأمر الذي يتخوف منه الصدريون إذا ما تسلم المالكي السلطة وفق ما أوضحته التسريبات الصوتية التي تم نشرها مؤخرًا.
وأوضح الشناوي أن انعدام الثقة بين الطرفين أزّمت الوضع بشكل كبير، ولاسيما أن توجيه الصدر لنوابه بتقديم استقالاتهم، تم مواجهته بمليء الفراغ في البرلمان بمرشحين أغلبهم من الإطار التنسيقي الذي يتزعمه المالكي ويضم قوى شيعية أخرى، وبالتالي أصبحت له الكلمة العليا، وهو ما لم يضعه الصدريون في حساباتهم كما أرى، ما أدى إلى اللجوء إلى الشارع.
وأشار إلى أن إعلان المرجع الشيعي كاظم الحائري، وهو المرجع المعتمد لأنصار الصدر اعتزاله، ودعوة اتباعه إلى مرجعية المرشد الإيراني علي خامنئي وتنحية مقتدى الصدر من اعتلاء عرش المرجعية، التي كان يستعد لها، أدى إلى انفجار الوضع ووصول العراق إلى حافة حرب أهلية جديدة ولكنها شيعية- شيعية هذه المرة.
وأعرب الشناوي عن اعتقاده بأنه "رغم دعوة الصدر أنصاره للتهدئة وعدم استخدام العنف، إلا أن الوضع على ما هو عليه معقد جدًا، ورغم محاولة أطراف عدة التوسط لحل النزاع، إلا أن التزمت والإصرار على المواقف هو الغالب، ومع ذلك رغم أن المخاوف من الوصول إلى صدام مسلح قائمة، إلا أنني شخصيًا استبعد ذلك لأن الأطراف جميعها تعرف مدى خطورة ذلك، ولاسيما أن العراق سبق وأن اكتوى بنار الطائفية، فكيف بحرب شيعية شيعية يمكن أن تقسم العائلة الواحدة، والعشيرة الواحدة، لذلك نستبعد هذا الأمر".
وأكد الشناوي أن الحل الأمثل تشكيل حكومة مؤقته من المستقلين، تقوم بالاعداد لانتخابات جديدة، وتعديل قانون الانتخابات بما يتوافق مع أحكام المحكمة الاتحادية، إضافة إلى قيام المحكمة الدستورية بتعديل قراراها بشأن الكتلة الأكبر وإصدار توضيح عملي وقرار ينسجم مع إجراء الانتخابات، وهو أمر ممكن بعد تصريحات لرئيس مجلس القضاء الأعلى بأن الرجوع عن الأحكام السابقة أمر ممكن. وعلى الجميع التوافق على ذلك بغض النظر عن المصالح الخاصة، والتزام معيار المصلحة الوطنية العامة وتجنيب البلد خطر الانهيار .
ونوه مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط بجهود الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وتأكيده على منهج الحوار وتأصيل المشتركات بين القوى السياسية للخروج بمشروع وطني متكامل تشارك فيه كافة الأطراف والقوى الفاعلة والمؤثرة والنشطة دون أي إقصاء لأي طرف، وتغليب المصلحة الوطنية العليا للعراق.