"القضاء على المظالم".. كيف يستعد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب للانتخابات البلدية التركية؟

تستعد تركيا لإجراء الانتخابات البلدية، والتي بكل تأكيد تمثل معركة جديدة أمام حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المناصر لقضايا الأقليات، لا سيما في ظل التضييق الكبير من قبل النظام على المكون الكردي.

جاء دخول الكرد من قبل في سباق الانتخابات البلدية 2019 ومنافستهم الشرسة بما لا تحمد عقباه بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحلفائه من القوميين، إذ يكفي أنه قد خسر إسطنبول بفضل الدعم الكردي لأكرم إمام أوغلو مرشح المعارضة، وكذلك خسر أنقرة، فضلًا عن عديد من بلديات جنوب شرق تركيا.

لكن النظام التركي الذي اعتاد القمع دون توقف على مدار أكثر من عقد تجاه الكرد، حاصر رؤساء البلديات من حزب الشعوب الديمقراطية سابقاً – حزب المساواة وديمقراطية الشعوب حالياً – فاتهم بعضهم بالإرهاب وبناء عليه صدرت ضدهم أحكام بالسجن، وتم الإطاحة بعدد منهم وتعيين الوكلاء على البلديات، في ممارسات لا يمكن وصفها إلا بالانقلاب.

تواصلت وكالة فرات للأنباء (ANF)، مع حزب المساواة وديمقراطية الشعوب للوقوف معه على الاستعداد للانتخابات البلدية والاستراتيجية التي يتبعها في التعامل مع هذا الاستحقاق الانتخابي الذي يمثل تحدياً مهماً بالنسبة للكرد والمكونات في تركيا، وفي نفس الوقت يشغل الرئيس التركي الذي يرغب في حسم هذه المعركة لصالحه والتي وصفها بأنها العملية الانتخابية الأخيرة في عهده.

استراتيجية وتكتيكات جديدة

No description available.

حسب ما صرح عضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب صاروخان أولوتش، فإن الحزب لن يستخدم تكتيكات 2019 في استراتيجيته الانتخابية المحلية، كما أن الهدف الرئيسي هو استعادة البلديات التي تم تعيين الوكلاء عليها من قبل النظام، موضحاً أن الحزب لم يأخذ في الاعتبار أية دعوات للعودة إلى تكتيكات 2019.

وأكد "أولوتش" أن هدفهم الأساسي في هذه الانتخابات المحلية استعادة البلديات التي تم تعيين الوكلاء لها، مشيراً إلى أن الجهود في هذا الاتجاه مستمرة، وأن النهج الاستراتيجي للانتخابات المحلية هو تقييم للتكتيكات والاستراتيجيات المستخدمة في الفترة السابقة، لافتاً إلى أن هناك أصواتاً تقول إنها ستنتهج النهج المعتمد في الانتخابات المحلية 2019 هذه المرة، لكن هذه الدعوات لم تجد صدى داخل الحزب.

وشدد على أن أولويات ومتطلبات الفترة الحالية مختلفة، وذكر أن الفوز في الانتخابات في البلديات التي تم التدخل فيها بتعيين الوكلاء هو الهدف الأساسي للحزب، وكان مفهوماً أن الحزب يهدف إلى استعادة السلطة في هذه البلديات.

تجاهل إرادة الشعب الكردي

وذكر أنه تم تجاهل إرادة الشعب الكردي بتعيين الوكلاء، وأنهم تفاعلوا مع هذا الوضع كحزب، وأكد أن الانتصارات الانتخابية في هذه البلديات كانت مهمة ليس فقط بالمعنى المحلي، ولكن أيضاً على الصعيد السياسي والنضال الديمقراطي العام.

وفي معرض تقديمه معلومات حول إدارة الحملة الانتخابية لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، ذكر صاروخان أولوتش أنهم يعلقون أهمية كبيرة على تعزيز البنية التحتية للحزب والمنظمات المحلية، مشيراً إلى أنه قد تم تنفيذ خطة الحملة مع التركيز على البلديات التي تم تعيين الوكلاء فيها، وتم تحليل الديناميكيات المحلية بشكل جيد للغاية لهذا الغرض.

وقال إن الاستراتيجية الانتخابية تركز على فهم مطالب وتوقعات الشعب بأفضل طريقة ممكنة وتطوير المشاريع التي تستجيب لها، إذ يهدف الحزب إلى إقامة تواصل فعال مع الناخبين وتقديم مناهج موجهة نحو إيجاد حلول للمشاكل المحلية، كما ذكر أن الحزب يراعي احتياجات الناس ومشاكل الادارات المحلية ويضع سياسات فعالة لحلها، لافتاً إلى أنهم قاموا بإعداد خطط ومشاريع فريدة لكل بلدية وأن هذه الخطط تهدف إلى تحسين نوعية حياة السكان المحليين.

وذكر أيضاً أنهم سيبذلون جهوداً للقضاء على المظالم الناجمة عن تعيين الوكلاء وإعادة بناء القدرة الخدمية للبلديات، وهي تصريحات تظهر أن استراتيجيات حزب المساواة وديمقراطية الشعوب فيما يتعلق بالانتخابات المحلية قد تم تحديدها بوضوح، وأنهم، كحزب، اتخذوا موقفاً حازماً، وما يمكن أن يفعله الحزب في البلديات التي يتم فيها تعيين الوكلاء، والتي يهدف إلى الفوز بها في الانتخابات المحلية، ومدى قدرته على كسب استحسان الناس في هذه المناطق، سيكون من أهم مؤشرات الانتخابات المقبلة.

انتهاكات القوميين

وينتقد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب بشدة الممارسات غير الديمقراطية لتحالف القوميين في تركيا، حيث تحظى الانتخابات المحلية المقررة إجراؤها في تركيا بأهمية كبيرة في بيئة يتم فيها تقييد الحقوق والحريات الديمقراطية، وانتهاكات لحقوق الإنسان، وعدم حل القضية الكردية، وتعمق الأزمة الاقتصادية، وقد أدى تحالف الحكومة مع الأحزاب القومية إلى دفع تركيا إلى حافة الكارثة.

ويؤكد حزب المساواة، أنه في هذه الانتخابات سيتبين أن سياسة إعادة تعيين الوكلاء في البلديات التي فاز بها حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات المحلية قد قوبلت بالرفض من قبل الجمهور، وأن رغبة حزب العدالة والتنمية في السيطرة على البلديات هي حقيقة معروفة، ومع ذلك، فإن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب سوف يدين هذا الموقف من جانب الحكومة بمعدلات التصويت القياسية.

وتجرى الانتخابات في 31 مارس/آذار الجاري، حيث تقام كل 5 سنوات، ويحق لكل شخص بلغ 18 عاماً المشاركة بها، وتُعقد في 30 ولاية من أصل 81، حيث صنف القانون التركي المدن التي يقطنها أكثر من 750 ألف نسمة على أنها مدينة كبرى، وتعتبر ولايات إسطنبول وأنقرة وإزمير، الميدان الأبرز للصراع، فضلاً عن ولايات الجنوب الشرقي.