أهداف أوستن من بغداد للقاهرة

حمل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن للرؤساء والزعماء في الشرق الأوسط العديد من الرسائل الهامة، خلال جولته المكوكية التي شملت العديد من العواصم ، خاصة وأنها جاءت في وقت دقيق مع وجود الإتفاق السعودي الإيراني وقرب إحياء الإتفاق النووي، وعدد من الملفات الاخرى

كشف رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، ان الهدف الأساسي من زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن لدول المنطقة،  الإعلان عن وجود الولايات المتحدة ألمريكية في الشرق الأوسط مع شركائها، وهو ما أكد عليه الوزير في خطابه بالعراق، والتعاون المشترك لأمن واستقرار المنطقة، وهو هدف عام في جميع الدول التي زارها.

وأكد حسن في تصريح خاصة لوكالة فرات، أن قرارات بايدن وقبله ترامب بالإنسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط المقصود منه الخروج العسكري، لأنه منذ غزو العراق وصد القوات العراقية في حرب الخليج  زادت القوات الأمريكية بشكل كبير في المنطقة، وهذا هو المقصود بالانسحاب وليس انسحاب النفوذ الأمريكي من المنطقة، وهو فهم خاطئ تمًامًا لأنها منطقة استراتيجية وقلب العالم، وهو ما بدأه بوش الابن وأكمله أوباما، ولكن مع توتر العلاقات مع إيران، أعلنوا أن القوات الأمريكية باقية في العراق.

وأضاف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن بالنسبة  للعراق، كان هدف أوستن الإطمئنان على القوات الأمريكية في العراق والديل على ذلك أنه نزل في القاعدة الأمريطية ولم يوجد أحد في استقباله، والإحتياط من الهجمات المتكررة ضدهم، والتباحث مع العراقيين وخصوصًا مع المطالبات بخروج القوات الأمريكية من العراق، وتدريب الجيش العراقي لأنه جيش حديث أنشئ بعد الغزو الأمريكي، ويحتاج للمزيد من التدريب والسلاح.

وأوضح، أن رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية صمام أمن للعراق، في مواجهة أي احتلالات، ولكنه لديه نفس الرؤية وهو ألا تكون العراق ساحة لصراع أي قوى إقليمية أو دولية

وأنتهج أوستن نفس السياسة في الأردن للطمأنة والتشاور بشأن إسرائيل والتصعيد ضد الفلسطينيين اسكتمالاً لمهمة وزير الحارجية ومستشار الأمن القومي ورئيس المخابرات الأمريكية، من أجل طمأنة الأردن كدولة محايدة والتباحث بشأن الوضع الفلسطيني الإسرائيلي، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق.

وأردف حسن، أن زيارة أوستن  لمصر كانت لتأكيد استمرار التعاون، والمناورات المشتركة والمعونة العسكرية لمصر والتي تقدر بمليار و 300 مليون، ويطرح وجود اقتراب من موقف العرب لموقف الناتو في القضية الأوكرانية، وهو ما رفضته الدول العربية  وأنها في موقف محايد فهي لا توافق على إعتداء دولة على سياسة أخرى، ولا توافق على فرض عقوبات إقتصادية خارج النطاق الدولي، وسبقه في هذا المسعى وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ورئيس المخابرات الأمريكية، وهو باستمرار مسعى أمريكي.

قانون المحكمة العليا الإسرائيلية وأوستن

بينما حملت الزيارة لتل أبيب رسائل مختلفة ومنها التعاون العسكري بين الطرفين وتوجد مخازن للأسلحة الأمريكية في إسرائيل يرسلون منها لأوكرانيا، وسرًا مخا ترسله إسرائيل، وتعتبر إسرائيل أكثر ميلاً للموقف الأمريكي، تحدث مع نتنياهو عن التعاون العسكري الأمريكي الإسرائيلي، وبالنسبة للموقف من إيران والتهدئة في الأراضي المحتلة، ورفض قانون المحكمة العليا المثير للجدل.

بينما أوضح خالد سعيد، الباحث في الشئون الإسرائيلية بمركز يافا للدراسات الإستراتيجية، أن الزيارة جاءت نتيجة رؤية الإدارة الأمريكية لخلافات واسعة داخل حكومة نتنياهو، وسيموتريش  وزير المالية وإتمار بن غفير وزير الأمن الداخلي، خاصة بعد قانون المحكمة العليا المثير للجدل.

وأكد سعيد في تصريحه لوكالة فرات ، أنه من الملامح المميزة لزيارة وزير الدفاع الأمريكي أنه إلتقى نتنياهو في المطار، وليس في مكتبه سواء في تل أبيب أو القدس، بدقائق معدودة وهي رسالة مختصرة ومفيدة، وذلك بسبب الإحتجاجات التي تحدث في تل أبيب، وأنه أرسل رسالة لنتنياهو أن الإصلاحات القضائية خطأ وأنها ستضره أكثر ما ستضر غيره، وستصعد الموقف في المنطقة، وطالب بإبقاء الوضع كما هو عليه في القدس الشريف.

وأوضح الباحث في الشئون الإسرائيلية بمركز يافا للدراسات الإستراتيجية، أن زيالرة أوستن هي رسالة للداخل الإسرائيلي بانها لا تبارك إجراءات نتنياهو، الذي أصبحت زياراته الخارجية قليلة مقارنة بفتراته السابقة مما يعني أنه يواجه مخاطر شديدة في الداخل، خاصة وأن استقرار اسرائيل هام لأي إدارة أمريكية، وأي إضطرابات تقلقها،

وتعتبر الإصلاحات القضائية زاوية مفصلية في السياسة الإسرائيلية قد تصل لحرب أهلية، والرسالة وصلت نتنياهو والدليل أنه أثناء زيارته لإيطاليا يرجئ تشريع مستوطنة أفيتار في نابلس وإخلاء قرية الخان الأحمر إلى ما بعد رمضان، بحسب سعيد.

أوكرانيا وإيران على مائدة أوستن-نتنياهو

وبين، انه أثير أثناء اللقاء الدعم الإسرائيلي العسكري لأوكرانيا، مبينًا أإن إسرائيل تخاف أن تزج بنفسها في الصراع الروسي الأوكراني، خاصة وأنه يجمعها علاقات طيبة مع موسكو منذ عام 1948 وأول إعتراف دولي بها من قبل الإتحاد السوفيتي، وعدم تدخلها في الحرب هو لصالح تل ابيب لعدم تأزيم العلاقات بينها وبين الكريملن، وهي ترسل مساعدات إغاثية وإنسانية فقط خيم وبطاطين ومولدات كهرباء ومستشفى ميداني، ولكن قصة إرسال السلاح هو مجرد دعاية انتخابية يثير بها نتنياهو  مشاعر اليهود حول العالم.

وأشار سعيد، أنها ليست المرة الأولى التي يار بها الدعم العسكري الإسرائيلي لأوكرانيا، حي وعد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بمساعدات عسكرية وإغاثية لأوكرانيا أثناء زيارته لكييف، ولكن حتى الأوكران أنفسهم سئلوا عن تلك المساعدات ونفوا وصولها.

وبالنسبة للملف الإيراني، كان مطروحًا وبشدة بين الجانبين، لأن إسرائيل ترى الإتفاق الإيراني الأخير مع وكالة الطاقة الذرية والإتفاق السعودي الإيراني ضربة مباشرة لها، ولذلك معظم التصريحات الإسرائيلية قلقة للعلاقة من الطرفين لأن كلاهما قوتين صاعدتين، وترى أن الإتفاق جذب الرياض إلى طهران أكثر من تل أبيب، خاصة مع رفض الجانب السعودي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ويرى بعض الإسرائيليين أن الإتفاق بمثابة "بصقة" على إسرائيل، وأن نتنياهو فشل في الحيلولة دون توقيع الإتفاق.

رسالة للجماعات الموالية لإيران من العراق

بينما كشف علي البيدر المحلل السياسي العراقي، أن زيارة وزير الدفاع الأمريكي للعراق لا تناقش الوجود العسكري الأمريكي في البلاد أو مواجهة داعش، وذلك لأن الوجود الأمريكي أمر مفروغ منه، والحديث عن إخراج القوات الأمريكية للاستهلاك الإعلامي، وتنظيم داعش في العراق لا يمثل تهديد سواء للقوات الأمريكية في العراق أو الإجهزة الأمنية العراقية التي تكبد التنظيم يوميًا خسائر كمية ونوعية، وجعلته يفكر في الهرب والإختباء، ولكن الجماعات المسلحة الموالية لإيران التي تحاول يوميًا فرض واقع أمني يتجاوز تلك القوات ويتجاوز القوانين العراقية.

وأكد البيدر في تصريح خاص لوكالة فرات، أن زيارة وزير الدفاع الأمريكي بمثابة تحذير أخير للجماعات المسلحة التي تأتمر بأوامر مباشرة من إيران بأن تكف عن تهديد المصالح المريكية، وخاصة أن التصعيد بين إسرائيل وإيران يصل لزروته ويمكن أن يؤدي أي عمل عسكري إسرائيلي لضربات من تلك الجماعات ضد المصالح الأمريكية في العراق.

وأضاف المحلل السياسي العراقي، أن وزير رالدفاع الأمريكي جاء بعصا غليظة إلى العراق ورسالة قصيرة أن أي شخص سيحاول الإضرار بالمصالح الأمريكية أو الخروج عن النفوذ الأمريكي سيتم استهدافه.

أوستن في القاهرة

بينما أوضح محمد الغباري، المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية، أن زيارة وزير الدفاع الأمريكي للقاهرة جزء من استراتيجية أمريكية تجاه القاهرة، وهدفها الأساسي التأكيد على استمرار العلاقات بين الجانبين وتوطيد العلاقات مع الجانب المصري، مبينًا أنه سبقتها زيارات لمسئولين عسكريين كبار للقاهرة، كما أنها تطرقت للإتفاقات الإستراتيجية بين الجانبين وتذكير أمريكي بتفعيلها، خاصة وأنه على الجانب السياسي هناك الكثير من الملفات التي تشهد اختلاف في وجهات النظر، لا سيما بعد فشل الإدارات الأمريكية السابقة في تطبيق مخطط الشرق الأوسط الكبير داخل مصر.

وأكد الغباري في تصريح لوكالة فرات، أن الولايات المتحدة تريد عمل توازن في علاقاتها العربية ومع مصر بوجه خاص أمام العلاقات مع روسيا، مشيرًا إلى أن واشنطن مارست ضغوط كبيرة على مصر من أجل عدم إنشاء محطة الضبعة النووية والتحذير من "الأمان النووي" للمحطة خشية من غنشاء علاقة استراتيجية متينة بين القاهرة وموسكو.