المعتقل السياسي الكردي، مطّلب أحمدي، في سجن "ريكاري شهر" بمدينة "كه رج" الإيرانيّة، وعلى الرغم من الظروف السيئة التي يعاني منها المعتقلون في سجون النظام الإيراني، كتب مقالاً عن سياسات الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK في هذه المرحلة الحسّاسة، تحدّث فيها عن خيانة عائلة البرزاني بحقّ حركات التحرّر الكردستانيّة في أجزاء كردستان الأربعة، واصفاً سياسة البرزاني بالانتهازيّة.
نصّ المقال:
"انتهازيّة البرزاني السياسيّة، التي أدّت دوماً إلى تفضيل المصالح القبليّة والمذهبيّة على المصالح الكبرى للشعب الكردي، هي اليوم بقعة سوداء في تاريخ نضال الكرد. كثير من شعوب العالم في طريق نضالها وثوراتها شهدت وحشيّة من قبل قادتها الذين ساهموا بإضعاف الروح النضاليّة والقضاء على منجزاتها. ويبدو أنّ الانتهازيّة انتشرت نتيجة للسياسات الرعناء التي انتهجها البارزاني.
ومن المشاكل التي تواجه أحزاباً مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي أنّ الحزب استند في مقاربته وإيديولوجيّته على تقسيم كردستان المستعمرة إلى أربعة أجزاء واعتبر نفسه صاحب أحد هذه الأجزاء. لطالما دلّت وتدلّ تصريحات قادة الحزب على عدم اهتمامهم ببقيّة الأجزاء، كما لو أنّ هناك أربعة أصناف من الكرد وهم منفصلون عن بعضهم تماماً وغير مرتبطين!
من الواضح أنّ هذا المفهوم كرديّاً لا أساس له، لأنّ الكرد تربطهم مصالح واحدة، وما يسعى إليه أعداء الكرد هو فرقتهم وانفصالهم عن بعضهم البعض، والسياسات التي ينتهجها الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي لا تقلّل من أهمّية هذه الحقيقة.
ثمّة اعتقاد خاطئ آخر لدى قادة الحزب، وهو اعتقادهم أنّ استغلال الخلافات والاختلافات بين الدول التي تستعمر جغرافيا كردستان وتحكمها أنظمة دكتاتوريّة من الممكن أن يفتح الباب أمامهم للمزيد من التسلّط على الشعب. يمكن أنّ يرحّب حكّام الدول المستعمرة لكردستان بهذا النهج الذي يتّبعه قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، وحتّى استخدموا هذا النهج بشكل يتوافق مع مصالحهم الاستعماريّة، لكنّ الأهمّ من حيث الواقع العملي هو أنّ تلك الدول تنسى خلافاتها حينما بتعلّق الأمر بمنجز يحقّقه الكرد وتتّخذ موقفاً موحّداً عدائيّاً تجاه الشعب الكردي وحركاته التحرّرية.
لذلك ليس من الصعب أن نفهم أنّ قادة حركةٍ كرديّة، على الرغم من تاريخهم الطويل في السياسة، دخلوا في لعبة خطيرة للدولة التركيّة الفاشيّة وأصبحوا حلفاء في قمع الحركات الراديكاليّة المناضلة لحرّية الشعب الكردي. هذا الأمر يدعو للأسف، ولا يقلّل من ندمنا إذ أنّ الشرق الأوسط يمرّ بتطوّرات من الممكن أن يتمخّض عنها تغييرات طويلة الأمد، وكلّ خطوة عمليّة قد تكون حاسمة.
ألم يكن مسعود بارزاني ومن معه من تجّار المخدّرات كانوا ممتنّين للمقاومة التي أبداها مقاتلو الكريلا المناضلين ضدّ الهجوم التركي واسع النطاق في العام 2008 على منطقة زاب؟ ألم يصفهم بالأبطال آنذاك؟ إذاَ ما هو الحساب؟ كيف يمكن تسمية أولئك الأبطال ذاتهم الآن بالإرهابيّين؟ من هنا يمكننا فهم الانتهازيّة كونها مبدأ في صميم السياسات القبليّة للبرزاني.
لم ننس أنّ البرزانيّين أنفسهم قاموا دوماً بأعمال غير إنسانيّة ضدّ نضال وكفاح حركات التحرّر الكرديّة في أجزاء كردستان الأخرى. التحالف مع النظام الملكي الإيراني وقمع حركة "جيانه وه" في أواخر القرن العشرين بشرق كردستان. أضف إلى ذلك الخيانات التي ارتكبوها بحقّ قادة الثورات الكرديّة هناك والكثير من المواقف المخزية. كلّ هذا جزء من التاريخ القبلي لهم.
على الرغم من الضربات التي لا تعدّ ولا تحصى التي وجّهها الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي للحركات الوطنيّة الكردستانيّة التحرّرية، إلّا أنّ الحزب، وبكلّ تأكيد، لم يتمكّن من السيطرة على كردستان.أولئك الذين يعتقدون بأنّ عائلة البرزاني يمكن أن تمثّل الحركة التحرّرية الكردستانيّة ومصالح الشعب الكردي هم مخطئون حتماً وعليهم إعادة قراءة التاريخ وتقييمه.
لقد بات واضحاً للجميع أنّ مشروع استفتاء استقلال كردستان، المثير للجدل، لم يكن بهدف استقلال كردستان، بل كان بمثابة فخّ لإلقاء المناطق الخاضعة لسيطرة الأحزاب المنافسة للحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي في نيران الصراعات مع الأطراف المعادية. كانت نيّة البرزاني هي إخراج المناطق المتنازع عليها من سيطرة الحزب المنافس له في جنوب كردستان، لأنّ تلك المناطق كانت ذي تأثير في توازن القوى بإقليم كردستان.
آمل أن تلعب الأحزاب الكرديّة في جنوب كردستان وكذلك الشخصيّات الوطنيّة المستنيرة داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي دوراً محوريّاً في منع عائلة البرزاني من تكرار الاستفزازات بحقّ حركات التحرّر الوطنيّة الكردستانيّة".