ضغوط أمريكية لحل فصائل الحشد الشعبي.. السيناريوهات المحتملة
لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعيش تداعيات طوفان الأقصى، أبرزها خسائر حزب الله والتغيرات السياسية المفاجئة في سوريا، ما يشير إلى إعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة.
لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعيش تداعيات طوفان الأقصى، أبرزها خسائر حزب الله والتغيرات السياسية المفاجئة في سوريا، ما يشير إلى إعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة.
آخر تلك التبعات ما يتردد بشأن حل الحشد الشعبي العراقي بعد اتهامات للفصائل من قبل واشنطن بدعم إيران وتلقي الأوامر من طهران على خلفية عمليات الإسناد لغزة التي شاركت فيها الفصائل من خلال استهداف إسرائيل بالصواريخ والمسيرات، خاصةً بعد الضربات المتتالية التي تلقتها إيران والتي بدأت باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وحسن نصرالله زعيم حزب الله في لبنان، فضلاً عن شن حربا إسرائيلية ضد الحزب لتدمير البنية التحتية العسكرية واستهداف مستودعات الأسلحة والذخيرة، إلا أن الضربة القاصمة التي وجهت إلى إيران كانت بخروج حليفها الأسد من سوريا.
عداء أمريكي
يعرب الحسون المحلل السياسي العراقي، قال في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF »، إنّ «القواعد الأمريكية في العراق كانت دائماً ما تمثل هدفاً للحشد الشعبي رداً على التحركات الأمريكية العسكرية تجاه العناصر القيادية في إيران والعراق، وسبق وأن استهدفت فصائل من الحشد القواعد الأمريكية عقب اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وأبو مهدي المهندس أحد أبرز القادة العسكريين وهو إيراني من أصل عراقي، ودائماً ما يتم التنسيق بشأن تلك الضربات والضربات المضادة، وفقاً لقواعد الاشتباك حيث تعاملت الإدارة الأمريكية مع الوضع القائم من زاوية أنه أمر مفروض يجب التعامل معها، إلا أن الخسائر التي مُني بها محور المقاومة دفعت الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى ممارسة الضغوط على رئيس وزراء العراق لإصدار قرار بحل فصائل الحشد الشعبي وضمها للجيش العراقي»، فيما أشار علاء زبد الكاتب الصحفي في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF »، إلى أنّ «كثير من قادة فصائل الحشد يرفضون مقترح الإدارة الأمريكية وهو ما سيتسبب في مشاكل داخلية تنتج عن الصدام بين الحكومة وقيادات الحشد، إلا أن ما تشهده المنطقة من تطورات قد يدفع القيادتين الدينية والسياسية لاتخاذ قرارات مصيرية».
ضغوط مناورات
وفي إطار تلك الضغوط الأمريكية، استقبل السيد السيستاني المرجع الديني الأعلى في العراق ممثل الأمين العام للأمم المتحدة محمد الحسان، في وقت سابق وشدد الأخير على ضرورة اتخاذ المرجعية قرارات حاسمة لتفادي التغيرات السياسية الحادة التي تمر بها المنطقة والحفاظ على وحدة الشعب العراقي وضمان أمن الجميع، كما استقبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في زيارة غير معلنة إلى بغداد، وخلال اللقاء شدد بلينكن على ضرورة توجيه ضربة للفصائل التابعة للحشد من خلال حلها بدعوى تعزيز الدور الحكومي القوي واضطلاع الجيش والشرطة بمهامهم المنوطين بها وإنهاء وجود الحشد الشعبي الذي يعد نافذة للتأثير على السياسة العراقية وتمرير القرارات التي تصب في صالح طهران وفقاً لوجهة النظر الأمريكية.
ردود الأفعال
ويبدو أن الضغوط الأمريكية جاءت بثمارها، حيث يعيش العراق حالة من الجدل على الصعيد الداخلي بشأن قرار حل الفصائل ومن يتخذه وتداعياته على الصعيدين الداخلي والإقليمي، وسط قناعة برزت بين مجموعات من الساسة بضرورة اتخاذ القرار حتى لا يتعرض العراق لهجوم إسرائيلي يستهدف البنية التحتية العسكرية ويؤثر على أوضاع العراق على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ما دعا حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق إلى إطلاق مبادرة تدعو إلى مرحلة جديدة في سوريا ما بعد الأسد ودراسة تبعات ذلك على العراق مع التشديد على عدم التدخل في الشأن السوري، وهو ما تبناه أيضا الزعيم الشعبي مقتدى الصدر، الذي طالب أنصاره والحكومة بالنأي بالعراق عن التوترات الإقليمية، وشدد على ضرورة منع أي تدخل عراقي في الشأن السوري، كما طالب باحترام الإرادة الحرة للشعب السوري مع التأكيد على عدم استخدام الأراضي العراقية لتنفيذ هجمات أو ردود عسكرية.
ووفقاً لوجهة النظر الأمريكية، يمثل حل الحشد الشعبي خطوة محورية لتقليص نفوذ إيران في العراق، لكن القرار يواجه تحديات كبيرة، سواء من الداخل العراقي أو من الفصائل المسلحة، وفي ظل التحولات الإقليمية والضغوط الدولية، يبدو أن العراق يمر مرحلة مفصلية تتطلب موازنة دقيقة بين الاستقلالية السياسية وتجنب التصعيد الإقليمي في ظل الأوضاع الراهنة، فضلاً عن ارتباط مصير الحشد الشعبي بما يجري من ترتيبات على الأراضي اليمنية، وفي حال نجاح إسرائيل في اغتيال قيادات مؤثرة داخل جماعة الحوثي وقطع طرق الإمداد العسكري، فقد يتخذ العراق قراراً بحل الفصائل، أما إذا فشلت إسرائيل في تحقيق أي نصر على الأراضي اليمنية، فقد تظل قوة الحشد الشعبي قائمة خاصة بعد تفكير طهران في سبل احتواء الخسائر التي طالت محور المقاومة من خلال إعادة ترتيب صفوف حزب الله وخلق طرق بديلة للإمداد العسكري على خلفية التغيير السياسي في سوريا.