أدان وزراء خارجية قبرص ومصر واليونان الأفعال غير القانونية التي تقوم بها تركيا في بحر إيجة وشرق البحر المتوسط، وبالأخص أنشطة الحفر المتصاعدة والاستفزازية وغير القانونية، والمسح الزلزالي والوجود العسكري في المناطق البحرية لقبرص، وشددوا كذلك على أن الأفعال التركية تقوض الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات لإيجاد تسوية للقضية القبرصية قابلة للتطبيق وشاملة وتزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة شرق البحر المتوسط، حسبما ذكرت وكالة الأنباء القبرصية يوم السبت.
وعلى هامش انعقاد أعمال الجمعية العامة بنيويورك، التقى سامح شكري وزير الخارجية المصري، كلاً من نيكوس كريستودوليديس وزير خارجية قبرص ونيكوس دندياس وزير خارجية اليونان، حيت يأتي اللقاء في إطار آلية التعاون الثلاثي التي تجمع بين مصر وقبرص واليونان.
أعرب الوزراء في بيان مشترك عن ارتياحهم للتقدم المحرز بالفعل في إطار التعاون الثلاثي، وأبدوا التزامهم بتكثيفه على ضوء القمة الثلاثية المقبلة التي ستعقد في القاهرة في 8 تشرين الأول / أكتوبر 2019.
وأكد الوزراء من جديد التزام حكوماتهم بتعزيز الأمن والاستقرار في شرق البحر المتوسط والمنطقة الأوسع، مسترشدين بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، اللذان ينصان على علاقات حسن الجوار واحترام استقلال و سلامة أراضي الدول.
في هذا الصدد، أكد الوزراء الثلاثة على أهمية احترام سيادة، وكذلك الحقوق السيادية لكل دولة في مناطقها البحرية وفقاً للقانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وذكر الوزراء في بيانهم المشترك أنهم استعرضوا التقدم المحرز في مجالات التعاون القائمة وتنفيذ المشروعات ورحبوا بتوسيع التعاون ليشمل مجالات أخرى.
وفيما يتعلق بالتحديات والآفاق المشتركة في مجال الطاقة، رحب الوزراء بإنشاء "منتدى غاز شرق البحر المتوسط "، حيث سلطوا الضوء على إمكاناته ليكون بمثابة حافز لتوثيق التعاون بين دول شرق المتوسط في هذا المجال. كما أقر الوزراء بأهمية المشروعات في المساهمة في أمن الطاقة للدول الثلاث وأوروبا.
كما دعا الوزراء تركيا إلى الإسهام بشكل بناء وبشكل ملموس في استئناف المفاوضات الموجهة نحو تحقيق نتائج من أجل تسوية شاملة ومستدامة للمشكلة القبرصية على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. وقالوا أن هذا الحل "يجب أن يكون منسجماً مع كون جمهورية قبرص دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وأن يحمي بالكامل استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها وأمنها".
أدان الوزراء "الأفعال غير القانونية التي تقوم بها تركيا في بحر ايجه وشرق البحر المتوسط، وبالأخص أنشطة الحفر المتصاعدة والاستفزازية وغير القانونية، والمسح الزلزالي والوجود العسكري في المناطق البحرية في قبرص، والتي تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي والسيادة والحقوق السيادية لجمهورية قبرص". وفي هذا الصدد، أكد الوزراء أيضاً على أن الأعمال التركية تقوض الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات لإيجاد تسوية شاملة للقضية القبرصية قابلة للتطبيق والاستمرار، وأن هذه الأعمال تؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة شرق البحر المتوسط الأوسع".
وبدوره، صرح المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بأن الوزير شكري استهل اللقاء بالتأكيد على قوة ومتانة العلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تجمع بين القاهرة وأثينا ونيقوسيا في جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة، مشيداً بما شهدته تلك الروابط من زخم خلال الفترة الماضية، حيث أصبحت آلية التعاون الثلاثي بين البلدان الثلاثة تشكل نموذجاً يُحتذى به للتعاون المتميز لتعزيز السلام والمصالح الاقتصادية والحوار الثقافي بين الدول. وفي ذات السياق، أشار الوزير شكري إلى النتائج المثمرة لزيارتيه إلى أثينا ونيقوسيا شهر يوليو الماضي، والتي استهدفت مواصلة العمل الوثيق مع البلدين من أجل تعزيز روابط التعاون، واستكشاف آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين الدول الثلاث.
وأضاف حافظ، أن وزراء الدول الثلاث أكدوا خلال اللقاء على التطلع لانعقاد القمة السابعة لآلية التعاون الثلاثي خلال شهر اكتوبر ٢٠١٩ بالقاهرة، حيث تم التطرق إلى الترتيبات اللازمة لعقد هذه القمة بالشكل الذي يعكس عمق وخصوصية العلاقات بين الدول الثلاث أسوة بالقمم السابقة التي تمت في هذا الإطار، وبما يساهم في الحفاظ على الزخم السياسي والاقتصادي الذي أولدته هذه الآلية الهامة ومواصلة تطويره.
ومن ناحية أخرى، أشار حافظ إلى أن الوزير شكري أشاد بمستوى التنسيق القائم بين الدول الثلاث في مختلف المحافل الدولية والإقليمية وأهمية استمراره. كما تمت مناقشة مختلف المستجدات الإقليمية، وخاصة في شرق المتوسط، وسبل تكثيف التشاور والتنسيق دعماً لاستقرار وأمن المنطقة.
وأختتم المتحدث تصريحاته بالإشارة إلى أن الوزير شكري أطلع الوزيرين على آخر مستجدات المفاوضات حول سد النهضة الأثيوبي، منوهاً بعدم ارتياح الجانب المصر لطول أمد المفاوضات وعدم تحقيق تقدم بها، ومشدداً على ضرورة مناقشة كافة المقترحات بحُسن نية، بما في ذلك الخطة المتكاملة التي طرحتها مصر مؤخراً حول قواعد ملء وتشغيل السد وضرورة ابداء الجانب الإثيوبي المرونة اللازمة لضمان عدم الأضرار بمصر.
تجدر الإشارة إلى أنه تم تقسيم جمهورية قبرص منذ عام 1974، عندما قامت القوات التركية بغزو واحتلال الثلث الشمالي للجزيرة. تجاهلت تركيا العديد من قرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى انسحاب القوات التركية واحترام وحدة أراضي جمهورية قبرص وسيادتها. فشلت جولات متكررة من محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة حتى الآن في تحقيق نتائج. كانت الجولة الأخيرة من المفاوضات قد انتهت في صيف عام 2017 في منتجع كران مونتانا السويسري دون التوصل إلى حل.
أصدرت تركيا إشعاراً بحرياً في الرابع من أيار / مايو، أعلنت فيه عن عزمها بدء التنقيب قبالة سواحل قبرص حتى الثالث من أيلول / سبتمبر. وتمركزت سفينة الحفر التركية "فاتح" في منطقة تقع داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري لجمهورية قبرص. تبع ذلك تمركز سفينة حفر ثانية " يافوز" في الثامن من تموز / يوليو 2019.
ورداً على ذلك، أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 15 تموز / يوليو 2019 تدابير متعلقة بالتنقيب غير القانوني الذي تقوم به تركيا في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص. وبناءً على القرارات التي اصدرها المجلس الأوروبي في 20 / حزيران يونيو 2019، طالب وزراء الخارجية الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والمفوضية الأوروبية إلى مواصلة العمل حول الخيارات لاتخاذ اجراءات معينة على ضوء أنشطة الحفر المستمرة التي تقوم بها تركيا في شرق البحر المتوسط.