مكافحة الإرهاب في فرنسا ومواجهة اليمين المتطرف "تقرير"

تبذل السلطات الفرنسية جهود مكثفة في مكافحة الإرهاب بهدف حفظ أمن واستقرار البلاد، وصدّ أي تهديد إرهابي قبل حصوله، إلا أن مخاوف الحكومة الفرنسية من الفكر المتطرف لا يقتصر على التطرف الديني فهناك تحقيقات أخرى تركز على التطرف السياسي من أقصى اليمين أو اليسار.

.

دقّت الأجهزة الأمنية في فرنسا ناقوس الخطر ضدّ اليمين المتطرف المتهم بكونه "حصان طروادة" لخطط الرئيسين الأميركي "دونالد ترامب" والروسي "فلاديمير بوتين" لإضعاف أوروبا.

وتستغل الجماعات اليمينية المتطرفة جميع المناسبات والحوادث الإرهابية لتوجيه حملاتها ضد الإسلام والمسلمين واللاجئين والأجانب في فرنسا.

و كالعادة يلعب حزب التجمع الوطني في حملاته الانتخابية على سياسة التخويف من اللاجئين والمهاجرين واستغلال الحوادث الإرهابية لتحقيق مكاسب واستقطاب العديد من المؤيدين.

 

جمعية “ليه باتريوت” أو الوطنيون

أسسها فلوريان فيليبو في مايو 2017، يعتبر الشخصية الثانية في حزب الجبهة الوطنية ، ومن بين المهندسين الأساسيين للبرنامج الرئاسي الذي أوصل لوبن إلى الدورة الثانية من السباق الرئاسي الأخير، ويعد الذراع اليمنى لمارين لوبن ،أعلن مغادرة الحزب وتخليه عن منصبه كنائب للرئيسة، وذلك بعد رفضه ترك رئاسة جمعية "ليه باتريوت" أو الوطنيون، ويرى محللون أن الصراعات داخل حزب "الجبهة الوطنية" تتمثل بين تيار يمكن أن يطلق عليه اسم "السياديون"، ومن بينهم فيليبو، وبين من يسعى إلى منح "الجبهة الوطنية" هدفا ينحصر في الدفاع عن الهوية، وفقاً لـ"المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات" فى 14 يونيو 2019.

 

حزب الجبهة الوطنية

أنشئ حزب الجبهة الوطنية في 5 أكتوبر 1972 باسم حزب الجبهة الوطنية من أجل الوحدة الفرنسية ،وترأس الحزب منذ نشأته وحتى نهاية عام 2010 “جون ماري لوبان"، وخلفته ابنته مارين بداية عام 2011 على رأس الحزب، ليحمل هو لقب الرئيس الشرفي. يضم الحزب عناصر ينتمون إلى تيارات فكرية متعددة وصوت أعضاء حزب الجبهة الوطنية الفرنسي المنتمي لليمين المتطرف بالموافقة على تغيير اسمه إلى "حزب التجمع الوطني" في محاولة للنأي بنفسه عن سمعة لدى كثير من الناخبين بأنه حزب عنصري ومعاد للسامية وفي مسعى لتسهيل التحالف مع أحزاب أخرى . وفقاً لـ "رويترز” في1 يونيو 2018

وفاز حزب الجبهة الوطنية الذي تقوده ماري لوبان بنسبة( 23.31% )من الأصوات ، متراجعة بشكل طفيف عما كان عليه الأمر في الانتخابات السابقة، لكنها تظل أفضل من حزب الجمهورية للأمام بزعامة مانويل ماكرون، الذي حقق ( 22.41 %)من الأصوات . وفقاً لـ "سكاى نيوز" في 28 مايو 2019.وقضت محكمة أوروبية وفقا لـ "دوتش فيله" في 24 مايو 2019 بأن تسدد زعيمة التيار اليميني المتطرف في فرنسا "ماري لوبان" للبرلمان الأوروبي ( 298500) يورو (334300) دولار من أموال أسيء استخدامها من قبل كتلتها اليمينية المتطرفة. ورفضت المحكمة طعناً قدمته النائبة السابقة بالاتحاد الأوروبي.

 

مجموعة "العصفور الأسود"

تتبنى المجموعة ايديولوجية يمينية متطرفة قريبة من الطروحات النازية الجديدة كانت تخطط لاستهداف المؤتمر السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، وفقا لـ "الشرق الأوسط" في 12 يونيو 2019،

 

حركة النازيين الجدد

فكّكت الشرطة الفرنسية خلية للنازيين الجدد، كانت تخطط لشنّ هجمات على أماكن عبادة مسلمة وفقا لـ "الحياة" في 11 يونيو 2019.وأكد مصدر قضائي إن "التحقيق أشار إلى أنهم كانوا يعدّون مخططاً غير واضح لتنفيذ هجوم، على الأرجح لاستهداف مكان عبادة".

وتولّى محققون في قسم مكافحة الإرهاب التحقيق ، ووجّهوا للمشبوهين اتهامات متصلة بالإرهاب، تتضمن صنع متفجرات ونقلها والمشاركة في مخطط إرهابي.

 

حركة "جيل الهوية"

تضم حركة جيل الهوية فرنسيين وجنسيات أوروبية أخرى سعت لإغلاق ممر في جبال الألب على الحدود الفرنسية الإيطالية في وجه المهاجرين غير الشرعيين القادمين من إيطاليا. وأقام الناشطون الذين ينتمون لجنسيات أوروبية مختلفة "حدوداً رمزية" باستخدام أسلاك بلاستيكية لإيصال رسالة للمهاجرين أن "الحدود مغلقة وعليهم العودة" إلى بلدانهم وفقاً لـ" فرانس 24" في 21 أبريل 2018.

 

مجموعة عمل القوات الميدانية

تدعو مجموعة عمل القوات الميدانية إلى تشكيل "مجموعات دفاعية" تضم “مواطنين – جنوداً متأهبين لخوض المعارك وتحض على جمع كل ما يمكن أن يستخدم كسلاح إلى جانب البنادق الحربية والمسدسات . وزعيمهم المدعو "غي أس" والذي يسمي نفسه "الكابتن" (وهو عسكري سابق خدم كما يقول 15 عاماً في صفوف الجيش الفرنسي)

 

حزب "انهضي يا فرنسا"

يترأسه نيكولا دوبون إينيان وحليف ماريان لوبان السابق الانتخابات وكشف عن ثلاثة تحديات:

  1. الحد من تدفق المهاجرين وحماية ثقافتنا.
  2. العدالة الاجتماعية.
  3. حماية البيئة وصحتنا كذلك. (وفقا لـ”فرانس 24 “ فى15 أكتوبر 2018)

 

"لو باستيون" ، "كومبا 18" ،و"بود أند هونور أكساغون"

هي مجموعات وجمعيات تروج للحقد والعنف والتمييز العراقي، ودعا الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" إلى حل الـ"3″ مجموعات.

ويقدر "ستيفان فرانسوا" الخبير المتخصص في مكافحة الإرهاب و حركات اليمين المتطرف وفقاً لـ" فرانس 24" في 26 يونيه 2018 عدد الأشخاص الأكثر تشددا المرتبطين بحركات أقصى اليمين المتطرف في فرنسا ب(3000) شخص، من بينهم حوالى( 1000) شخص على درجة من التصميم لترجمة تطرفهم إلى أفعال، مضيفا أن مجموعات اليمين المتطرف كثيرا ما تتدرب بشكل شبه عسكري منذ ستينات القرن الماضي، ويحمل أفرادها أسلحة قانونية وهم غالباً عسكريون شرطيون وصيادون يرتادون ميادين الرماية.

وصرح المتخصص في حركات اليمين المتطرف ستيفان فرانسوا بأن مراقبة أجهزة الاستخبارات الفرنسية للمجموعات المتطرفة مهمة صعبة نظرا لتوزعها في عدة مناطق في البلاد، وتعدد الأيديولوجيات التي تتبناها كل منها.

كما أن هذه المجموعات تعمل غالبا بشكل شبه سري وغير رسمي، ويصعب على أجهزة الاستخبارات الفرنسية متابعتها، خصوصا إذا تجنبت هذه المجموعات استخدام وسائل الاتصال الحديثة للتواصل في ما بينها كالإنترنت مثلا.

الخلاصة

اكتسح اليمين المتطرف في فرنسا صناديق الاقتراع بشكل متراكم ومطرد، سواء في الانتخابات البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية، مستفيدا من تزايد موجات الكراهية للأجانب.

ومع تنامي صعود اليمين المتطرف سياسياً وانتخابياً، ليس في فرنسا في كثير من الدول الأوروبية ، أصبح ومن المتوقع أن تجعل الاستخبارات الفرنسية من ملاحقة هذه المجموعات ثاني أولوياتها بعد المجموعات “الجهادية” .

وتعمد الحكومة الفرنسية دورياً إلى مكافحة الإرهاب و حل مجموعات اليمين المتطرف التي تتوسل العنف سبيلاً حيث صارت المواجهة حتمية.

وأصبح من المحتمل أن تواجه الحكومة الفرنسية صعوبات تكمن فى أن هذه المجموعات تغيير أسمائها ووجوهها وكلما منع تنظيم منها برز تنظيم آخر مكانه.

لذلك ينبغي اتخاذ قرارات وتدابير ملموسة تتيحها قوانين مكافحة الإرهاب اليميني لمحاربة هذه المجموعات المتطرفة. واحتواء موجة الأحزاب القومية واليمينية .اللجوء إلى الرقابة الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي .وتوفير الإمكانيات للأجهزة الأمنية اللازمة للاهتمام بمجموعات متطرفة أخرى. تشكيل كتلة تاريخية من اليمين والوسط الديمقراطي واليسار، تكون حالة صد للتيار اليميني المتطرف الجارف. كذلك وضع برامج حزبية لتأهيل الشباب لمنع تجنيد الجماعات اليمينية المتطرفة لهم.

 

المصدر: المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا