قلق أوروبي حول اختفاء "خاشقجي" والدول العربية ترفض "معاقبة" السعودية أو تهديدها

ظهر تباين شديد بين الدول العربية والأوروبية حول مصير الصحفي السعودي "المختفي" جمال خاشقجي، وذلك في توقيت تسعى في الدول العربية والأوروبية إلى عقد قمة مشتركة لتعزيز التعاون بين الجانبين.

أصدر وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة بياناً مشتركاً بشأن اختفاء جمال خاشقجي، أعربت فيه الدول الثلاث عن قلقها العميق حول مصير الصحفي السعودي الذي اختفى في مدينة اسطنبول التركية، فيما أعلنت عدة دول عربية وجامعة الدول العربية عن التضامن التام مع المملكة أمام محاولات ممارسة الضغوط على السعودية أو "ابتزازها" من خلال تلك الأزمة التي تخضع حاليا لتحقيق مشترك بين تركيا والسعودية.

وقال البيان "الأوروبي" المشترك: "إن الدفاع عن حرية التعبير وحرية الصحافة وضمان حماية الصحفيين تعد من الأولويات الأساسية بالنسبة لألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. ومن هنا، لا بد من تسليط الضوء على اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والذي لم تتمكن عائلته من الاتصال به منذ يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول".

وأكدت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا انها تشاطر آخرين الشعور بالقلق العميق الذي أعربوا عنه - بمن فيهم الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا مورغيني، والأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو جوتيريش - وتتعامل مع هذه الحادثة بجدية قصوى. ودعا البيان إلى إجراء تحقيقات ذات مصداقية للتأكد من حقيقة ما حدث وكذلك - إن كان مناسبا – تحديد المسؤولين عن اختفاء جمال خاشقجي وضمان محاسبتهم.. مضيفا: "نحن نشجع الجهود السعودية-التركية المشتركة بهذا الصدد، ونتوقع من الحكومة السعودية إعطاء رد كامل ومفصّل. وقد أبلغنا السلطات السعودية مباشرة بهذه الرسالة".

في المقابل، أعلنت السعودية في بيان صادر عن وزارة الخارجية، رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها سواءً عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية، أو استخدام الضغوط السياسية، أو ترديد "الاتهامات الزائفة"، وأكدت السعودية إنها إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، وأن لاقتصاد المملكة دور مؤثر وحيوي في الاقتصاد العالمي، وأن اقتصاد المملكة لا يتأثر إلا بتأثر الاقتصاد العالمي.

وأعلنت الأمانة العامة للجامعة العربية رفضها فرض عقوبات على السعودية، وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة في بيان أنه من المرفوض تماماً في إطار العلاقات بين الدول التلويح باستخدام العقوبات الاقتصادية كسياسة أو أداة لتحقيق أهداف سياسية أو أحادية، مضيفاً أنه فيما يخص مسألة اختفاء الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، فإن السلطات السعودية كانت قد أعلنت بوضوح تام تعاونها في إطار التحقيقات الجارية في هذا الصدد، الأمر الذي يستلزم عدم الانجرار للتجني على المملكة من خلال توجيه تهديدات إليها أو ممارسة لضغوط عليها.

وأعرب المصدر المسؤول عن التطلع لأن تشهد الفترة القريبة المقبلة جلاء الحقيقة في هذا الصدد بما من شأنه أن يغلق الباب أمام أي تصعيد يمكن أن يؤثر على أمن واستقرار المنطقة، سواء على المستوى السياسي أو المستوى الاقتصادي، ومع الأخذ في الاعتبار الدور الهام للمملكة العربية السعودية في الحفاظ على الأمن والاستقرار اقليمياً ودولياً

وتجنّباً لتحفظات بعض الدول على بيان بهذا المعنى إذا صدر باسم الأمين العام للجامعة العربية أو باسم الجامعة العربية، أصدرت الأمانة العامة للجامعة العربية بيانها على لسان "مصدر مسؤول" ورداً على أسئلة المحررين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جامعة الدول العربية اتصالاً بالتصريح الصادر اليوم الأحد عن مصدر مسؤول بالمملكة العربية السعودية بشأن رفض المملكة لأي تهديدات أو تلويح بفرض عقوبات اقتصادية او استخدام للضغوط السياسية، وقد سارعت عدة دول عربية من بينها الامارات واليمن والاردن، إلى الاعراب عن تضامنها مع المملكة، فيما لم يصدر بعد تعقيب من دول عربية رئيسية مثل مصر، حتى وقت نشر هذه السطور.

وأكدت الحكومة الأردنية مركزية جهود المملكة العربية السعودية ودورها القيادي الرئيس في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام وتعزيز التعاون الاقتصادي في المنطقة والعالم. وقالت وزيرة الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، في تصريح صحفي لها اليوم: إن الأردن يقف مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في مواجهة أي شائعات وحملات تستهدفها دون الاستناد إلى الحقائق.

وبدوره، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الاماراتي تضامن بلاده التام مع السعودية ضد "كل من يحاول المساس بموقعها وبمكانتها الاقليمية"، وأعرب عن رفض الامارات التام لكل المحاولات التي من شأنها إلحاق الضرر بدور السعودية، وأعتبر "بن زايد" أن الحملة المسيّسة والشرسة على الرياض تتجاهل التوجهات العقلانية والبناءة لسياسات المملكة، وأن هذا التحريض والتنسيق بين أطراف هذه الحملة لن ينجح ولن يتمكن من النيل من موقع السعودية المركزي في المنطقة ودورها الأساسي في محور العقلانية و الاعتدال.

وقدّمت أنقرة والرياض روايات متناقضة حول القصة، وفي بداية الأزمة اتهمت تركيا السلطات السعودية بالتورط في اخفاء خاشقجي الذي لم يظهر بعد دخوله إلى قنصلية بلاده يوم 2 من الشهر الجاري، فيما تنفي السعودية اتهامها بإصدار اوامر بقتله، أو التسبب في اخفاءه. ويقوم وفد سعودي حاليا بالمشاركة مع محققين اتراك في الوصول إلى حقيقة اختفاء الصحفي السعودي. وتوعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس بمعاقبة المملكة حال تورطها في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.