وتناول التقرير ما وصف بـ"الانتهاكات الصارخة" بحق المتخصصين من الأطباء وكافة العاملين في القطاع الطبي، وما لحق بمؤسسات القطاع الصحي، ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية من إغلاق ومصادرة.
وقال التقرير: "شهد القطاع الصحي في تركيا تراجعًا غير مسبوق في تاريخ تركيا، ففي عام 2016 أغلقت السلطات 50 مستشفى ومركزًا علاجيًّا، بل لقد وصل الأمر إلى إغلاق بعض المستشفيات العامة في إسطنبول وأنقرة. وقد تم كل هذا بمرسوم قانون لم يخضع للمراجعة الإدارية أو يعرض على الهيئات القضائية المختصة. وقد كانت الذريعة الجاهزة دومًا لإغلاق كل هذه المستشفيات والعيادات الطبية هو علاقتها المزعومة بحركة غولن".
وأعلن وزير الصحة فصل 7500 من العاملين في المجال الطبي، ضمن عملية "تطهير جماعي" تمارسها الحكومة، منهم 1697 طبيبا أكاديميا من كبار الأساتذة ورؤساء الأقسام الطبية، يمثلون 6 بالمئة من مجموع الأكاديميين العاملين في كليات الطب، كما تم فصل 1689 طبيبا من العاملين في وزارة الصحة بشكل تعسفي.
عرض التقرير العديد من حالات الاعتقال التي طالت الأطباء وما نالهم من أذى جسدي ونفسي في معتقلاتهم، كحالة الطبيب النفسي والأكاديمي المشهور خلوق صواش الذي اعتقلته السلطات التركية في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2016 بدعوى أنه إرهابي، فتم فصله من عمله في الجامعة التي صنفه رئيسها أنه منتقد للحكومة، وتسبب إيذاؤه جسديا بإصابته بمرض اليرقان الانسدادي، وسرطان القولون.
و"قد ترتب على ذلك أن بقي بلا عمل كثير من الجراحين من ذوي الشهرة والكفاءة، وعدد كبير من الأطباء المعروفين بتمكنهم في تخصصاتهم، إلى جانب مجموعة كبيرة من العاملين في قطاع التمريض والتقنيين ممن كانوا يعملون في هذه المؤسسات. وقد طالت عمليات الاعتقال التي تنتهجها الحكومة بعد 15 تموز/ يوليو 2016 كثيرًا من هؤلاء بتهم إرهاب ملفقة، كما اضطر الباقون ممن لم تعتقلهم الحكومة إلى الفرار خوفًا من بطش السلطة وتعسفها، وصاروا لاجئين في بلاد مختلفة يعانون أوضاعًا سيئة من النفي والتشريد والبعد عن عائلاتهم وذويهم"، بحسب التقرير.
"وقد أسهم غياب العدالة القضائية، بسبب خضوعها لسيطرة السلطة التنفيذية، والتعذيب البدني والنفسي الممنهج داخل السجون والمعتقلات إلى لجوء هؤلاء إلى خيار الفرار بطرق خطيرة أودت بحياة البعض منهم، حتى لا يتعرضوا لهذه الاعتداءات المتعمدة التي رصدتها -في تقاريرها- المنظمات الحقوقية المعتبرة العاملة في مجال حقوق الإنسان."
وذكر التقرير إن السلطة الحاكمة في تركيا حاليًّا ترفض باستمرار الإعلان عن الإحصاءات الحقيقية للمعتقلين من كافة التخصصات ولا سيما العاملين في القطاع الصحي، إلا أن مركز ستوكهولم للحرية قد قام بإحصاء رصد فيه تعرض أكثر من 21.000 حالة من العاملين في القطاع الصحي، لعمليات اضطهاد بصور وأشكال متعددة.
وأوضح أيضا أنه تم القبض على 2.337 من الأطباء الأكاديميين من كبار الأساتذة المتميزين والمتمكنين في تخصصاتهم، 1.679 منهم كانوا يعملون في كليات الطب الحكومية، بالإضافة إلى 1.684 طبيبًا آخرين كانوا يعملون في المستشفيات الحكومية، و1.200 طبيب آخر كانوا يملكون عيادات طبية تم إغلاقها فجأة. ولكن العدد الأكبر من الضحايا هم من العاملين في المجال الطبي من غير الأطباء، وعددهم الإجمالي 11.821 تم تسريحهم من وظائفهم، منهم 5.821 كانوا يعملون في القطاع الطبي الحكومي، فضلاً عن 4000 آخرين كانوا يعملون طواقم طبية في المستشفيات.
كما شملت الحملة القمعية الصيادلة، بإغلاق صيدليات واعتقالات وحرمان 400 صيدلية في أنحاء تركيا من الدعم الذي تقدمه الحكومة للمرضى من خلال الضمان الاجتماعي، دون أي تحقيق إداري أو حكم قضائي، بل واعتقلت الشرطة أصحابها بتهمة الانتماء لحركة غولن.