عبر وزير الخارجية العراقي محمد على الحكيم عن رفض العراق القاطع للوجود التركي العسكري على أراضيه، قائلاً إن بلاده لا تؤيد المشاريع التي تسعى بعض الأطراف الدولية بشأن حفظ الأمن في مضيق باب المندب والخليج.
تسلم وزير الخارجية العراقي محمد على الحكيم رئاسة مجلس الجامعة العربية في دورته رقم ١٥٢ من نظيره الصومالي أحمد عيسى عوض، في افتتاح أعمال الاجتماع الوزاري الذي يحضره وزراء خارجية ومسؤولين من ٢١ دولة عربية هي الدول الأعضاء بالجامعة العربية التي لا تزال عضوية سوريا فيها مجمدة.
الوقوف حداد على روح السبسي
واستهل الحكيم حديثه بدعوة الحضور للوقوف دقيقة حداد على روح الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، إضافة إلى تقديمه التهنئة للسودان والحكومة السودانية الجديدة معبراً عن أمله في أن يشهد السودان مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار.
وقال الحكيم في كلمته إنه يجب للظروف المعقدة في المنطقة ألا تنسينا القضية الفلسطينية، مشدداً على موقف العراق بإقامة دولة فلسطين المستقلة، وفق تسوية شاملة.
الأمن الملاحي في الخليج
وأوضح أنه وفي الوقت الراهن انشغل العالم بقضية أمن الممرات في الخليج العربي ومضيق هرمز وخرج حديث عن مشاريع لحفظ الأمن المائي في الخليج والمنطقة قائلاً إن العراق لا يؤيد المشاريع التي تؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة، واعتبر أن الدول المطلة على الخليج قادرة على حماية الملاحة في هذا الممر المائي.
ولفت إلى أن أزمات المنطقة التي تتصاعد بين الجمود والتعقيد يعاني معها أبناء المنطق من نزاعات وتهجير وغيرها من الأزمات مؤكداً أنه على المجلس إيجاد حلول تجنب الشعوب ويلات الحروب والنزاعات.
وقال إن العراق الذي حارب داعش وقضى عليه بدعم الأشقاء والأصدقاء لازال في حاجة لمزيد من الدعم.
وعبر عن رفض بلاده القاطع للوجود العسكري التركي، مشدداً على ضرورة العمل على إنهاء هذا الوجود، ومؤكداً أن العراق أبدى استعداده للتعاون أمنياً مع تركيا لضبط الوضع.
دعوة بعودة سوريا إلى الجامعة العربية
كما دعا إلى الحوار ودعم لجهود الدولية للحل في أزمات سوريا واليمن وليبيا، مشدداً على ضرورة السعي باتجاه الحلول السلمية وداعية لاستعادة سوريا لمقعدها لدى الجامعة العربية.
حال الأزمة يخيم على المنطقة
وبدوره قال أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية إنه ما زال "حال الأزمة" يخيم على المنطقة العربية فهناك جبهات مفتوحة، وجراح لم تندمل في اليمن وسوريا وليبيا، وهناك الملايين من اللاجئين والنازحين تمثل معاناتهم اليومية، وبخاصة النساء والأطفال من بينهم، الكلفة الإنسانية الأفدح لاستمرار هذه النزاعات التي لا زالت تهدد حياة الإنسان ووحدة الأوطان.
وأضاف "استمرار حالة الاحتراب الداخلي في بعض الدول العربية هو الخطر الأول الذي يتهدد الأمن القومي العربي، ذلك أن هذه الحروب، وكما شهدنا خلال الأعوام الماضية، تُضعف مناعة الجسد العربي وتستدعي تدخل الآخرين في شئوننا، وتفتح لهم الباب للتلاعب بمصائرنا عبر تقسيم البلدان إلى ميلشيات متصارعة وطوائف متناحرة".
وأوضح: "ما من غرضٍ لهذه التدخلات غير الحميدة سوى توسيع رقعة النفوذ، وإدارة معارك بالوكالة على أراض عربية تسيل فيها دماء عربية لأهداف لا يُمكن أن تحمل خيراً للعرب.. أتحدث بكل صراحة وأقول إن بعض هذه الصراعات ازداد تأزماً.. فالجرح إن لم يُعالج انتشر وتوغل في الجسد".
ليبيا.. وتفاقم الأزمة
وقال: إن المعارك العسكرية التي تشهدها المناطق المحيطة بالعاصمة طرابلس دخلت شهرها السادس، وتقديري أن مجلسكم الموقر لا ينبغي أن يكون بعيداً عن الجهود المبذولة لإخراج ليبيا من هذه الأزمة المتفاقمة. إن المطلوب اليوم هو خفض فوري للتصعيد الميداني، والتوصل إلى وقف دائم وثابت لإطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، كما أنه مطلوب أيضاً منا جميعاً وفي ضوء الشرخ الكبير الذي أحدثته التطورات الأخيرة في نسيج المجتمع الليبي أن نقف مع أشقائنا الليبيين ونعمل على استعادة جسور الثقة المفقودة بينهم.
وتابع: ومطلوب ثالثاً الخروج بمقاربة شاملة لتسوية الوضع الليبي في مجمله، وتوحيد المؤسسات المنقسمة، واستكمال المرحلة الانتقالية باستحقاقاتها الأمنية والسياسية والدستورية.
اليمن وانقسامات جديدة تهدد وحدة التراب اليمني
وحول اليمن قال: شهدنا انقسامات جديدة تهدد وحدة التراب اليمني التي نسعى جميعاً لصيانتها، وفي هذا الخصوص، فإننا نُرحب بتجاوب الأطراف المختلفة مع دعوة السعودية للحوار ووقف المواجهات المؤسفة التي آلمنا جميعاً اندلاعها في بعض محافظات الجنوب.
وعبر عن تمسك الجامعة بخيار السلام في اليمن؟ ودعمها للشرعية الدستورية للحكومة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، مؤكداً أن العملية السلمية التي تقودها الأمم المتحدة في الحديدة تمثل خطوة جيدة لتخفيض التصعيد العسكري وبناء الثقة، إلا أنها لا زالت تصادف عراقيل يضعها الطرف الحوثي الذي نحمله مسئولية التدهور المطرد في الوضع الإنساني.
قرار الحوثي بيد إيران
واستطرد أبو الغيط: لقد ظهر واضحاً خلال الفترة الماضية أن الطرف الحوثي لا يملك قراره وإنما يتلقاه من دولةٍ أخرى، إننا نكرر الدعوة لإيران بأن ترفع يدها عن الساحة اليمنية وأن تكف عن دعم الميلشيات بالمال والسلاح، وأن تتوقف عن تحويل الأرض اليمنية إلى منصة لتهديد أمن واستقرار الدول المجاورة.
وتابع: ونقول في عبارة واضحة إن اليمن وأهله جزءٌ لا يتجزأ من الأمة العربية، اليمن عمق استراتيجي للأمن العربي. وعلاقات اليمن مع جواره العربي هي الباقية، والتدخلات الخارجية من قوى غير عربية عرض سيزول في يوم قريب، لأن أغلبية الشعب اليمني ترفض هذه التدخلات وتتمسك بعروبتها.
التدخلات الإيرانية
وأردف أبو الغيط: "لقد اتخذت التدخلات الإيرانية في الشئون العربية صورة أكثر خطورة وتهوراً في الشهور الماضية، إذ تجاوزت إشعال الأزمات داخل الدول إلى تهديد أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي. وقد اجتمع القادة العرب في قمة مكة في آخر مايو الماضي لإدانة كافة الاعتداءات الإيرانية على مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية في الخليج العربي وخليج عمان، ومعروض أمام مجلسكم الموقر مشروع قرار في هذا الشأن الذي يهم العرب جميعاً".
سوريا: لا حل بتقطيع الأوصال
وفيما يتعلق بالوضع السوري قال: إن بعض القوى الإقليمية التي تسعى إلى اغتنام الفرص، وتحقيق مكاسب على حساب العرب في لحظة مرتبكة، تُمارس نوعاً من الانتهازية السياسية التي ستترك آثارها في ذاكرة الشعوب قبل الحكومات.
وأكد أبو الغيط أن "الحل في سوريا لا يكون بتقطيع أوصال الوطن السوري إلى مناطق نفوذ تحت هيمنة أجنبية، وإنما بتسوية شاملة على أساس القرار 2254 تضمن للوطن وحدته وتكامل ترابه وتُعطي السوريين جميعاً، في داخل الوطن وخارجه، الأمل في أن الوطن السوري سيعود حاضناً لكافة أبنائه بلا إقصاء.. وبغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني طالما لم ينتهجوا الإرهاب سبيلاً".
وشدد على أن هذا هو المشروع السياسي الوحيد الذي يقود لاستعادة الوطن السوري، شعباً وأرضاً وسيادة.