المونيتور: أردوغان يفقد أقرب أصدقائه.. ووعود تميم بمساعدته ذهبت مع الريح

كشف تحليل لـ"المونيتور" الأمريكية أن العلاقات بين تركيا وقطر ليست حاليا على ما يرام، على الرغم من كونهما الصديقين الأقرب لبعضهما البعض وخاصة خلال الأزمات الأخيرة التي عانت منها كل من الدوحة وأنقرة.

وذكر موقع "المونيتور" الأمريكي العديد من الأمثلة التي تدل على مدى تفاقم حالة التباعد بين تركيا وقطر خلال الفترة الأخيرة، ففي الوقت الذي تعهد فيه أمير قطر العام الماضي باستثمار ما يصل إلى 15 مليار دولار في تركيا، خلال الأزمة المستمرة التي تعرضت لها العملة التركية، فإن هذه الوعود تبدو قد "ذهبت مع الريح"، بل يرصد التقرير عدد من المؤشرات الكمية التي تدل على انسحاب الاستثمارات القطرية من تركيا خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يعني أن تعهد أمير قطر بـ15 مليار، كان مجرد وعود طويلة الأجل وليست أمرا بالاستثمار المباشر والفوري من خلال ضخ الأموال في الاقتصاد التركي كما كان يظن النظام التركي.

مثال آخر وأكثر وضوحا على التوتر كان مشاركة "قطر للبترول" في تحالف مع شركات النفط الأمريكية وعلى رأسها "إكسون موبيل" من أجل استكشاف حقول الغاز قبالة سواحل قبرص وهو ما تعارضه تركيا علنا وباستخدام القوة وعبر التنقيب غير الشرعي عن الموارد الهيدروكربونية قبالة سواحل الجزيرة التي تحتل تركيا شطرها الشمالي.

وتابع التقرير: "تركيا أيضًا تدرك حدود دعم قطر، وخاصة فيما يتعلق بالتنافس على الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، على سبيل المثال، فشلت تركيا في دفع قطر إلى جانبها. مما أثار غضب أنقرة الشديد، وتعاونت قطر للبترول مع شركة إكسون موبيل في عام 2017 في صفقة تنقيب عن الغاز مع القبارصة اليونانيين.. على الرغم من أن أنقرة قابلت هذا الاتفاق بصمت، إلا أن الخطوة القطرية كانت بلا شك مصدر قلق في ظل جهود تركيا لحماية مصالح القبارصة الأتراك، وسط تصاعد خلافات استكشاف الغاز التي شهدت قيام تركيا بإرسال سفنها الحربية والفرقاطات العسكرية إلى المنطقة".

وأعتبر التقرير أن قطر هي من استغلت تركيا من أجل الوقوف بوجه جيرانها الخليجيين بخصوص المقاطعة، واضاف: "كدولة صغيرة تستضيف 11000 جندي أمريكي، تحتاج قطر إلى أن تكون مرنة وتترك لنفسها مجالاً للمناورة. وكان دعم تركيا مهمًا ضد تهديد جيرانها، لكن هذا لا يعني أن قطر ستكون على استعداد للمشاركة في مزيد من التوترات التي تتورط فيها تركيا."

وفيما يتعلق بالعامل الأمريكي في تطورات العلاقات القطرية-التركية، قال التقرير أن الولايات المتحدة تحرص على التوفيق بين قطر ومعسكر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حتى يكون لها جبهة موحدة ضد إيران في الخليج. ولقبول قطر مرة أخرى في هذا المعسكر، يريد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة من قطر أن تنهي دعمها لجماعة الإخوان، وكذلك أن تنأى بنفسها عن تركيا وأن تنهي شراكتها العسكرية معها. ولفت إلى إن "الزيارة المقبلة لأمير قطر لواشنطن في 9 تموز/ يوليو قد تؤثر على كيفية تطور الخلاف بين جيران الخليج."

سحب الاستثمارات القطرية

ويبلغ إجمالي الاستثمارات القطرية الرئيسية المعروفة في تركيا حوالي 6 مليارات دولار وجميعها تعود إلى سنوات قبل عام 2018. وعندما يتعلق الأمر بـ 15 مليار دولار من الاستثمارات التي تم التعهد بها العام الماضي، فليس هناك ما يمكن أن يراه الجمهور التركي.

وأعتبر التقرير أن الأمير تميم بن حمد آل ثاني، الذي يدين للرئيس رجب طيب أردوغان بامتنانه لدعم أنقرة ضد المقاطعة التي تقودها السعودية ضد الإمارة الصغيرة، فشل في الوفاء بوعوده. والأكثر من ذلك، بدأ المستثمرون القطريون بالانسحاب من تركيا في خضم الاضطراب الاقتصادي المستمر. وتابع: "على أية حال، لا يمكن تفسير أي إحجام قطري عن الاستثمارات الجديدة أو سحب الاستثمارات الحالية بالظروف الاقتصادية السيئة في تركيا وحدها، حيث إن العوامل السياسية الصعبة تلعب دورًا كبيرًا."

وفي الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، خرج 4.6 مليار دولار من الاستثمارات القطرية من سوق إسطنبول للأوراق المالية، وذلك وفقًا لأرقام صادرة عن الجهات الحكومية في تركيا.

من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر، ساهم القطريون بمبلغ 35 مليون دولار فقط في إجمالي 3.2 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من العام، بما في ذلك 1.9 مليون دولار تم استثمارها في العقارات، وفي نفس الفترة من عام 2018، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر من قطر 73 مليون دولار.

واضاف التقرير: "كخطوة أولى بعد التعهد بـ15 مليار دولار استثمارات، وقع البنك المركزي التركي والقطري على اتفاقية لتبادل العملات في آب/ أغسطس الماذي، وبموجبها قاموا بمقايضة مبالغ تعادل 3 مليارات دولار. ومع ذلك، فإن مقايضة العملات بين البنوك لا يمكن اعتباره استثمارًا، وفقًا لأوغور جورس  وهو خبير اقتصادي تركي مشهور، فإن العملية لم تتجاوز ضخ بعض الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي التركي".

لا شك أن الظروف الاقتصادية والسياسية في تركيا تؤثر على القطريين أيضًا، كما أثرت على غيرهم، إذ يبدو أن شركة "ديجيتورك" Digiturk، التي اشترتها مجموعة BeIN الإعلامية القطرية في عام 2015، تعيش حاليا في حالة يرثى لها. قال المعلق الاقتصادي بادر أوزغور إن عدد المشتركين في شركة ديجيتورك انخفض إلى 2.4 مليون بعد أن كان 3 ملايين على مدار السنوات الأربع الماضية، ما أدى إلى انخفاض في عائدات الإعلانات. ونتيجة لذلك، لا ترغب الشركة في دفع 1.5 مليار دولار مقابل حقوق البث لمدة ثلاث سنوات لدوري كرة القدم التركي، مفضلةً التخلي عن المبلغ المدفوع مقدمًا والبالغ 162 مليون دولار بدلاً من دفع مقابل حقوق البث. وقال أوزغور للمونيتور: "لقد ذهبت يد المساعدة البالغة 15 مليار دولار مع الريح".