وتجمع مئات السودانيين اليوم الجمعة احتفالا بالاتفاق الذي توصل إليه المجلس العسكري الحاكم وقادة الاحتجاجات حول المرحلة الانتقالية المقبلة، وتقاسم السلطة خلالها، وذلك بعد أشهر من التوتر والصدام منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير بثورة شعبية أنحاز لها الجيش.
وقال وسيط الاتّحاد الإفريقي محمّد الحسن لبات خلال مؤتمر صحفي الطرفان أتفقا على "إقامة مجلس للسيادة بالتّناوب بين العسكريّين والمدنيّين ولمدّة ثلاث سنوات قد تزيد قليلاً".
ورحب نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي الاتفاق متمنياً أن يلبي تطلعات الجميع. وقال حميدتي: "نطمئن جميع الكيانات السياسية والحركات المسلحة وكل من شارك في الثورة بأن الاتفاق لا يقصي أحد"، متوجهاً بالشكر للوساطة ولكل من السعودية والإمارات والولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا لجهودهم في تحقيق الاتفاق.
وقدم قدم القيادي بقوى الحرية والتغيير عمر الدقير خطبة عصماء ندد من خلالها بحكم المخلوع البشير، وقال ان الاتفاق سيفتح الطريق أمام تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية وقال ان أولويات الحكومة تحقيق السلام والقصاص من قتلة الشهداء، حسبما ذكرت صحيفة الإنتباهة السودانية.
وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان له اليوم على صفحته الرسمية على "فيس بوك": "ها نحن نُسطِّر ملحمة النصر ونُنفِذ إرادة الشعب المُصادم الجبَّار القاهر لكل صلفٍ ولكل دكتاتورية واستبداد، لنُقدِّم للأجيال القادمة لحظات من التاريخ الزاهي، تُدرَّس وتُلقَّن لأطفالنا القادمين ساعة فساعة، كأبهى لوحة شرفٍ وأزهى معنى للبطولة والتضحية."
وتابع البيان: "إن تنحي الرئيس ونظامه كان مطلباً أولاً، وتسليم البلاد لسلطة مدنية كان مطلباً ثاني، وسنمضي في إنجاز أهداف الثورة سِنةً سِنة وتكةً تكة، تحريراً للوطن وترسيخاً لمعنى التغيير الشامل، تغييرٌ ميسمه وسُداته هتاف أليف صاغ تطلعات الثورة والثوار، حرية، سلام وعدالة، كخيارات لا مناص من إنجازها ولا تنازل عن أي حرف فيها."
ويتضمن الاتفاق على تفاصيل الفترة الانتقالية بكاملها ومدتها ثلاث سنوات وثلاثة أشهر على النحو التالي:
- الستة أشهر الأولى لعملية السلام.
- الواحد وعشرون شهراً الأولى- تتضمن الستة أشهر الأولى- تكون رئاستها للعسكريين.
- آخر ثمانية عشر شهراً تكون رئاستها للمدنيين.
- مجلس وزراء من كفاءات وطنية تقوم بتشكيله قوى الحرية والتغيير.
- المجلس السيادي يتكون من خمسة عسكريين وخمسة مدنيين، بالإضافة لعضو مدني يتوافق عليه الطرفان (المجموع أحد عشر).
- تأجيل المجلس التشريعي ليتشكل بعد تشكيل مجلس السيادة ومجلس الوزراء.
- لجنة فنية مشتركة من قانونيين بمشاركة أفريقية تنهي أعمالها خلال 48 ساعة إبتداءً من صباح السبت كي يتم توقيع الاتفاق السياسي النهائي.
- لجنة تحقيق وطنية مستقلة للأحداث منذ 11 نيسان/أبريل 2019
ترحيب عربي بالاتفاق
وأعربت مصر عن ترحيبها "بالإعلان عن اتفاق الأشقاء في السودان على تشكيل مجلس سيادي لمدة ثلاث سنوات، فضلاً عن تشكيل حكومة مدنية تضم كفاءات وطنية مستقلة."
وأشار البيان الصادر عن وزارة الخارجية يوم الجمعة إلى أن مصر تعتبر أن هذا الاتفاق يمثل خطوة هامة على طريق تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في البلاد، معربةً عن دعمها الكامل لخيارات الشعب السوداني الشقيق بكامل أطيافه من أجل تحقيق آماله في الأمن والاستقرار والرخاء. وشدّدت مصر على استمرار قيامها بكل ما يلزم نحو دعم الأشقاء في السودان لتجاوز المرحلة الحالية واستعادة السودان لدوره الهام عربياً وأفريقياً ودولياً.
رحبت الإمارات العربية المتحدة الجمعة بالاتفاق في السودان بين المجلس العسكري الحاكم والمحتجين على هيئة حكم جديدة في البلاد، ودعا وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش إلى "تأسيس نظام دستوري راسخ".
رحب وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت باتفاق المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان "وقوى إعلان الحرية والتغيير" على خطط الانتقال إلى الحكم المدني في السودان ووصفه بأنه "لحظة تاريخية". وأكد هنت في بيان على ضرورة تحقيق التغيير الذي طالب به الشعب السوداني الشجاع، مشيرًا أن المملكة المتحدة تظل على أهبة الاستعداد لتقديم كل العون الممكن للسودان خلال مرحلة انتقاله للحكم المدني وما بعدها.
ورحب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بالاتفاق الذي تم الإعلان عنه فجر اليوم الجمعة 5 يوليو بالخرطوم بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير حول تشكيل المجلس السيادي وحكومة الكفاءات المستقلة لإدارة شئون البلاد خلال المرحلة الإنتقالية.
وأثنى أبو الغيط على الروح الايجابية البناءة والمرونة التي تحلى بها المجلس العسكري وقيادات قوى إعلان الحرية والتغيير وكافة الحركات السياسية والمدنية والتي أفضت إلى الوصول إلى هذا التوافق السوداني الهام حول ترتيبات وهياكل المرحلة الإنتقالية لتمكين السودان من عبور الصعاب التي تواجه البلاد.
وصرح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام بأن أبو الغيط عبر عن ثقته في قدرة الأطراف السودانية على استكمال مسيرة الانتقال الديمقراطي في البلاد والوصول بها إلى بر الأمان، وأكد على أن الجامعة العربية ستظل ملتزمة بمرافقة الأطراف السودانية في هذه المسيرة دعماً لكل ما يثبت من استقرار البلاد ويحقق تطلعات كافة أطياف الشعب السوداني ويصون الدور العروبي الفاعل الذي يضطلع به السودان في منظومة العمل العربي المشترك.
وأضاف المتحدث الرسمي أن أبو الغيط كان قد تلقى تقريراً مفصلاً من وفد الأمانة العامة الذي قام خلال تواجده في الخرطوم بسلسلة من اللقاءات والاتصالات مع المجلس العسكري وممثلي القوى والحركات السياسية والمدنية لتشجيع الحوار القائم بين الأطراف السودانية وتتويجه بالاتفاق على مجمل الترتيبات التي تكفل الانتقال المنظم والمنضبط والتوافقي للسلطة في البلاد.
كما أثنى المتحدث الرسمي على الجهد الذي قام به الإتحاد الأفريقي في تيسير عملية التفاوض بين الأطراف السودانية وأعرب عن ثقته في أن إتفاق اليوم سيساهم في سرعة إستعادة السودان لعضويته المعلقة منذ يوم 6 يونيو الماضي في كافة أجهزة وهياكل الإتحاد.