أصدرت وحدة تحليل السياسات بمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، دراسة بعنوان "تراجع بَاهِظٌ الثمن: حصيلة ثماني سنوات من الإرهاب في مصر"، وذلك بالتزامن مع اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، الموافق 21 أغسطس من كل عام والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تكريم ودعم ضحايا الإرهاب والناجين منه وتعزيز وحماية تمتعهم الكامل بحقوق الإنسان وبحرياتهم الأساسية.
واستغلت مؤسسة ماعت هذه المناسبة لتذكير والتنبيه بأنّ بعض الشركاء في الإنسانية يحرمون من مقوّمات الحياة الطبيعية من أمن واستقرار وطمأنينة بسبب الاعتداءات الإرهابية التي ألمّت بهم، ممّا يستدعي الوقوف معهم فضحايا الإرهاب ما زالوا يكافحون لإسماع أصواتهم أملاً في تلبية احتياجاتهم، وغالبًا ما يشعر أولئك الضحايا بالإهمال بمجرّد تلاشي التأثّر الفوري للهجمات الإرهابية، الأمر الذي تترتب عليه عواقب وخيمة عليهم.
وأكد التقرير أن المنظومة الأممية والسياقات الحقوقية بقيت عاجزة عن مجاراة هذه الظاهرة المدمرة، وبقيت أدواتها قاصرة عن ملاحقة تلك التنظيمات أو محاسبة من يقفون ورائها ويستفيدون من وجودها، وهنا برزت إشكالية العلاقة بين الإرهاب وحقوق الإنسان، فما بين مطالبات بتوفير ضمانات لاحترام حقوق الإنسان في سياق الحرب على الإرهاب من جانب، ومطالبات بتطوير الحرب على الإرهاب من منطلق حماية الحق في الحياة والحق في التنمية من جانب آخر، وقفت المنظومة الأممية في حيرة وموقف لا تُحسَّد عليه، في حين أن نزيف الدماء لم يتوقف، وسط عجز دولي وتقصير واضح.
وفيما يتعلق بمصر فقد كشفت الدراسة على أن 59% من إجمالي العمليات الإرهابية استهدف بشكل أساسي قوات الجيش والشرطة والمؤسسات الأمنية والعسكرية، في حين بلغ معدل استهداف المدنيين والمنشآت العامة والخاصة نحو 33% من إجمالي العمليات الإرهابية، فيما بلغت نسبة استهداف الأقباط ومنشآتهم الدينية والخاصة نحو 7% من إجمالي وقائع الإرهاب، وشكلت عمليات الاغتيال نسبة 1% المتبقية.
ووفقًا للدراسة، لم تَنْجُ محافظة مصرية واحدة من مرمى نيران الجماعات الإرهابية، حيث شهدت جميع المحافظات أحداث عُنف وإرهاب خلال فترة الدراسة، فيما تمركزت غالبية العمليات الإرهابية في نحو 5 محافظات وهي "شمال سيناء، القاهرة، الجيزة، الفيوم، المنيا" بعدد 947 عملية إرهابية من أصل 1216 عملية شهدتها محافظات الجمهورية، أي بنسبة 78% من إجمالي أحداث العُنف والإرهاب.
وجاءت محافظات "أسوان، الوادي الجديد، مطروح" في ذيل قائمة المحافظات من حيث عدد وقائع الإرهاب، حيث سجلت المحافظات مجتمعة 8 عمليات إرهابية فقط.
هذا فيما احتلت شمال سيناء صدارة المحافظات الأكثر عُنفًا، والتي شهدت 683 عملية إرهابية بنسبة 56% من إجمالي العمليات الإرهابية، تليها محافظة القاهرة بعدد 94 حادث إرهابي بنسبة 8%، ثم الجيزة بعدد 91 عملية إرهابية، وحلَّت الفيوم في المرتبة الرابعة بتسجيل 40 حادث إرهابي بنسبة 3%، ثم محافظة المنيا بتسجيل 39 حادث إرهابي بمعدل 3%.
وبدوره أكد أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن العمليات والممارسات الإرهابية بجميع أشكالها وصورها، هي أنشطة تهدف إلى تقويض حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وفي القلب منها الحق في الحياة، الذي هو الأساس الذي تقوم عليه جميع الحقوق. مشيرًا إلى أن الإرهاب لم يعد جريمة محلية يمكن التحكم فيها وحصر نطاقها داخل أُطر جغرافية بعينها، بل أصبح عابرًا للحدود والحواجز الجغرافية، ولذلك ينبغي للمجتمع الدولي اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز التعاون من أجل منع الإرهاب ومكافحته.
وأضاف عقيل أن الضحايا يمثلون "البعد الإنساني للإرهاب"، وأن اليوم العالمي لضحايا الإرهاب بمثابة فرصة لتكريم وتخليد ذكرى هؤلاء الضحايا حول العالم.
بدوره أوضح إسلام فوقي، مدير وحدة تحليل السياسات بالمؤسسة أن موجة العُنف الأكثر دموية في تاريخ مصر هي التي تلت رحيل الإخوان عن السُلطة، والتي استمرت عدة سنوات قبل أن تنجح الدولة في النهاية في تحجيمها بشكلٍ كبير.
وكشف فوقي عن وقوع 1216 حادث إرهابي نتج عنه سقوط حوالي عشرة آلاف وستمائة وثلاثة وستون ضحية ما بين قتيلٍ وجريح، حيث تم تسجيل 2965 حالة قتل، تكبدت قوات الجيش والشرطة نحو 1201 قتيل، فيما سقط من المدنيين نحو 1764 حالة، وعلى صعيد آخر، تم تسجيل 7698 حالة إصابة بواقع 1702 إصابة بين صفوف قوات الجيش والشرطة، ونحو 5996 إصابة بين المدنيين.