الذكرى الـ 98 لوعد بلفورالمشؤوم

يصادف اليوم الذكرى الـ 98 لوعد بلفور المشؤوم الذي صب الهموم على رأس الشعبين الفلسطيني والكردي في إطار مخططات واتفاقيات ممنهجة.

 يصادف اليوم الذكرى الـ 98 لوعد بلفور المشؤوم الذي صب الهموم على رأس الشعبين الفلسطيني والكردي في إطار مخططات واتفاقيات ممنهجة. 

ويصادف اليوم الذكرى السنوية الـ 98 لوعد بلفور الاسم الذي يطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

وصب وعد بلفور أيضاً بويلاته على الشعب الكردي الذي تعرض إلى العديد من المخططات الهادفة لتقسيم وتشتيت الشعب الكردي، لأنه جاء متمماً لتلك الاتفاقيات.

فالفلسطينيين والكرد لم يهاجروا إلى بلادهم الحالية بل هما شعبان يعيشان على أرضهم التاريخية التي يتواجد فيها تاريخهم وحضارتهم وأثارهم التي انتقلت معهم منذ آلاف السنين.

فالشعب الفلسطيني لم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة، بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936.

ومن جهتها اتخذت الحركة الصهيونية العالمية وقادتها من هذا الوعد مستنداً قانونياً لتدعم به مطالبها المتمثلة في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود بالحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي لهم، يجمع شتاتهم بما ينسجم وتوجهات الحركة الصهيونية، بعد انتقالها من مرحلة التنظير لأفكارها إلى حيز التنفيذ في أعقاب المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، والذي أقرّ البرنامج الصهيوني، وأكد أن الصهيونية تكافح من أجل إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين.

وبالنسبة للشعب الكردي جاء هذا الوعد متمماً لاتفاقية سايكس بيكو عام 1916، والتي تم فيها تقسيم منطقة الهلال الخصيب “ميزوبوتاميا” بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية. لتفرق هذه الاتفاقيات بين الشعوب والأهل والعشائر التي كانت ولا تزال تشكل الامتداد الاجتماعي الواحد ما بين الكرد في سورية، تركيا، العراق وإيران إلا أنه على الشريط ما بين سوريا وتركيا زرع اليهود للأتراك في الخمسينيات من القرن الماضي ملايين الألغام. ولم يستطع أحد أن يشفي هذه العلل والأمراض في قلب الشرق. 

فمن سايكس بيكو إلى وعد بلفور إلى فكر جديد مشتق من رؤى وخيالات (فيخته) الفيلسوف الألماني وذلك في كتابه (روح الأمة) حيث يركز على اللغة والعنصر الأصيل وتمجيد العرق الواحد مما أثر كثيراً في رائد البعث (ساطع الحصري) الذي أخذ لب وروح هذه النظريات النازية وأصبحت هي الدينامو في توليد العناصر المختلفة في تأسيس روح القومية العربية العنصرية التي طبقت فعلياً على أرض الواقع وقسمت كردستان.

وحين صدر وعد بلفور كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان، وقد أرسلت الرسالة قبل أن يحتل الجيش البريطاني فلسطين، ويطلق عليه المناصرون للقضية الفلسطينية عبارة “وعد من لا يملك لمن لا يستحق”.

وكانت بريطانيا رغبت في مكافأة إسرائيل على عملها، ومساعدتها لها في الحرب، ورغبت أيضاً في كسب اليهود، فكان ذلك الوعد عام (1917) م، وكان الثمن إعطاء ما لا يملك شيئاً لمن لا يستحق شيئاً.

وقد عرضت الحكومة البريطانية نص تصريح بلفور على الرئيس الأميركي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسمياً سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأميركي ولسون رسمياً وعلنياً سنة 1919، وكذلك اليابان، وفي 25 نيسان سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 تموز عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923، وبذلك يمكننا القول إن وعد بلفور كان وعداً غربياً وليس بريطانياً فحسب.

ويعتبر وعد بلفور بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة مع رغبات “الصهيونية العالمية” على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.

وبعد ذلك بدأت الهجرة الإسرائيلية لفلسطين وتتابعت الهجرة من شتى أقطار العالم، وانصهرت في بوتقة اليهودية أكثر من سبعين جنسية من مصر، واليمن، والحبشة، والعراق، والهند، وأوروبا، وروسيا، وأمريكا، وغيرها.

وفي عام (1948) ارتفع عدد اليهود من خمسين ألف مهاجر إلى ستمائة وخمسين ألفاً، ثم تتابعت الهجرات من كل أنحاء العالم.

...