السيسي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القبرصي: نرفض أي مساس بالسيادة القبرصية

أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تضامن بلاده مع قبرص على حيال أية ممارسات من شأنها المساس بالسيادة القبرصية أو محاولات فرض أمر واقع، بما يقوض فرص تسوية القضية القبرصية على أساس وحدة الجزيرة.

استقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اليوم، بقصر الاتحادية الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، للمشاركة في أعمال اللجنة الحكومية العليا بين مصر وقبرص في القاهرة، والتي تعقد للمرة الأولى على المستوى الرئاسي.

وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن الرئيسين عقدا جلسة مباحثات ثنائية، تلاها اجتماع اللجنة الحكومية العليا، رحب خلالها الرئيس المصري بنظيره القبرصي والوفد الوزاري المرافق له في بلدهم الثاني مصر، مؤكداً أهمية العمل على استثمار ما يتوفر لدى البلدين الصديقين من إمكانات كبيرة لتحقيق مصالحهما المشتركة بما يمثل نموذجاً يحتذى به على المستوى الإقليمي في الترابط والتعاون.

كما ثمن السيسي حرص مصر وقبرص على ترفيع الإطار العام للعلاقات الثنائية من خلال تدشين اللجنة العليا للتعاون الثنائي بين البلدين على المستوى الرئاسي، وهو ما يعكس الاهتمام بتعزيز ودفع العلاقات لمستوى متقدم، ويؤكد على الرغبة السياسية المشتركة لتفعيل وتطوير المشروعات القائمة، وإطلاق مجالات جديدة للتعاون بين البلدين، ومتابعة تنفيذها على أعلى مستوى وبشكل دوري، وبما يتسق مع العلاقات السياسية المتميزة التي وصلت مؤخراً إلى مستوى غير مسبوق من الشراكة.

من جانبه، أعرب الرئيس القبرصي عن سعادته بزيارة القاهرة، موجهاً الشكر للرئيس المصري على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ومؤكداً ما يجمع الشعبين المصري والقبرصي من روابط حضارية واجتماعية وطيدة ممتدة عبر التاريخ، واعتزاز بلاده بعلاقاتها الاستراتيجية مع مصر، والحرص على مواصلة تعزيز تلك العلاقات والارتقاء بمحاورها المختلفة.

كما أكد الرئيس القبرصي أن تدشين اللجنة الحكومية العليا بين مصر وقبرص على المستوى الرئاسي من شأنه أن يمثل خطوة جديدة على طريق تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، والتي باتت ركيزة من ركائز الاستقرار الإقليمي، وبما يعظم استفادة الجانبين من الفرص والإمكانات الكامنة في علاقات التعاون الثنائي، ويضيف مزيداً من الزخم إلى هذا التعاون المثمر في القطاعات المختلفة.

وأضاف المتحدث الرسمي أن اجتماعات اللجنة الحكومية العليا بين مصر وقبرص شهدت استعراض مختلف أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، خاصةً في عدد من المجالات التي تحمل فرصاً واعدة كمسارات للتعاون المستقبلي، وعلى رأسها مجال الطاقة بأطره القائمة مثل مشروعات الربط الكهربائي، أو أطر جديدة ممكنة في هذا القطاع مثل مشروعات الطاقة المتجددة، مع التأكيد على في هذا السياق على أهمية الإسراع في خطوات تنفيذ مشروع خط الأنابيب الذي سيربط حقل "افروديت" القبرصي بمحطتي الإسالة المصرية في إدكو ودمياط تمهيداً للتصدير للأسواق الأوروبية.

كما تطرقت المباحثات إلى مناقشة عدد من القطاعات والمجالات الأخرى، مثل التعاون في مجالات الأمن والدفاع، والزراعة والاستزراع السمكي والسياحة والثقافة والنقل، فضلاً عن جهود رفع معدلات التبادل التجاري والاستثماري بالشراكة مع القطاع الخاص ومجتمع رجال الأعمال من الجانبين، بالإضافة إلى التعاون في مجالات البحث العلمي والتعليم العالي.

وفي ختام المباحثات؛ جدد الرئيسان التأكيد على أن عقد اللجنة الحكومية العليا على المستوى الرئاسي يعد بمثابة قاعدة انطلاق إضافية جديدة على صعيد تعزيز وترسيخ التعاون والتكامل بين البلدين الصديقين، وتأكيداً للخط الصاعد في العلاقات الثنائية والإرادة السياسية المتبادلة لتحقيق مصالح الشعبين، والانطلاق بتلك العلاقات لآفاق أرحب ومجالات أوسع للتعاون البناء والمثمر، مع التشديد على ضرورة العمل على ترجمة هذا الالتزام السياسي إلى مشروعات وبرامج محددة تحقق مصلحة الجانبين في مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية، خاصةً من خلال تذليل كافة العقبات على المستوى التنفيذي والفني، بما يدعم الجهود المشتركة لتحقيق التنمية الشاملة المنشودة لمصلحة الشعبين العريقين.
وخلال مؤتمر صحفي في ختام المباحثات أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية اللقاء في إطار حرص البلدين المستمر على التشاور وتبادل الرؤى ووجهات النظر حول مختلف الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وكذا العمل على مزيد من تعزيز علاقات التعاون بين مصر وقبرص، وبما يحقق مصالحنا المشتركة ويعضد من جهودنا لمواجهة التحديات الماثلة في منطقتنا، ويسهم في تحقيق الاستقرار والأمن والرفاهية لشعوبنا.

وأضاف السيسي "لا يخفى عليكم مدى تثميننا للعلاقات الخاصة التي تربط بلدينا، والتي تقوم على أرضية صلبة من التمازج الحضاري الذي ميز علاقات الشعبين المصري والقبرصي تاريخياً. كما إنني فخور بالعمل الذي قمنا به سوياً على مدى السنوات الماضية نحو تدعيم وتطوير صداقتنا التقليدية، إذ شهدت تلك الفترة بلا شك تنامياً ملحوظاً في حجم التعاون والتنسيق بين بلدينا حيال العديد من الملفات والقضايا وعلى مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، سواءً كان ذلك على المستوى الثنائي أو في إطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، على نحو جعل من هذا التعاون الفريد نموذجاً يُحتذى به في كيفية تحقيق التكامل على المستوى الإقليمي".

وأوضح "في إطار التزامنا بالاستمرار على هذا النهج في تقوية أواصر صداقتنا، يسعدني أن أعلن عن اتخاذنا لخطوة مهمة وأكثر تقدما على صعيد توليد مزيد من الزخم في علاقاتنا الثنائية، حيث ترأست اليوم مع فخامة الرئيس الاجتماع الأول لتدشين اللجنة الحكومية العليا بين البلدين، لتصبح إطارا لمتابعة مسارات التعاون الثنائي على أعلى مستوى في البلدين في توقيت مفصلي ومهم، إذ نسعى لتحقيق نقلة نوعية في وتيرة هذا التعاون في خضم تحديات إقليمية ودولية هائلة لا تخفى على أي منا، وإنني على ثقة في أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاس إيجابي ملموس على مجمل العلاقات بين البلدين من حيث تعميق وتكثيف مسارات العمل المشترك في مختلف المجالات؛ السياسية والاقتصادية والتجارية والزراعية والسياحية، فضلاً عن أن اللجنة العليا ستكون محفلاً هاماً لتبادل وجهات النظر تجاه القضايا الإقليمية بشكل دوري ومستمر".

وشدد السيسي على أن الشراكة الاستراتيجية التي تم تأسيسها في شرق المتوسط تستوجب تنسيقا دائماً يهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، والالتزام بالدعم المتبادل إزاء كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ولفت إلى أنه في هذا الإطار أجرى، اليوم، على هامش الاجتماع الأول لتدشين اللجنة العليا للتعاون بين مصر وقبرص، مباحثات مثمرة وبناءة مع فخامة الرئيس القبرصي، شهدت توافقاً ملحوظاً في وجهات النظر حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك التي ناقشناها.

وأوضح الرئيس السيسي أنه أكد للرئيس القبرصي خلال المباحثات على الموقف المصري الثابت إزاء الوضع في منطقة شرق المتوسط والقضية القبرصية، والمستند إلى ضرورة التزام كافة الدول باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، خاصة مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السيادة والمياه الإقليمية للدول، وأهمية احترام الحقوق السيادية لدول المنطقة اتصالاً بمسألة التنقيب عن الغاز الطبيعي والثروات الهيدروكربونية في مناطقها الاقتصادية الخالصة طبقاً للقانون الدولي واتفاقيات تعيين الحدود البحرية ذات الصلة.

وتابع: كما أكدت لفخامة الرئيس على موقف مصر الثابت من مساعي تسوية القضية القبرصية وفق مقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشدداً على تضامننا مع قبرص حيال أية ممارسات من شأنها المساس بالسيادة القبرصية أو محاولات فرض أمر واقع مستحدث بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن، وبما يقوض فرص التوصل لتسوية القضية القبرصية على أساس وحدة الجزيرة والأطر التي توافق المجتمع الدولي عليها لحل القضية.

وأردف: استمراراً لخطنا الثابت في تعزيز العلاقات مع شركائنا في إقليم المتوسط، فقد توافقتُ وفخامة الرئيس القبرصي حول أهمية تعزيز الآلية القائمة للتعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان لمواصلة التنسيق السياسي والتعاون الفني بين الدول الثلاث، وضرورة العمل على تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الآلية التي تجمع دولنا الثلاث تحديداً بحكم تفرُد تلك العلاقة. وفي هذا السياق فقد اتفقنا على أهمية التحضير الجيد للقمة الثلاثية القادمة والمقرر أن تنعقد في اليونان في أكتوبر 2021.

وعلى الصعيد الإقليمي، قال الرئيس السيسي: "تناولت مباحثتنا اليوم آخر التطورات ذات الصلة بالملف الليبي، فاتقفت رؤانا على ضرورة عقد الانتخابات الليبية في الموعد المحدد لها في ديسمبر القادم، مع التشديد على أهمية خروج كافة القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، وعودة ليبيا إلى أيدي أبنائها ليصونوا مقدراتها ويبنوا مستقبلها بإرادتهم الوطنية المستقلة دون تدخلات خارجية.

ولفت إلى أن المباحثات تناولت كذلك آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددا على ضرورة تضافر الجهود الدولية لتقديم الدعم اللازم لقطاع غزة المتضرر بشدة من جراء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، وكذا العمل على عودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مجدداً إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية نهائية تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.

وتطرق إلى ملف السد الإثيوبي قائلا: في هذا الصدد أطلعت فخامة الرئيس القبرصي على جهودنا المستمر للتوصل إلى حل عادل لأزمة سد النهضة، وجهودنا لاستئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لملء وتشغيل السد، مؤكداً أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدور جاد في هذا الملف حفاظاً على استقرار المنطقة.

وأعرب الرئيس المصري في ختام كلمته عن تطلعه لأن تشهد الفترة القادمة مزيداً من التعاون والتنسيق بين مصر وقبرص، بما يحقق الرخاء والازدهار للشعبين الصديقين، ويولد مزيداً من الزخم للشراكة الاستراتيجية وللصداقة التقليدية التي تجمع بين الشعبين والبلدين.