السودان تستنكر تصريحات مسؤولين إثيوبيين ومصر تحذر من خط أحمر حول السد
التقت الدكتورة مريم الصادق وزيرة الخارجية السودانية يوم الجمعة بالرئيس الرواندي بول كيجامي ونقلت إليه رسالة شفهية من الدكتور عبد الله ادم حمدوك رئيس مجلس الوزراء.
التقت الدكتورة مريم الصادق وزيرة الخارجية السودانية يوم الجمعة بالرئيس الرواندي بول كيجامي ونقلت إليه رسالة شفهية من الدكتور عبد الله ادم حمدوك رئيس مجلس الوزراء.
وقدمت وزيرة الخارجية السودانية للرئيس الرواندي شرحا مفصلا للاوضاع في السودان بشكل عام وحول مفاوضات سد النهضة والجهود التي يبذلها السودان للتوصل لإتفاق مقبول لدى كل الاطراف، كما أبلغته تحيات الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة. وذلك في وقت أكدت وزارة الخارجية السوانية أنها تتابع بأسف بالغ الأحاديث المتكررة للمسؤولين الأثيوبيين عن أن السودان يعمل على الزام اثيوبيا بما تسميه "الاتفاقيات الاستعمارية" حول مياه النيل واتفاقيات الحدود بين البلدين.
وقالت الدكتورة مريم الصادق في تصريحات صحفية نقلتها وكالة الأنباء السودانية سونا، عقب اللقاء أن الرئيس بول كيجامي أبدى تفهما عميقا لمواقف السودان وتعاطفا واضحا مع قضيته العادلة بشأن سد النهضة.
وأضافت ان الرئيس كيجامي عبر عن حرصه الاكيد علي تطوير العلاقات الثنائية بين السودان ورواندا، وأكد انه سيشارك بنفسه في مؤتمر باريس لشركاء السودان. وأشارت إلى ان السودان ينظر بتقدير كبير لتجربة رواندا النموذجية الرائدة في التعامل بندية وكفاءة مع المانحين الاجانب ومؤسسات التمويل الدولية ويمكن للسودان ان يستفيد من هذه التجربة الافريقية المقدرة، وأضافت وزيرة الخارجية ان رواندا لديها ايضا تجربة متميزة في التصالح الوطني الشامل وادارة التنوع مكنتها من النهوض والتطور والنماء الاقتصادي المثير العجاب والتقدير من رماد الحرب الاهلية والتصفية العرقية خلال وقت قصير نسبيا.
وأوضحت أن الرئيس كيجامي قد شدد خلال اللقاء علي ضرورة تمكين المراة ودعمها ومساندة ومشاركتها في الحياة العامة في كل الدول الافريقية لضمان تحقيق النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي في افريقيا.
وكانت الدكتورة مريم الصادق وزير الخارجية قد وصلت العاصمة الرواندية كيغالي مساء الخميس قادمة من العاصمة الكينية من نيروبي في إطار جولة تشمل عدد من الدول الإفريقية لشرح موقف السودان َن تطورات قضية سد النهضة الاثيوبي.
تتابع وزارة الخارجية السوانية بأسف بالغ الأحاديث المتكررة للمسؤولين الأثيوبيين عن أن السودان يعمل على الزام اثيوبيا بما تسميه "الاتفاقيات الاستعمارية" حول مياه النيل واتفاقيات الحدود بين البلدين.
وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إنه "من الأعراف المستقرة في العلاقات الدولية التزام الدول والحكومات بالاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقعتها الانظمة والحكومات السابقة لها"، شددت الوزارة على إن التنصل عن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية باطلاق التصريحات الصحفية وتعبئة الرأي العام المحلي ضدها لأسباب سياسية محلية، إجراء يتسم بعدم المسؤولية ومن شأنه ان يسمم مناخ العلاقات الدولية ويجعله عرضة للإرادات المنفردة ويشيع فيها الفوضى ويقوض أسس حسن الجوار التي تأسست عليها العلاقات السودانية الاثيوبية لقرون. إن الإدعاء الاثيوبي أن الاتفاقيات المعنية ارث استعماري لا يعتد به هو مغالطة صريحة للوقائع التاريخية، فلقد كانت اثيوبيا دولة مستقلة ذات سيادة وعضواً فى المجتمع الدولي وقت ابرام تلك الاتفاقيات، بينما كان السودان خاضعاً للإستعمار الثنائي.
وتابع البيان الذي ورد وكالة فرات للأنباء ANF نسخة منه "نود أن نلفت عناية جارتنا إثيوبيا إلى أن مثل هذا التنصل الانتقائي عن الاتفاقات الدولية لاسباب دعائية وسياسية محلية نهج مضر ومكلف ولا يساعد على التوصل لاتفاق متفاوض عليه ومقبول لدي كل الاطراف.
- كما لا نحتاج أن نذكر اثيوبيا بأن التهاون غير الرشيد في استخدام مثل هذه الدعاوى المضللة والتنصل عن الاتفاقات السابقة، يعني كذلك المساس بالسيادة الاثيوبية على إقليم بني شنقول الذي انتقلت اليها السيادة عليه من السودان بموجب بعض هذه الاتفاقيات بالذات.
- إن جر مسائل أخرى إلى النقاش غير موضوع التفاوض، وهو ملء وتشغيل سد النهضة، غير منتج ولا هدف له إلا الاستمرار فى عرقلة التفاوض سعياً لفرض سياسات الأمر الواقع التي لا تخدم قضايا حسن الجوار وأمن واستقرار الاقليم والقارة.
من الافضل لمصالح إثيوبيا وخيارات حاضرها والازدهار المستقبلي المؤمل لكل دول وشعوب المنطقة ذات الصلة أن تعول إثيوبيا على العمل المشترك القائم على المصالح المشتركة، و الا تستغرق في محاولات الهروب من مشاكلها الداخلية بخلق عداوات تختلقها مع السودان او غيره من دول القارة، وأن تعمل مع السودان وغيره للاتفاق على الأطر القانونية المؤسسة لهذه المصالح والمؤمنة لاستدامتها."
وبينما اصدرت وزارة الخارجية بيانا صحفيا تستنكر فيه تصريحات مسؤولين اثيوبيين حول الاتفاقيات المؤقعة بين البلدين، دعا السفير المصري لدى واشنطن، معتز زهران، إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى التدخل للمساعدة والتوسط فى حل سلمى لأزمة سد النهضة الإثيوبى، محذرًا من وقوع اضطرابات بالمنطقة في حالة فشل التوصل لتسوية بين أطراف النزاع الثلاثة، في تكرار للتحذيرات المصرية التي اطلقتها القاهرة خلال مؤتمر صحفي للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من قناة السويس قبل نحو شهر.
وقال السفير معتز فى مقال له على موقع مجلة فورين بوليسى الدورية الأمريكى، إن إثيوبيا إذا أقدمت على ملء السد من جانب واحد مرة ثانية ستكون قد تجاوزت "الخط الأحمر" الذى حدده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، مضيفًا أن واشنطن وحدها هى التى تستطيع حل أزمة السد، وحث إدارة بايدن- التى تدرس حاليًّا أفضل سياسة لإدارة هذا الوضع- على التحرك الآن لأن مستقبل النيل، شريان الحياة لملايين المصريين والسودانيين، على المحك.
وأشار إلى الخسائر التى يمكن أن تتكبدها بلاده جراء انخفاض المياه المتاحة لمصر بسبب ملء سد النهضة من جانب واحد، مشددًا على أن الوضع كما هو عليه اليوم يمكن تجنبه تمامًا. ولفت إلى أنه بعد عام واحد من محادثات واشنطن، ما زالت المفاوضات الثلاثية تتعثر تحت رعاية الاتحاد الإفريقى، وأن التصريحات الإثيوبية كشفت الأن أن "السبب الفعلى" لتخليها عن تلك المحادثات وهى أنها ترفض أى اتفاق ملزم قانونًا بشأن قواعد ملء وتشغيل السد الجديد، مؤكدًا أن هذا يتعارض مع اتفاقية عام 2015 بشأن إعلان المبادئ بين الدول الثلاث.
وقال السفير زهران إنه من خلال الدبلوماسية المبدئية، يمكن لإدارة بايدن إعادة ضبط المفاوضات المتعثرة وتحقيق حل عادل لجميع الأطراف، وفى نهاية المطاف حماية مصالحها الاستراتيجية مع 3 حلفاء إقليميين مهمين، وإن واشنطن تمتلك النفوذ اللازم لتشجيع إثيوبيا بنجاح على الانخراط بحسن نية فى مفاوضات سد النهضة والامتناع عن الإجراءات الأحادية والسعى لتحقيق المصالح الذاتية الضيقة.
واقترح مشاركة الشركاء الدوليين، بما فى ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، لدعم عملية الوساطة التى يقودها الاتحاد الإفريقى، قائلًا إن التماس الخبرة من هذه الجهات سيكون ذا قيمة كبيرة فى جعل المفاوضات تؤتى ثمارها فى أقرب وقت ممكن.
وأضاف أن هذا الاقتراح سيضمن أيضًا عدم وجود مجال لتوجيه أصابع الاتهام بشكل خاطئ، إذ لن يكون من المجدى التشكيك فى حياد كل هؤلاء الشركاء بقيادة رئيس الاتحاد الإفريقى، كما فعلت إثيوبيا مع إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.