الحكومة الألمانية تحاكم حارس سابق في معسكرات الاعتقال النازية

بدأت محاكمة الحارس السابق لمعسكرات الاعتقال النازية، الذي يدعى جوزيف إس، بتهمة التواطؤ في قتل 3518 سجيناً في زاكسينهاوزن بالقرب من برلين.

بعد مرور ستة وسبعين عاماً على نهاية الحرب العالمية الثانية، قدم حارس سابق في معسكرات الاعتقال النازية يبلغ من العمر 100 عاماً، للمحاكمة بتهمة مساعدته للنازيين في ارتكاب مجزرة زاكسينهاوزن بالقرب من برلين.

ويُتهم الحارس الذي يدعى جوزيف إس بالتواطؤ في إطلاق النار على أسرى الحرب السوفييت وقتل آخرين بغاز الزيكلون بي.

 ويبدو أن الوقت ينفد أمام مجرمي الحقبة النازية لمواجهة العدالة، إذ يعد جوزيف أكبر متهم عُمرا يقدم للمحاكمة حتى الآن.        

وفي السنوات الأخيرة فقط تمت محاكمة النازيين من ذوي الرتب الدنيا.

وقبل عشر سنوات، شكلت إدانة جون ديميانيوك، أحد حراس قوات الأمن الخاصة السابق، سابقة تمكن المدعين العامين من توجيه الاتهام إلى الأشخاص للمساعدة والتحريض على الجرائم النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وحتى ذلك الحين، كان لا بد من إثبات المشاركة المباشرة في القتل.

وبسبب قوانين الخصوصية الألمانية، تم الإفصاح عن الاسم الأول للمتهم باسم جوزيف إس، الذي اقتيد إلى قاعة رياضية مجهزة خصيصا في سجن في براندنبورغ أن دير هافيل، لتبدأ محاكمته وسط إجراءات أمنية مشددة.

ووصل المتهم إلى خارج المحكمة على كرسي متحرك، ممسكا بحقيبة، ودخل قاعة المحاكمة متكئا على إطار خاص للمشي.

عاش جوزيف في منطقة براندنبورغ لسنوات، حسبما ورد، وعمل كصانع أقفال، ولم يتحدث علنا عن المحاكمة.

وقال محاميه، ستيفان ووتركامب، للمحكمة إن المتهم لن يدلي بأي تعليق في المحاكمة على المزاعم الموجة ضده. لكنه مع ذلك، سيتحدث عن ظروفه الشخصية في جلسة الجمعة.

كان جوزيف في الحادية والعشرين من عمره عندما أصبح حارسا في زاكسينهاوزن لأول مرة عام 1942. وهو الآن يبلغ من العمر 101 تقريبا، ويُعتبر قادرا على المثول أمام المحكمة لمدة تصل إلى ساعتين ونصف يوميا. ومن المقرر أن تستمر محاكمتة حتى يناير/ كانون الثاني.

وقد أطلع المدعي العام، سيريل كليمنت، المحكمة على عمليات القتل الممنهجة في زاكسينهاوزن بين عامي 1941 و 1945.

وقال "أقر المتهم بذلك عن قصد وطيب خاطر، على الأقل من خلال التزامه بأداء واجب الحراسة، والذي هو جزء لا يتجزأ من نظام القتل حينه".

وقتل عشرات الآلاف من الأشخاص في المعسكر في أورانينبورغ شمالي برلين، من بينهم مقاتلون من المقاومة ويهود ومعارضون سياسيون ومثليون جنسياً وأسرى حرب.

كما أُعدت غرفة للقتل بالغاز في زاكسينهاوزن عام 1943 وقتل 3 آلاف شخص في المعسكر مع اقتراب الحرب من نهايتها لأنهم كانوا "غير قادرين على السير".

وتعد محاكمة الخميس مهمة بشكل خاص بالنسبة لـ 17 من الشاكين المتضامنين بينهم ناجون من زاكسينهاوزن.

كان كريستوفل هايجر في السادسة من عمره عندما رأى والده، يوهان هندريك هايجر، آخر مرة، قبل أن يقتل مع 71 مقاتلا هولندياً بالرصاص في المعسكر.

وقال كريستوفل هايجر لصحيفة برلينر تسايتونج اليومية الألمانية "القتل ليس قدراً، إنه ليس جريمة يمكن محوها قانونياً بمرور الوقت".

قال ليون شوارزنباوم، أحد الناجين من زاكسينهاوزن والبالغ من العمر 100، إن هذه كانت "المحاكمة الأخيرة لأصدقائي ومعارفي وأحبائي الذين قُتلوا"، وأعرب عن أمله في أن تنتهي المحاكمة بإدانة نهائية للمتهم.

ولن يواجه معظم حراس المعسكرات النازية المحاكمة.

فقد كان هناك 3000 حارس في معسكر اعتقال شتوتهوف وحده، أُدين 50 شخصاً منهم فقط.

بينهم برونو داي، الذي أدين بالتواطؤ في القتل الجماعي هناك العام الماضي وصدر عليه حكم بالسجن مع وقف التنفيذ.

وفي الأسبوع الماضي فقط، كان من المقرر أن تخضع السكرتيرة النازية في معسكر شتوتهوف، إيرمغارد فورشنر، للمحاكمة شمالي هامبورغ لكنها هربت من دار لرعاية المسنين قبل ساعات من المحاكمة.

وأُلقي القبض عليها في نهاية المطاف في هامبورغ وأعيد تحديد موعد محاكمتها في 19 تشرين الأول. وأُطلق سراحها من الحجز في وقت سابق من هذا الأسبوع.