تناول تقرير موسع للصحيفة البريطانية الأضرار التي تعرضت لها أنقرة والعقوبات المتوقعة ضد تركيا نتيجة صفقة نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400، والعلاقات المتنامية مع موسكو، وقال التقرير أن المستثمرون الأجانب، الذين تعتبر أموالهم ضرورية للحفاظ على الاقتصاد التركي، أصبحوا أكثر توتراً.
وقال التقرير أن أردوغان وإن تمكن من تأجيل الأزمة حول إس-400 ولكنها لم تختفي تماما، فوزارة الدفاع الأمريكية "البتناغون" طردت تركيا من برنامج الطائرات المقاتلة من طراز إف35، مخاطرة بتداعيات طويلة المدى مع القوات المسلحة التركية وتعاونها المستقبلي مع الناتو. وما زال هناك خطر من أن الكونجرس الأمريكي، الموحد بشكل غير عادي في كراهية الرئيس التركي، يمكن أن يستعرض عضلاته للتأكيد على أن تعاملات أردوغان مع روسيا لا تمر دون عقاب.
وتأثرت تركيا بشدة بأزمة العملة لعام 2018 التي تراجعت بما يقرب من 30 في المائة من قيمتها، فيما يتوقع أن تشهد تركيا تراجعا أكثر إيلاما مع فرض العقوبات الأمريكية ضدها.
وأعتبرت الصحيفة البريطانية أن حديث أردوغان بثقة عن عدم فرض إدارة ترامب لعقوبات لمجرد طلب أردوغان ذلك من نظيره الأمريكي ولقناعته بأن البلدين شريكين استراتيجيين، كان رأيا مثيرا للسخرية، حيث أصر أردوغان دائمًا على أن ترامب "لن يعاقب تركيا نظرًا لأهميتها الجيواستراتيجية".
ووفقا لقانون كاتسا الأمريكي أو "قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات" يتعين على الرئيس الأمريكي ترامب بموجب القانون اختيار ما لا يقل عن خمسة من التدابير الـ 12 المحتملة كعقوبات ضد من "يشارك في صفقة مهمة" مع قطاعي الدفاع أو المخابرات الروسيين. وتتراوح العقوبات بين رفض منح التأشيرات لدخول الولايات المتحدة إلى اختيار التدابير التي يمكن أن تشل النظام المالي التركي.
وتابع التقرير: "حتى لو أراد ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيكون قادرًا على حماية تركيا على المدى الطويل بموجب تشريع كاتسا، حيث يتعين على البيت الأبيض تقديم تأخير إلى الكونغرس كل 180 يومًا لتأجيل العقوبات، يشهد بأن تركيا "تخفض بشكل كبير" أعمالها مع روسيا. ومشكلة إدارة ترامب هي أن هناك شجار واسع من الحزبين حول المسألة".
خسارة كبيرة لصناعة الدفاع التركية وعلاقة مستحيلة مع الناتو
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من تضخيم الفخر القومي بتحدي تركيا في مواجهة تهديد الولايات المتحدة بالعقوبات، فقد واجهت البلاد بالفعل عواقب عديدة.
ففي غضون أسبوع من وصول أول شحنات من طراز S-400، وأعلن البنتاغون أن أنقرة لن تحصل على طلب 100 طائرة مقاتلة من طراز إف-35، وقال المسؤولون الأمريكيون إن المصنعين الأتراك سيتم إقصاؤهم من دورهم في إنتاج أجزاء الطائرة، مما يشكل ضربة قوية لقطاع الدفاع التركي.
ويضيف التقرير: "على المدى الطويل، كانت صناعة الدفاع المحلية تتوقع أعمالاً تتراوح قيمتها بين 12 و 15 مليار دولار من هذه العقود"، والأهم من ذلك تداعيات القرار بترك القوات الجوية التركية دون طائرة كان من المفترض أن تكون في صلب عملياتها المستقبلية.
ونقلت عن راشيل إلوهوس ، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاغون ، إن العلاقات العسكرية ودور تركيا في حلف الناتو سيتأثر بسبب علاقاتها بروسيا وحصولها على الصفقة بشكل تصبح معه "علاقة العمل الجيدة مستحيلة."
ترامب سيُجبر على إقرار العقوبات
يتصاعد الغضب من أردوغان منذ سنوات، بسبب سلسلة من النزاعات بداية من احتجاز الموظفين القنصليين الأمريكيين إلى اللغة القاسية للرئيس التركي تجاه إسرائيل. وفي الوقت نفسه، يريد العديد من المشرعين الأمريكيين إرسال تحذير إلى دول أخرى، بما في ذلك السعودية والهند، حيث تخطط البلدان لشراء S-400.
يريد جين شاهين، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي الذي قاد الجهود الرامية إلى معاقبة تركيا ليس فقط لشراء S-400 ولكن أيضًا بسبب احتجاز القس برونسون وقضايا أخرى تثير قلق الولايات المتحدة.
وقال أنه على ترامب أن يفرض "عقوبات متدرجة" تزداد حدة مع وصول شحنات أخرى إلى تركيا ويقول "يجب على الرئيس والكونغرس وضع معايير محددة حول كيفية التعامل لردع تركيا، وكذلك الدول الأخرى، عن الحصول على أنظمة أسلحة روسية تقوض مصالح الأمن القومي الأمريكي".
أعرب العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين البارزين عن قلقهم، بمن فيهم جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وجيم إينهوفي، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ عن القلق.
ويبدو أن إدارة ترامب تبحث عن حل وسط جديد. وقال مايك بومبو ، وزير الخارجية الأمريكي في نهاية الشهر الماضي: "قد يكون هناك المزيد من العقوبات التي يجب اتباعها، لكن بصراحة ما نود فعله بالفعل هو عدم بدء تشغيل إس-400".وقال أردوغان إن هذه التقنية لن يتم تفعيلها حتى نيسان/ أبريل 2020، مما يترك بعض المساحة لمزيد من المفاوضات.
ومع ذلك، هناك حملة من الحزبين لوضع تشريعات قائمة بذاتها من شأنها أن تكلف الرئيس بمعاقبة تركيا عندما يعود الكونغرس من العطلة في أوائل أيلول/ سبتمبر المقبل. وإذا تم تمرير مشروع القانون هذا بأغلبية الثلثين، فسيكون من المستحيل على ترامب استخدام حق النقض.
وأعتبر التقرير أن ذكرى أزمة العملة التركية في الصيف الماضي، التي نشأت عندما فرض الرئيس الأمريكي عقوبات رمزية إلى حد كبير في محاولة لإطلاق سراح القس الأمريكي المحتجز، لا تزال محفورة في أذهانهم.
وحذر الاقتصاديون من أن انخفاضًا جديدًا في الليرة سيؤدي إلى زيادة الضغط على الشركات التركية المثقلة بالديون بالعملات الأجنبية، وكذلك على القطاع المصرفي في البلاد.