تقارير: عجز نظام أردوغان عن إدارة أزمة كورونا يضع البلاد على شفا كارثة

أثار تعامل نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الانتشار السريع لفيروس كورونا في البلاد، قلق العديد من خبراء من التداعيات الصحية والانسانية والاقتصادية التي تسببت فيها القرارات المرتبكة للحكومة.

أصبحت الانتقادات الموجهة للحكومة التركية في اسلوب تعاملها مع أزمة كورونا حديث العديد من وسائل الاعلام العالمية والخبراء المختصين مع وصول تركيا إلى أعلى معدلات لإنتشار فيروس كورونا في العالم، وذلك بعدما كانت تنفي الحكومة وجود أية إصابات قبل اسابيع قليلة، فضلا عن تصريحات رئيس النظام التركي بقدرة بلاده على التغلب على الفيروس خلال اسبوعين أو ثلاثة، وهو ما ثبت خطأه تماما.

وحذر البروفيسور أمراه آلتينديش، أستاذ الأحياء التركي في كلية بوسطن وكلية الطب بجامعة هارفارد، الذي كان أول من اشار إلى وجود آلاف الحالات المصابة في تركيا في الوقت الذي لم تكن الحكومة قد أعلنت عن ذلك، من أن الوضع في تركيا أصبح "خطير للغاية".

وقال آلتينديش في مقابلة مع مجلة "نيويوركر" الأميركية، إن تركيا لديها أكبر معدل زيادة في عدد الحالات في العالم في الوقت الحالي، ما يعني أنه أمر خطير للغاية، منتقدا تأخر تركيا في إغلاق المدارس وفرض الحجر المنزلي مثل الدول الأخرى التي انتشر بها فيروس كورونا.

وتابع الأكاديمي التركي في تصريحات نقلتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، "بعد أن رأيت مقابلة وزير الصحة، كنت آمل أن يأخذوا الأمر على محمل الجد. لقد كانوا يتابعون ما يجري في العالم، ولذا كنت آمل أن أرى إغلاق المدن الموبوءة. لقد أغلقوا المدارس والجامعات، ولكن لم يتم إغلاق أو عزل أي مدينة في تركيا حتى الآن. والأمر الآخر هو أن عدد الفحوصات التي تم إجراؤها قليل جداً. نحن لسنا مستعدين لهذا الوباء. وإذا لم نتمكن من حماية الممارسين الصحيين لدينا من الفيروس في الأسبوعين المقبلين، فسوف نفقد الأشخاص الذين يحاربونه. كنت آمل أن أرى المزيد من الإجراءات، لأنه كان لدينا بعض الوقت، في تركيا والولايات المتحدة، ولكن يا للأسف لم تر الحكومة أمواج التسونامي القادمة إلينا. هنالك تسونامي قادم إلى مدننا."
وأكد أن هناك الكثير من التقارير التي تفيد بأن الأطباء الذين تحدثوا عن خطر فيروس كورونا في الأسابيع القليلة الماضية قد تم احتجازهم، بعد أن كانوا يحاولون الحصول على ما يكفي من معدات الحماية الشخصية في المستشفيات. وقد اعلن اتحاد الاطباء الاتراك تسجيل أكثر من 100 اصابة من الممارسين الطبيين في إسطنبول، و75 في إزمير، بالفيروس بالفعل.

وحذر البروفيسور في علم الأحياء، من تعامل بلاده مع إجراءات الوقاية في السجون التركية قائلاً: "في تركيا، لدينا ما يقرب من ثلاثمائة ألف شخص في السجن. وكثير منهم تجاوز الستين من عمره، والعديد منهم يعانون من أمراضٍ مزمنة. ولذلك فإن السجون حالياً مكتظة للغاية، وهناك خطر كبير في أن نرى إصابات بالعدوى، مما قد يتسبب بمقتل الكثير من الناس. وكما رأينا في الأخبار، فإن معدل الإصابة بالعدوى في نيويورك يبلغ ثلاثة أشخاص لكل ألف شخص. والمعدل يبلغ أعلى من ذلك في سجن رايكرز، إذ إنه يبلغ سبعة وعشرون شخصاً مصاباً بالعدوى من كل ألف شخص. ويمكن أن يتسبب ذلك في وفيات هائلة في السجن، لذلك علينا أن ننظر لوضع هؤلاء الأشخاص المساجين أيضاً. نحن بحاجة إلى الإصلاح"، بحسب الشرق الأوسط.

وفي تقرير للصحيفة بعنوان "قلق في تركيا من «تسونامي قادم» بسبب تعامل النظام مع «كورونا»"، أكدت الشرق الأوسط إن  تعامل النظام التركي مع تفشي فيروس كورونا المستجد، يثير مخاوف خبراء من "تسونامي قادم" جراء تأخر الحكومة في إغلاق المدارس وفرض الحجر المنزلي وعدم الاستعداد للوباء الذي أصاب حتى الآن 95 ألف شخص في تركيا.

قرارات مرتبكة

على الرغم من انتقاد تباطؤ الحكومة التركية في فرض الاغلاق حتى لا تتأثر شعبيتها بالتداعيات الاقتصادية لفرض الحظر، إلا أن وصول الاصابات إلى أكثر من 50 ألف حالة وفق الاحصائيات الرسمية، قد أجبر الحكومة على فرض الحظر بصورة مرتبكة أدت إلى خروج الناس للشوارع والتزاحم بشكل جنوني على تأمين احتياجاتهم الغذائية، بدلا من تخفيف التكدس في الاسواق، حسبما كشفت مقاطع مصورة بمواقع التواصل الاجتماعي.

وحذر أحد أعضاء اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، في تركيا، من التداعيات السلبية الخطيرة لقرار حظر التجوال المفاجئ الذي أعلنته وزارة الداخلية بحكومة حزب العدالة والتنمية سليمان صوليو.

وعلق البروفيسور توفيق أوزلو عضو اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا التابعة لوزارة الصحة، على مشاهد تكدس المواطنين على المتاجر، قائلا: "أنا حزين للغاية، المقاطع المتداولة مخيفة جدا".

وتعليقا على قرار فرض حظر التجوال دون اتخاذ التدابير اللازمة قال: "نحن أمام احتمال كبير لعدوى مخيفة بسبب عدم اتخاذ التدابير اللازمة وبسبب خروج المواطنين للشارع بشكل جنوني". واضاف: "أنا حزين للغاية، كانت الأمور تسير بشكل جيد، ولكن بعد هذا القرار، سنعيش فاجعة مخيفة بعد عدة أسابيع، نتيجة تكالب المواطنين بهذا الشكل. المقاطع المتداولة مخيفة للغاية".

أردوغان عاجز

ووصف حليف أردوغان المنشق ورئيس وزراءه السابق أحمد داود أوغلو، رئيس حزب المستقبل المعارض حاليا، رئيس النظام التركي بأنه "عاجز"، وقال في برنامج حواري على مواقع التواصل الاجتماعي، إن قرار حظر التجوال المفاجئ "يعكس عجز الرئيس عن إدارة الأزمة".

ونقلت صحيفة "سوزجو"، عن داود أوغلو قوله: "هل علم وزير الصحة فخر الدين قوجة بهذا الحظر عندما أدلى ببيان الساعة السابعة الليلة الماضية؟ إذا كانت الإجابة نعم، فلماذا لم يرسل رسالة تحضيرية للمجتمع؟ إذا لم يكن كذلك فكيف لا يعرف؟". وأكد أن "هذا القرار المفاجئ تسبب في توافد المواطنين على الأسواق والمخابز، ما أحدث ازدحاما شديدا".

وأوضحت صحيفة العين الإماراتية في تقرير لها يوم الاحد إن اعتراض داود أوغلو لم يكن على القرار نفسه، بل على توقيته "لقد أعلنوا عنه قبل ساعتين من التنفيذ، وهذا أمر خاطئ". وأضاف: "تركيا تعيش تداعيات دخولها في أزمات بسبب إدارة عاجزة عن إدارة الأزمات". ووصف حليف أردوغان المنشق حالة الذعر بين المواطنين وتدافعهم بعد قرار حظر التجوال بأنها "محزنة"، مضيفا: "الجميع يتدافعون وينتهكون قاعدة التباعد الاجتماعي، فباتوا في خطر بسبب تلك القرارات المفاجئة غير المدروسة".

 

تداعيات اقتصادية مدمرة

وبطبيعة الحال تصاعدت معدلات البطالة وتدهور الانتاج والصادرات في تركيا والعديد من دول العالم، كما تواجه تركيا بوجه خاص مشكلة في توفير العملات الأجنبية بعد تراجع الاحتياطي، في ظل انفاق الاحتياطي على سياسات الرئيس التركي لدعم الليرة لتجنب انهيار شعبيته السياسية، وفي هذا السياق يرفض الرئيس التركي طلب قروض من صندوق النقد الدولي حسبما أعلن أمس.

وقالت وكالة بلومبرج إن نهج الرئيس التركي في التدخل في السياسات الاقتصادية والأمور المالية الفنية، اثبتت خطأها خلال الأزمة، ونقلت الوكالة عن محللون إن نهج إردوغان "المثير للتساؤلات" تجاه صناعة السياسة الاقتصادية ربما يمكن رؤيته بشكل أوضح في احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية.

وقال براد سيتسر، كبير الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية والخبير الاقتصادي السابق في وزارة الخزانة الأميركية، إلى أن تركيا استخدمت كمية كبيرة من احتياطياتها من النقد الأجنبي لمحاولة دعم الليرة في كانون الثاني يناير وشباط فبراير الماضيين، قبل أن تجد نفسها في مواجهة صدمة فيروس كورونا.

وذكرت شبكة "سكاي نيوز" إن قطاع إنتاج السيارات في تركيا تلقى "ضربة"، بسبب تفشي فيروس كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 1100 شخص، وأصاب ما يزيد عن 52 آخرين في البلاد حتى الآن.

وقال اتحاد مصنعي السيارات في تركيا، يوم الأحد، إن إنتاج السيارات في البلاد انخفض في مارس الماضي بنسبة 22 بالمئة على أساس سنوي إلى 103 آلاف و350 سيارة، بعد توقف العديد من المصانع بسبب فيروس كورونا. وأضاف الاتحاد أن الصادرات تراجعت بنسبة 30 بالمئة إلى 83 ألفا و771 سيارة، مشيرا إلى أن إنتاج الربع الأول من السنة انخفض 6 بالمئة، بينما تراجعت الصادرات بنسبة 14 بالمئة.

وأعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة أمس السبت أن عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في تركيا ارتفع 5138 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية إضافة إلى 95 حالة وفاة جديدة مما يرفع إجمالي حالات الوفاة في البلاد إلى 1101. وأضاف أن إجمالي حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس بلغت 52167 حالة.

وقالت صحيفة "ذا ناشن" النيجيرية إن تركيا تسجل أسرع معدل إصابات بفيروس كورونا في العالم، لافتة إلى أن هناك مخاوف من أن تصبح البلاد بؤرة الوباء التالية بسبب ضعف القطاع الصحي فيها وفشل حكومتها في إدارة الأزمة بشكل حاسم.

واعتبرت الصحيفة، في تقرير لها اليوم، أن تفشي الفيروس في تركيا أدى إلى تدهور اقتصاد البلاد الهش بالفعل، حيث ارتفعت معدلات البطالة والتضخم بشكل كبير، مؤكدة إمكانية حدوث ركود كبير في الاقتصاد التركي بسبب الانخفاض الهائل في عملتها منذ عام 2018، وتابعت أن ضعف القطاع الصحي بتركيا ونقص إمكانياته قد يزيد أيضا من خطورة انتشار الوباء في البلاد.