يبدو أن سياسة الصمت التي اتبعتها أنقرة بعدما فقدت حليفها الأقوى في أفريقيا الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، لن تدوم طويلا، حيث تسعى أنقرة لاستعادة نفوذها المفقود في الوقت الذي تسير فيه الخرطوم نحو مرحلة جديدة من تاريخ السودان الحديث.
وكشفت صحف سودانية عن أن تركيا منحت قيادات إسلامية موالية للرئيس السوداني المعزول عمر البشير، إقامات طويلة الأجل من أجل توفير ملاذ أمن لقيادات النظام السابق أملا في المراهنة على تمكنهم من العودة للمشهد وذلك في الوقت الذي أعلن فيه حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) إختيار رئيس جديد له، على الرغم من حظر مشاركة الحزب في ترتيبات المرحلة الانتقالية بالسودان.
وذكر موقع "تاسيتي نيوز" السوداني، إن الحكومة التركية قامت بتسوية أوضاع عدد من قيادات النظام المعزول ورموز إسلاميين مقيمين على أراضيها، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقف شخصيا على هذه الترتيبات ووجه بمنحهم إقامات طويلة الأجل، وشملت الأسماء، بحسب المصادر، غازي صلاح الدين، معتز موسى، محمد عطا، فيصل إبراهيم.
وأعلن حزب المؤتمر الوطني الذي ينتمي للحركة الإسلامية السياسية "أحد أفرع التنظيم الدولي للإخوان"، يوم الإثنين، انتخاب وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور رئيسا له، خلفا للرئيس المعزول عمر البشير الذي يُحاكم في قضايا فساد.
وأثارت خطوات أنقرة اهتمام ومتابعة وسائل الاعلام العربية خلال اليومين الماضيين، وأكدت صحيفة "العرب" اللندنية إن "انهيار نظام الرئيس عمر حسن البشير شكل خسارة فادحة لتركيا حيث كان يؤمن لها موطئ قدم ثابتا في العمق العربي، واليوم تحاول أنقرة التخفيف من حجم هذه الخسارة عبر السعي إلى بناء علاقة مع السلطة الجديدة في السودان، والتي لا تبدي أي حماسة لذلك".
وتحت عنوان: "مخطط قطري تركي لإحياء نظام الإخوان بالسودان"، قالت شبكة "العين" الإخبارية الإماراتية في تقرير لمراسلها في السودان، أن حزب "المؤتمر الوطني التابع للإخوان عقد خلال الأيام الماضية سلسلة اجتماعات بعدد من الولايات مع أعضائه للاستعداد للمرحلة المقبلة بتنسيق قطري تركي."
ونقلت "العين" عن مصادر قولها "أن مهمة تنظيم الإخوان في المرحلة المقبلة معارضة الحكومة الانتقالية وزعزعة استقرارها من خلال تحريض المواطنين للتظاهر احتجاجا على أي قصور يظهر في الخدمات مهما كان صغيرا، ويصل عمله المعارض لحمل السلاح في مواجهة الحكومة".
وتحت عنوان: "ما مصير علاقات أنقرة والخرطوم في ظل الإدارة الجديدة في السودان؟"، تحدث تقرير منشور اليوم بموقع "ترك برس" المحسوب على الحكومة التركية، عن مخاوف أنقرة من قيام المجلس العسكري السوداني بفسخ الاتفاقيات الموقعة سابقاً مع تركيا، وعلى رأسها تلك المتعلقة بجزيرة سواكن على البحر الأحمر.
وفي ظل التساؤلات المطروحة حول الانسحاب الطوعي لتركيا من الانخراط في المشهد السوداني الجديد، نفت أنقرة صمتها إزاء الأوضاع في السودان، وابتعادها عن المشهد، حيث قال السفير التركي لدى الخرطوم، عرفان نذير أوغلو، في تصريحات صحفية مؤخرا، إن بلاده ستزيد من وتيرة التقارب مع السودان خلال المرحلة المقبلة، وإنها على تواصل مع جميع الأطراف هناك بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقال المحلل السياسي المصري صلاح لبيب لوكالة فرات للأنباء ANF: "اتصور ان تركيا تسعي لإقامة علاقات مع النظام الجديد في السودان بحيث تكون على تواصل مع كل القوي للحفاظ علي نفوذها في عهد النظام السابق.. وتدرك تركيا ان نفوذ الاسلاميين في السودان ما زال قائما ولذا لا تمانع في استقبال اسلاميي نظام البشير ولكن بشرط عدم تهديد علاقاتها بالسلطة الجديدة في السودان وهي سلطة بها عناصر اسلامية فاعلة وان اعلنت رفضها لحكم البشير".