الجامعة العربية تدعو إلى عدم تجاهل دور المرأة في مرحلة ما بعد النزاعات المسلحة

أكدت السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين المساعد لجامعة الدول العربية على أهمية الاهتمام بدور المرأة في مراحل مابعد النزاع المسلح، لافتة إلى أنه يتم تجاهل دورها في الأنشطة والبرامج التي يتم تنفيذها في مرحلة ما بعد النزاع.

قالت السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية إن المرأة تواجه أشكالاً متعددة من المعاناة خلال النزاعات المسلحة منها ما هو اجتماعي نتيجة لعمليات النزوح والهجرة والتفكك الأسري، ومنها ما هو اقتصادي نظراً لارتباط الحروب بالفقر والبطالة خاصة في حالة فقدان الزوج أو المعيل. كما تمتد هذه الآثار أيضاً لتشمل آثاراً نفسية وجسدية نتيجة ما تتعرض له المرأة من عنف وتعذيب واستغلال واغتصاب في بعض النزاعات. 

وأضافت، خلال كلمتها في افتتاح مؤتمر "دور المرأة في مرحلة ما بعد النزاعات"، الذي يعقد بالقاهرة بشركة بين الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي "وفي السياق العربي، واجهت المرأة العربية في السنوات الأخيرة معاناة كبيرة في ظل ما تشهده بعض بلادنا العربية من نزاعات مسلحة". 
وأوضحت: ولعل الممارسات التي انتهجتها المنظمات الإرهابية ضد المرأة في منطقتنا واستهدفت من خلالها النساء لتوضح بجلاء الدرجة التي وصلت إليها هذه الانتهاكات في منطقتنا. فقد اتبعت هذه المنظمات ممارسات ممنهجة من سبي واسترقاق واغتصاب وزواج قسري وحبس واعتقال وتعذيب وخطف. كما يظل حاضراً أمام أعيننا معاناة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يرسم أبشع صورة في سجل انتهاكات حقوق الإنسان لما يقوم به ضد الشعب الفلسطيني بصورة عامة والمرأة الفلسطينية بصورة خاصة.  

وأشارت إلى أنه ورغم معاناة المرأة خلال مرحلة النزاع المسلح، فإنه يتم تجاهل دورها في الأنشطة والبرامج التي يتم تنفيذها في مرحلة ما بعد النزاع. فالإحصائيات تشير إلى أن نسبة مشاركة المرأة متواضعة في عمليات التفاوض الخاصة بعمليات السلام، وعمليات نزع السلاح والتسريح والإدماج، وعمليات إعادة الإعمار والبناء الاقتصادي في مرحلة ما بعد انتهاء النزاع.

ولفتت إلى هدف قرار مجلس الأمن الهام رقم (1325) لعام (2000) إلى إصلاح هذا الخلل، وحث الدول على زيادة تمثيل المرأة في المؤسسات الوطنية والإقليمية وآليات منع نشوب الصراعات وإدارتها وحلها.  كما تبع ذلك العديد من القرارات التي هدفت جميعها إلى حماية المرأة خلال النزاع وتعزيز الدور الذي تقوم به بعد انتهاءه. 

وأشارت إلى أن جامعة الدول العربية من جانبها قامت بمجهودات كثيرة لتعزيز دور المرأة وحمايتها منذ إنشاء لجنة المرأة العربية عام 1971، وإعداد الإستراتيجية الإقليمية وخطة العمل التنفيذية المعنونة " حماية المرأة العربي: الأمن والسلام"، وأيضاً إنشاء لجنة طوارئ لحماية النساء أثناء النزاعات المسلحة بالمنطقة العربية والتى  تجتمع عند تفاقم الأحداث ضد النساء في مناطق النزاعات في المنطقة العربية، وتتكون عضويتها من الدول الأعضاء وأصحاب الخبرة المتخصصين في مجال حماية المرأة أثناء النزاعات المسلحة على المستويين الإقليمي والدولي. وأخيراً بدء المناقشات لتأسيس الشبكة العربية لوسيطات السلام التي تسعى إلى تعزيز مشاركة النساء في عمليات الوساطة.

وقالت أبو غزالة: ينعقد مؤتمرنا اليوم في ظل تطورات عصيبة تشهدها منطقتنا استمرت لسنوات عده، واجهت خلالها المرأة العربية صنوفا من المعاناة، وحاولت قدر طاقتها أن تقاوم وتقوم بدور فاعل في عمليات التفاوض والوساطه والحماية، كما  واصلت النساء ضغوطهن لإصدار تشريعات تسبغ المزيد من الحماية للنساء والفتيات والأطفال. وقد أدى ذلك إلى صدور إصلاح تشريعي تضمن تجريما لبعض ممارسات العنف التي لم تكن مجرمة، وتشديدا لعقوبات المنزلة على بعض تلك الممارسات، كما هو الحال بالنسبة للتحرش وتزويج القاصرات. 

وأكدت أن الضغط الذي مارسته النساء في الساحة التشريعية والسياسية كانت له ثمارا واضحة على مستوى توسيع نطاق الحماية وتعزيزها كماً وكيفاً. وكنتيجة لجهود النساء المجتمعية، صاغت بلدان عربية، مثل لبنان، استراتيجيات للوقاية من التطرف، ودمجت منظار النوع الاجتماعي في هذه الاستراتيجيات دمجا واسع النطاق. 

كما أصدر عدد لا بأس به من البلدان العربية خطة العمل الوطنية تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم 1325 لسنة 2000. وهذا يشمل فلسطين والعراق والأردن تونس ولبنان.

وتابعت: مع ترقب منطقتنا لانتهاء هذه المرحلة الصعبة والانتقال لمرحلة ما بعد النزاع، نري ضرورة تخطي فكرة استصدار قرارات دولية جديدة تدعم دور المرأة، والتركيز على عدة محاور منها الاستمرار في عملية الدمج والتأسيس على المستوى الوطنى، ومنح النساء دور أكبر في نظم الإنذار المبكر ومنع الحروب. كما يجب اشراك النساء في عمليات السلام، وبناء السلام، وإعادة الإعمار والمراحل الانتقالية التي تشهدها هذه المجتمعات في فترات ما بعد الصراعات.

 ونبهت بأن قضية تعزيز قدرات المرأة اقتصاديا بعد انتهاء الصراع تعتبر من القضايا الهامة اتي يجب أن تحظى على اهتمام المجتمع الدولي بصفة عامة ومنطقتنا العربية بصورة خاصة خلال عمليات بناء السلام وصياغة برامج التنمية المستدامة. ويجب في هذا الصدد دمج منظور النوع الاجتماعي في برامج التعاون الاقتصادي بالإضافة إلى تأهيل وتدريب النساء لزيادة فرصهن في تحسين أوضاعهن الاقتصادية.

وأضافت "نرى أيضا أن تتضمن استراتيجيات تعزيز دور المرأة بعد انتهاء النزاع جزءاً خاصا يتعلق بتكثيف برامج التدريب الخاص بمشاركة النساء في الأنشطة المختلفة، وصياغة برامج تدريبية للأجيال الجديدة ترسخ لأفكار عدم التمييز ومشاركة المرأة في المجتمع".

يضاف إلى ذلك كله أن تعمل الدول التي تشهد نزاعات في منطقتنا العربية على الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي تمكنت من منح المرأة دور أكبر في مرحلة ما بعد النزاع. فلا شك أن تبادل الخبرات وأفضل الممارسات سيمكن منطقتنا من رسم خريطة طريق واضحة لتخطى كل الصعوبات في هذه المجال.

وأكدت أن هناك عدداً كبيراً من التحديات التي تواجه تنفيذ تلك الاستراتيجيات التي تمنح المرأة دوراً أكبر بعد انتهاء النزاع. وتشمل هذه التحديات ضعف الموارد المالية، وقلة الوعى بقضايا النوع الاجتماعي في ظل الثقافات السائدة في المجتمع.  كما تشمل تلك أيضاً ضعف التنسيق بين منظمات الأمم المتحدة المختلفة والمجتمع المدني والدول. ويبرز أيضاً في هذا السياق الصعوبات الخاصة بقلة توافر المعلومات النوعية والكمية حول المشاكل والانتهاكات التي تواجها المرأة في مناطق الصراع، بالإضافة إلى محدودية دور النشطاء والمنظمات غير الحكومية على المستويات المحلية.  
 
ورغم ذلك شددت على أن هذه  التحديات المعروفة لخبراء ونشطاء النوع الإجتماعى يمكن تجاوزها  بتضافر الجهود والعمل الجماعى من أجل واقع أفضل للمرأة العربية.