أردوغان والقرن الأفريقي.. توغل من أجل الموانئ والقواعد العسكرية وثروات النفط والغاز

تكشف تحركات رئيس النظام التركي وتصريحاته عن امتداد اطماعه التوسعية إلى منطقة القرن الأفريقي والبحر الاحمر سعيا لمحاصرة المنطقة بالنفوذ والوجود العسكري التركي، إن لم يكن بدعم التنظيمات الارهابية ايضا.

كشفت مزاعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نية بلاده التنقيب عن النفط والغاز في السواحل الصومالية، وما قد يتبع ذلك من نشر للسفن العسكرية إعمالا لسياسة "البوارج الحربية" التي يتبعها أردوغان في شرق المتوسط، كشفت عن أطماع تركية في منطقة القرن الأفريقي ذات الاهمية الاستراتيجية العالمية حيث تمر من خلال القرن الأفريقي والبحر الأحمر نسبة كبيرة من حجم التجارة العالمية وامدادات النفط.

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "#اردوغان_النازي_الجديد" عقب تصريح للرئيس التركي رجب طيب إردوغان والذي أكد فيه أن الصومال دعا بلاده للتنقيب عن البترول.

وكشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي يوم السبت، إن أنقرة تتجه لاستغلال ثروات الصومال النفطية، من خلال تمرير اتفاقية تسمح لكل الشركات الخاصة والمملوكة للدولة باستكشاف فرص الطاقة وآفاق التعدين في ذلك البلد، الذي يتمتع بموقع استراتيجي متميز في القارة الافريقية.

وأضاف الموقع أن أردوغان كان قد زعم أن الصومال دعت بلاده إلى إجراء عمليات الحفر والتنقيب في مياهها، كاشفا عن أطماعه في البلاد بشكل صريح، عندما صرح قائلا: "بأن الصومال لديها نفط في مياهها مثل ليبيا، ويمكننا إجراء نفس العمليات في الصومال"، في اشارة الى الاتفاق المثير للجدل الذي وقعه أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج وقال انه يسمح له بالتنقيب عن النفط والغاز مع ليبيا، رغم عدم وجود حدود بحرية مباشرة بين الجانبين.

وافتتحت تركيا رسميا قاعدتها العسكرية في الصومال في عام 2017، حيث تعتبر القاعدة التركية بالصومال ثاني قاعدة عسكرية لأنقرة في الخارج بعد قاعدتها الأولى في قطر، والتي بدأت عملها فعليًّا أواخر 2015. ووقعت تركيا في العام 2016، اتفاقية مع جيبوتي، البلد الصغير الواقع بالمدخل الجنوبي للبحر الاحمر، لإنشاء منطقة تجارية حرة، تبلغ 12 مليون متر مربع، وفي 2018 ظهر رسميا الحديث عن رغبة أنقرة في انشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي وتوقيع اتفاقيات للتعاون العسكري بين البلدين، وذلك بالتزامن مع زيارة أردوغان للسودان وتوقيعه اتفاق حول جزيرة سواكن السودانية في جنوب البحر الاحمر مع الرئيس السوداني المعزول عمر البشير في ديسمبر 2017.

المساعدات الانسانية كغطاء للاستخبارات

وعلى الرغم من ذلك، لم تقتصر علاقات تركيا بالقرن الأفريقي على الجانب الرسمي، حيث تعتمد تركيا على نشر نفوذها من خلال غطاء المساعدات الانسانية التي تصل عبر الوكالات التركية الحكومية وغير الحكومية العاملة كغطاء لعمليات الاستخبارات التركية في الخارج، لتعزيز علاقاتها بجماعات معينة وخاصة في الصومال، مع توجيه الدعم للجماعات المتطرفة لاستهداف اي وجود عربي أو أجنبي مناوئ لمشروع التوسع التركي "العثمانية الجديدة"، مع الاعتماد على الاموال والاستثمارات القطرية للسيطرة على الموانئ التي تمثل عصب الاقتصاد في تلك المنطقة.

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الصومالي خالد محمد أيجيح لـ"وكالة فرات للأنباء ANF" إن الاطماع التركية في الصومال هدفها ضرب العمق الاستراتيجي العربي والمصري في مقتل من خلال التواجد عسكريا واقتصاديا في الخاصرة الجنوبية للوطن العربي، وعند مدخل البحر الاحمر، من خلال مد النفوذ السياسي الى هناك والتحالف الحكومة من جانب، ودعم الجماعات المتطرفة التي تنتهج نفس مبادئ اردوغان وخاصة عبر استغلال الغطاء الانساني الذي توفره وكالة التنمية والتعاون الدولي التركية "تيكا" التي تمثل الغطاء الخيري للعمليات الاستخباراتية للمخابرات التركية.

وأعتبر "أيجيح" إن أردوغان كشف عن أطماعه التوسعية في الصومال من خلال ادعاءه مؤخرا ان الحكومة منحته ترخصيا بالتنقيب عن الغاز والبترول في السواحل الصومالية، فهو يطمع من جانب في الموارد الصومالية، ويحاول ان يوفر ذريعة لنشر سفنه في هذه المنطقة بما يهدد الأمن البحري العربي، حيث زعم مؤخرا السماح له بالتنقيب عن البترول من خلال الحصول على عقود من الحكومة الصومالية للتنقيب في السواحل الجنوبية للصومال.

تعاون تركي قطري في اختراق افريقيا

واشار الكاتب الصومالي إلى أن الوجود العسكري التركي يتمركز في العاصمة مقديشو حاليا من خلال وجود فعلي للجيش التركي، مضيفا: "لها قاعدة عسكرية تعتبر الاكبر خارج أراضيها، أي القاعدة العسكرية الأكبر في العالم، وبالفعل تركيا تدير ميناء مقديشو منذ 5 او 6 سنوات وهناك ميناء ثاني يحاول الاتراك السيطرة عليه عبر قطر، وهو ميناء هوبيو ولكن اهالي المنطقة رافضين للتواجد القطري".

وأكد المحلل السياسي الصومالي على أن النفوذ التركي يحاول التمدد في منطقة القرن الافريقي كلها، عبر مشروعه السابق للسيطرة على جزيرة سواكن السودانية، واضاف: "هناك تحرك تركي في هذا الصدد من خلال محاولة توسيع حضورها في اثيوبيا وكينيا، ولكن يظل المعبر الاول للتمدد التركي في المنطقة هو الصومال الذي يحتل الموقع الاستراتيجي في القرن الافريقي، أما في اريتريا التوغل التركي يواجه صعوبات نتيجة رفض نظام الرئيس الاريتري اسياس افورقي الرافض لذلك ونتيجة للحضور العربي المتنامي في اريتريا"، مؤكدا أن "تحالف الشر الثنائي بين الدوحة وأنقرة لا يزال يعمل على السيطرة على الموانئ بمنطقة القرن الأفريقي وتحريض الجماعات الارهابية على استهداف اي وجود عربي اخر في تلك المنطقة وهو ما كشفته مؤخرا المكالمة المسربة بين للسفير القطري في الصومال".

التواجد العسكري في الصومال

وأكد السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق لـ"وكالة فرات للأنباءANF" أن مساعي أردوغان للتمدد في القرن الأفريقي ترتبط بنفس مساعيه في المنطقة العربية لإحياء الامبراطورية التوسعية العثمانية، مشيرا إلى أن تحركه اعتمد بالاساس على التواجد العسكري فالصومال بها قاعدة عسكرية تركية، في جيبوتي يسعى لإنشاء قاعدة أخرى، ولكن "ستكون تحت عين القواعد الاخرى الاوروبية والامريكية والصينية واليابانية الموجودة هناك، وستكون حركتهم مرصودة اكثر مما هي في الصومال لذلك هناك تباطؤ في انشائها".

وأعتبر "حفني" إن "تركيا في ظل أردوغان تلعب دور مماثل للدور الذي تلعبه ايران في منطقة الخليج، من خلال الهيمنة ومحاولة نشر نفوذ الدولة التركية ومد يدها الطولى حيثما تستطيع وحيثما تكون الساحة ممهدة لمثل هذا الدور التخريبي".

وتابع: "أردوغان يسعى لخلط الاوراق وتوظيف مصالحه مع الدول المختلفة وارتباطاته تارة من خلال صفقات جديدة أو اللجوء إلى أسلوب الضغط والترهيب والابتزاز، وفرض الامر الواقع بالتواجد هنا وهناك، فإذا كانت هناك محاولات لمحاصرة هذا الدور يقوم بالابتزاز وطلب الثمن".

واضاف: "أردوغان يسعى للتواجد بالبحر الاحمر من خلال تمدده في القرن الأفريقي، ويتبع اسلوب البلطجي الذي يتدخل لاثارة ذوابع وخلق أمر واقع، من أجل توزيع حضوره، وهو واهم في تبنيه أيديولوجية العثمانية الجديدة من اجل احياء السلطنة العثمانية في ثوب جديد"، مؤكدة أن "محاولات أردوغان لن تفضي إلى شيء ولكنه يحقق من خلالها وضعية يتمناها لنفسه شخصيا ولتركيا في عهده، ولا يمناع في ذلك من التحالف مع الشيطان نفسه والجماعات الارهابية في هذه المنطقة من اجل تعزيز نفوذه، فضلا عن تحالفه مع قطر التي توفر الاموال لمشروعه التوسعي في القرن الأفريقي والمنطقة برمتها".