شهادة دولية جديدة.. 2023 عام تعزيز أردوغان لنظامه الاستبدادي
تتوالى الشهادت الدولية المتعلقة باستبداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظامه، وآخرها منظمة هيومن رايتس ووتش التي لخصت 2023 بأنه العام الذي عزز فيه استبداده.
تتوالى الشهادت الدولية المتعلقة باستبداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظامه، وآخرها منظمة هيومن رايتس ووتش التي لخصت 2023 بأنه العام الذي عزز فيه استبداده.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2024 بشأن الحقوق والحريات في تركيا إن إعادة انتخاب أردوغان في أيار/مايو 2023 وانتصار حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية أدى إلى تعزيز النظام الاستبدادي في تركيا الذي يعاقب بشكل روتيني وتعسفي المنتقدين والمعارضين السياسيين ويمارس سيطرة قوية على وسائل الإعلام والمحاكم.
وكان أردوغان قد حصل على فترة ولاية ثالثة في الانتخابات العامة في أيار/مايو 2023، فيما احتفظ تحالف الشعب بقيادة حزب العدالة والتنمية بأغلبية المقاعد في البرلمان، وقد جاء انتصاره على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى استجابة الحكومة في أعقاب زلزالين كبيرين هزا المقاطعات الجنوبية الشرقية لتركيا في السادس من شباط/فبراير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص وإصابة ما لا يقل عن 100 ألف آخرين، في حين ترك مئات الآلاف بلا مأوى أو نازحين.
قبضة محكمة على الإعلام وخطاب مثير للانقسام
وبالإضافة إلى الزلازل، عانت تركيا من أزمة تكلفة المعيشة التي تميزت بارتفاع معدلات التضخم، والتي بلغت 65 في المائة على أساس سنوي اعتباراً من ديسمبر/كانون الأول، وزاد هذا التحدي الاقتصادي من الانتقادات الموجهة إلى حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، والذي تمكن من الفوز في الانتخابات رغم كل هذا.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنه خلال عام الانتخابات، حافظت حكومة أردوغان على قبضة محكمة على وسائل الإعلام، مما دفع مراقبي الانتخابات الدوليين إلى انتقاد التغطية الإعلامية المتحيزة لصالح الائتلاف الحاكم، واتُهمت محطات البث العامة، مثل "تي آر تي" ببمحاباة تحالف الشعب، مضيفة أن القيود المفروضة على حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير أعاقت مشاركة شخصيات المعارضة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة في العملية الانتخابية.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن هيئة البث المتحالفة مع الحكومة، المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، فرضت غرامات تعسفية على القنوات التلفزيونية المهمة مثل قناة هالك خلال فترة الانتخابات، كما ذكر التقرير أن وسائل الإعلام المستقلة في تركيا تعمل في المقام الأول من خلال منصات الإنترنت، لكن السلطات أمرت بانتظام بإزالة المحتوى النقدي المتعلق بالمسؤولين الحكوميين وأعضاء السلطة القضائية.
اتهامات الإرهاب جاهزة
وأشار تقرير هيومن رايتس ووتش كذلك إلى استخدام الحكومة لخطاب مثير للانقسام خلال الحملة الانتخابية، واتهم حزب الشعب الجمهوري بدعم تنظيمات تصنفها أنقرة إرهابية، بينما اضطر حزب الشعوب الديمقراطي المناصر لقضايا الكرد والأقليات إلى دخول الانتخابات تحت اسم آخر بسبب التهديد بالإغلاق، حيث يواجه أعضاؤه السابقون السجن بتهم الإرهاب.
وأضافت المنظمة أن عشرات الآلاف من الأشخاص يواجهون محاكمات غير عادلة بتهم الإرهاب بسبب صلاتهم المزعومة بحركة فتح الله جولن، وهي جماعة دينية مستوحاة من رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله جولن، الذي كان ذات يوم حليفاً للرئيس التركي قبل أن ينقلب الأخير عليه، مشيرة إلى أن الكثيرين واجهوا السجن لفترات طويلة وتعسفية دون أي علاج فعال بعد الإقالة الجماعية من وظائف الخدمة المدنية والقضاء.
وأعلن وزير العدل في آب/أغسطس المنصرم أن 15050 شخصاً لا يزالون في السجن بتهم الانتماء إلى حركة جولن، وقد واصلت منظمة المخابرات الوطنية التركية (MİT) في عام 2023 ممارسة اختطاف الأفراد المرتبطين بحركة جولن بالتعاون مع البلدان ذات الأطر الضعيفة لسيادة القانون، بحسب ما ذكرت هيومن رايتس ووتش.
ليس بجديد
في هذا السياق، يقول محمد ربيع الديهي الباحث السياسي، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن كل الممارسات التي يشير إليها تقرير هيومن رايتس ووتش ليست بالجديدة على النظام التركي الذي يواصل بالفعل يوماً تلو الآخر إحكام قبضته على السلطة، والتمادي في القمع تجاه كل من ينتقده.
وذكر "الديهي" أن الرئيس التركي ومنذ عام 2016 تحديداً بعد محاولة الانقلاب المزعومة هيمن على الإعلام وحاصر أي صوت إعلامي معارض، كما سيطر على كافة الأجهزة الشرطية والقضائية عبر سلسلة إقالات وإبعاد، على نحو تم ذكره في تقرير المنظمة الذي أشار إلى أن المحاكمات مسيسة، خصوصاً أيضاً عندما يتعلق الأمر بالمكون الكردي.
وانتقدت بالفعل المنظمة في تقريرها المحاكمات المسيسة، إذ قالت إن السلطات الإقليمية في تركيا تحظر بانتظام الاحتجاجات والتجمعات التي تنظمها الجماعات المنتقدة للحكومة، في تحد لأحكام المحاكم المحلية، كما استخدمت الشرطة القوة لاعتقال المتظاهرين، ولا سيما أولئك المرتبطين بالجماعات اليسارية أو الكردية.