أكدت البرلمانية البارزة تولاي حاتم أوغلولري، الرئيسة المشتركة لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، النائبة في البرلمان التركي، أن نظام رجب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، يغتصب إرادة الشعب الكُردي، مشيرة إلى أن السيد عبد الله أوجلان، قائد الشعب الكُردي، السجين حالياً في تركيا، لديه القدرة على إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وأضافت تولاي أوغلولري، النائبة عن حزب "الخضر اليساري"، في حوار لـ "شؤون إيرانية"، أن كبار المسؤولين التنفيذيين في "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا الآن، لديهم علاقة تجارية وثيقة مع (إسرائيل)، معتبرة أن سياسة حكومة أردوغان تجاه الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، هي أنهم "يبكون مع الراعي ويأكلون مع الذئب".
واعتبرت النائبة البرلمانية، أن النظام التركي لعب دوراً كبيراً في تحوّل حوض شرق البحر المتوسط إلى "مناطق صراع"، وأن "نظام الرجل الواحد" الحاكم في تركيا الآن نظام شمولي خارج حتى عن دستور الانقلاب، وأنه لابد من التخلي بشكل عاجل عن "لغة الاستقطاب" التي تهيمن على المجال العام في تركيا.
وكان نص الحوار الذي أجراه شريف عبد الحميد كالآتي:
•بدايةً، يُرجي تعريف القارئ العربي بسجلّكم السياسي والنضالي الحافل كسياسية ونائبة في البرلمان التركي، وأهم الاستجوابات أو التحقيقات التي أثرتموها تحت قبة البرلمان؟
وُلدت في منطقة "سمنداغ" في هاتاي، التي يعيش فيها العرب بكثافة، وشاركت في النضال الاشتراكي منذ سنوات دراستي الثانوية، وقمت بدراسات مختلفة لإحياء الثقافة العربية واللغة العربية، وشاركت في إنشاء وإدارة معهد أبحاث الشعوب العربية في الشرق الأوسط.
كذلك عملت في مجالات المختلفة مثل حقوق الإنسان ودراسات المرأة، ولقد قمت بدور نشط في المبادرات المدنية التي تم إنشاؤها من أجل الحل السلمي للمشكلة الكردية في تركيا، وشاركت في عمليات تأسيس وتنظيم مؤتمر الشعوب الديمقراطي ومن ثم حزب الشعوب الديمقراطي، كما شاركت في تأسيس حزب إعادة التأسيس الاشتراكي في عام 2013 وشغلت منصب الرئيسة المشاركة للحزب، وهو أحد المكونات المؤسسة لحزب الشعوب الديمقراطي.
وتم انتخابي نائباً عن حزب الشعوب الديمقراطي بمدينة أضنة في انتخابات 24 يونيو/حزيران 2018، وكذلك نائباً عن حزب الخضر اليساري في أضنة في الانتخابات العامة التي أجريت في 14 مايو/آيار 2023، الذي أسست بدلاً عن حزب الشعوب الديمقراطي بعد التهديد بإغلاق الحزب من قبل حكومة حزب "العدالة والتنمية"، وعملت كعضو في لجنة الشؤون الخارجية ولجنة الموازنة في البرلمان، لقد واصلت عملي كرئيسة مشتركة لحزب الشعوب للمساواة والديمقراطية منذ مؤتمرنا الاعتيادي الرابع الذي عقد في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
دستور انقلابي
•ما هي أهم الأعمال التي قمتم بها في البرلمان التركي؟
رغم أن الكثير من الأعمال التي أقوم بها في البرلمان مهمة بالنسبة لنا؛ ولكن وبلا شك الأكثر فعالية هو الذي لا أستطيع أن أنساه؛ هي المساءلة البرلمانية التي قدمناها في نهاية عام 2022 بشأن الإجراءات العاجلة الواجب اتخاذها بشأن زلزال "هاتاي" المحتمل، ولسوء الحظ، تعرضنا لكارثة كبيرة في 6 فبراير/شباط، بعد أيام قليلة فقط من هذه المساءلة البرلمانية!
•قبل حوالي شهر أصبحت رئيسة مشتركة للحزب، ما هو برنامجكم لتحقيق الديمقراطية في تركيا والحل السياسي للقضية الكردية في ظل وجود النظام الحالي في تركيا؟
يتضمن برنامج حزبنا نهجاً جذرياً في إطار المبادئ التحررية والديمقراطية، في التعامل مع القضايا التي أصبحت مزمنة خلال فترة المائة عام منذ تأسيس تركيا في عام 1923، وبمعنى آخر، نحن ندعو إلى وضع دستور تركي جديد يجمع بين الجمهورية والديمقراطية ويضمن التمثيل المتساوي للشرائح الاجتماعية المستبعدة على هذا الأساس.
ونرى أن الدستور الحالي هو "دستور انقلابي"، والتغييرات الأخيرة التي تم إجراؤها خلال عملية استفتاء غير عادلة، والنظام الحالي الذي نسميه بـ "نظام الرجل الواحد" الشمولي، خارج حتى عن دستور الانقلاب، وأنه سببّ دماراً أكبر في كل من تركيا والمناطق المحيطة بها مع مرور كل يوم.
ولكي نكون واضحين، فإن تركيا تحتاج إلى الدخول في عملية تحول أكثر ديمقراطية وتحرراً فيما يتصل بالقضايا العميقة الجذور، وخاصة القضية الكُردية، وبخلاف ذلك، لا يمكن توقع سيناريوهات إيجابية سواء بالنسبة لتركيا أو لشعبنا في المناطق المحيطة.
ويدعو حزبنا إلى بدء محادثات سلام جديدة يتحمل فيها البرلمان أيضاً المسؤولية، وفي هذا السياق، هناك حاجة إلى تمهيد الطريق من خلال التغييرات القانونية.
ومن ناحية أخرى، لابد من التخلي بشكل عاجل عن لغة الاستقطاب والتهميش التي تهيمن على المجال العام من السياسة إلى وسائل الإعلام، ويجب تجنب المناخ الاجتماعي الذي يتم فيه تمجيد القومية التركية العرقية وكذلك النزعة العسكرية وتقديس الدولة، وبدلاً من ذلك، أعتقد أن اللغة السياسية المتطرفة والعدائية يمكن إضعافها إلى الحد الذي يسود فيه التسامح، وضمان حرية التعبير، وتحقيق المساواة أمام القانون، وفي ظل هذه الظروف، سيكون من الأسهل بكثير تنفيذ الدراسات السياسية والقانونية والإدارية المتعلقة بحل المسألة الكُردية.
•قلتم في تصريحات لكم إنه يجب تشكيل "جبهة نضال ديمقراطي" ضد الفاشية في تركيا... كيف السبيل إلى تحقيق ذلك ولماذا، وهل سنشهد ذلك في انتخابات البلديات القادمة؟
دعوتنا إلى "جبهة النضال الديمقراطي" هي موقف ضروري حتمي في تركيا والدول التي تعاني من أوضاع مماثلة، حيث توجد أزمة اجتماعية وسياسية، وإن تطوير موقف مشترك من قبل جميع الحركات السياسية التي لديها اهتمامات مشتركة بشأن مستقبل البلاد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالوعود التي وعدناها لشعوبنا ومسؤوليتنا السياسية.
وفي دولة كبيرة يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، فإن النضال الذي تخوضه مختلف القطاعات السياسية والاجتماعية وحدها من أجل دفع البلاد إلى مسار أكثر ديمقراطية وتحررية، لا يمكن أن يكون كافياً ولذلك، نحن منفتحون على التعاون والسير جنبًا إلى جنب مع كافة الشرائح الاجتماعية التي لها نفس الاهتمامات المستقبلية مثلنا، وفي الوقت الحالي، تأسس حزبنا كحزب مظلة على هذا الأساس.
اغتصاب الإرادة الكردية
•اعتبرتم في تصريحات أن "هنالك مساعٍ في تركيا لبناء نظام استبدادي على يد رجل واحد وفرض العزلة على إرادة الشعب الكردي"... فما وجه الارتباط بين القضيتيّن؟
كما ذكرت، فإننا نسمي هذا نظام الشمولي الديكتاتوريّ باسم "نظام الرجل الواحد"، ووفقاً لهذا الشكل من الحكم، فإن إرادة جميع شرائح المجتمع "الأخرى"، أي المُعرّفين أنفسهم كمعارضين، مهددة بالاغتصاب.
وبعد الانتخابات المحلية، تم عزل جميع رؤساء البلديات المشاركين المنتخبين من قبل الشعب الكردي بشكل غير قانوني، وليس هذا سوى انقلاب مدني ضد الكُرد. إن سياسة الاغتصاب هذه، ليست لها أي أساس قانوني أو أخلاقي، تدار مباشرة من القصر.
إن اغتصاب إرادة الشعب الكُردي لا يقتصر على البلديات فقط، بل تتعرض الأجهزة الإعلامية والجمعيات والمؤسسات الثقافية وجميع أنواع الأنشطة العاملة في المجال الاجتماعي التي أنشأها الكُرد، لتدخل مباشر من القصر، ويتم احتجاز العديد من السياسيين الكُرد ورؤساء البلديات والفنانين وموظفي الجمعيات والصحفيين والنقابيين يوميًا، وكذلك آلاف من أبناء الشعب الكردي الذين يتحملون مسؤوليات في مجالات مماثلة، في السجون بعد محاكمات غير عادلة، واضطر كثيرون آخرون إلى طلب اللجوء السياسي في الخارج.
•أثرتم في استجواب أمام البرلمان التركي في يناير/كانون الثاني 2021 تساؤلات بشأن اختطاف المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا لمئات النساء الكرديات في منطقة "عفرين" بشمال سوريا ونقلهنّ إلى ليبيا من أجل استعبادهن جنسياً... إلى أين وصلت هذه القضية الخطيرة؟
لسوء الحظ، فقد أخذت هذه المأساة مكانها في الصفحات المظلمة من تاريخ البشرية ما شهدتها منطقتنا من ممارسات غير إنسانية وجرائم الحرب. والخطاب الذي ألقيته في الجمعية العامة المذكورة أعلاه للجمعية الوطنية الكبرى التركية كان يتعلق بالمقترح الذي قدمناه والأسئلة التي طرحناها على وزارة الخارجية في ديسمبر/كانون الأول 2020.
سألنا عن الادعاءات بأن النساء الكُرديات والفتيات القاصرات المحتجزات في سجن عفرين، تم احتجازهن من أجل إرسالهن إلى ليبيا. وأدرجنا أقوال الشاهدات على جدول الأعمال. لسوء الحظ، نعلم أنه تم اختطاف الآلاف من النساء الإيزيديات في أعقاب مجزرة شنكال، وأن بعض النساء والفتيات الإيزيديات تم العثور عليهن من قبل أقاربهن في أنقرة، العاصمة المركزية لتركيا عند محاولة بيعهن عبر الإنترنت. وقد أجرى مجلس المرأة في حزبنا دراسات حول هذه القضية. ولسوء الحظ، على الرغم من السنوات التي مرت، لا تزال آلاف النساء الإيزيديات مفقودات.
وفيما يتعلق بالأسئلة التي كنا نطرحها باستمرار في ذلك الوقت بخصوص النساء الكرديات اللائي تم اختطافهن من عفرين والرغبات في نقلهن إلى ليبيا، كان جواب وزير الخارجية لم تكن إجابة بخصوص المحتوى، بل ردوا علينا بإجابات مطبوعة لم تكن ذات صلة بأسئلتنا، لقد كان الجواب مجرد نفي للادعاءات، لكنه للأسف كان بعيدًا عن معالجة مخاوفنا وشكوكنا.
"الأحذية" قبل الدبلوماسية
•حصل تمديد للقوات التركية في ليبيا قبل أسابيع وكذلك يحصل سنويا لتواجد الجيش التركي في سوريا والعراق ما هو موقفكم من ذلك وخاصة أن الكثير من السوريين والعراقيين والليبيين يرون ذلك احتلالًا ويضر بالعلاقات التركية العربية؟
في السنوات العشر الأخيرة على وجه الخصوص، تبنى نظام القصر نهجاً يركز على الجمود والنزعة العسكرية، مثل وضع الأحذية العسكرية قبل الدبلوماسية.
ويمكن القول إن تركيا لعبت دوراً رائداً في التحول المستمر لحوض شرق البحر الأبيض المتوسط إلى مناطق صراع في جغرافية واسعة من القوقاز إلى جنوب كردستان، ومن ليبيا إلى شمال سوريا، وتعد التهديدات العسكرية لنظام القصر من الأسباب الرئيسية للأزمات الإقليمية، خاصة في سوريا والعراق، حيث حقق الكُرد مكاسب وطوروا إرادتهم السياسية كقوة شرعية في المنطقة.
ويؤثر هذا الوضع سلباً على الشعب العربي والهويات العرقية والطائفية الأخرى التي تعيش في المنطقة، لو ركزت تركيا أثناء الحرب الأهلية السورية على الحل السياسي بدلًا من إرسال مقاتلين أجانب إلى المنطقة كوكلاء، لما تمكنت القوى الرجعية مثل داعش والقاعدة من التمسك بهذه المنطقة. ربما كانت الحرب الأهلية ستنتهي خلال 4-5 سنوات، ولما حدثت موجات من الهجرة، ولما كان الدمار الاقتصادي قد تفاقم، ولما كانت الأزمة الإنسانية قد تعمقت.
ولتوضيح الأمر، أعلن الكُرد عن إرادة سياسية للعيش في سلام مع الشعبين العربي والتركي، وفي سوريا، حقق الكُرد ذلك من خلال "العقد الاجتماعي"، الذي كان بمثابة اقتراح لدستور جديد. لقد أعلن الكُرد الذين يعيشون في تركيا دائماً عن رغبتهم في تحقيق سلام مشرف ودائم دون تغيير الحدود، ولذلك، من أجل حل الأزمة والاستقرار الإقليمي، تحتاج الدولة التركية إلى تغيير محورها.
وباختصار، ليس للمذكرات التي تمهد للتدخلات العسكرية أي أثر سوى تعميق الأزمات الإقليمية. وعلاوة على ذلك، بدأت الحكومتان الليبيتان في الإعلان علناً عن أنهما لم تعدا ترغبان في رؤية قوات أجنبية على أراضيهما، على الرغم من ذلك، فإن نظام القصر، الذي يحاول إظهار موقف الوصاية على حكومة طرابلس، يواصل للأسف الإصرار على الهيمنة هنا من خلال نهج عثماني جديد، ونحن، كثالث أكبر كتلة حزبية في البرلمان، صوتنا بـ "لا" لجميع هذه القرارات، وفي كل مرة كنا نقول بوضوح إن هذه القرارات تعمق الأزمات الإقليمية، ونحن نرى أن موقفنا هذا يحظى بالتقدير والدفاع عنه من قبل شرائح تقدمية من الشعب التركي، وكذلك يهمنا أن يرى الجمهور العربي موقفنا بوضوح ويقيم إمكانية تطوير العلاقات الكردية العربية على هذا الأساس.
•لماذا يستمر إفلات مرتكبي المجازر والممارسات القمعية ضد الكُرد والمعارضة والنساء في تركيا من العقاب... وما هي الطرق الصحيحة برأيكم لتصعيد وتيرة النضال في وجه هذه المجازر لإنهاء سياسات الإفلات من العقاب؟
المرتكب الرئيسي والمسؤول عن الهجمات ضد الكُرد والمعارضة والنساء في تركيا، هو حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز 2016، واجه جزء كبير من المجتمع وسياسيين من المعارضة، وخاصة حزبنا، هجوماً خطيراً وضغوطاً كبيرة من الحكومة. هناك محاولات لقمع المجتمع والسياسة الديمقراطية من خلال القوانين التي يصدرها البرلمان، والمراسيم الرئاسية، والسلطة القضائية التي تستخدمها الحكومة كجهاز لأغراضها. المسؤولية الأساسية عن العنف والمجازر ضد المرأة هي حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، بسياساتها القمعية التي يهيمن عليها الذكور. إن تزايد العنف وجرائم القتل ضد المرأة في السنوات العشرين الماضية، و إفلات مرتكبي هذا العنف والقتلة من العقاب، هو نتيجة للسياسة التي تحاول السيطرة على المجتمع. فالرجل الذي يقتل المرأة ويهددها ويحاول إضعافها يستمد سلطته من السلطة السياسية، ويتم تشجيع الفهم الحالي للعنف.
ويعد قرار رئيس تركيا "أردوغان" بالانسحاب من اتفاقية إسطنبول بين عشية وضحاها اغتصاباً للحقوق التي اكتسبتها المرأة نتيجة نضالها من أجل الحرية لسنوات، كما أنه مؤشر على موافقة الحكومة على العنف ضد المرأة.
إن إنهاء القمع ضد الكُرد والمعارضة والنساء والعديد من شرائح المجتمع الأخرى في تركيا، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال ضمان الديمقراطية وبيئة سياسية حرة. ولهذا السبب، نعتقد أن التشكيلات والتحالفات والتعاون السياسي التحرر والشامل أمر مهم في كل من تركيا وخاصة في الشرق الأوسط.
سياسة ذات وجهين.
•تتكلم السلطة التركية ورئيسها أردوغان عن الشعب الفلسطيني وعن الحرب في غزة، كيف ترين موقف حزب العدالة والتنمية من حرب غزة، وما هو موقفكم كحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب من حرب غزة؟
إننا نعتبر موقف حزب العدالة والتنمية، الذي يوجه السياسة الخارجية لتركيا منذ عشرين عامًا في الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية، سياسة "ذات وجهين"، بكل بساطة. بمعنى آخر، هم في وضع "يبكون مع الراعي ويجلسون ويأكلون مع الذئب"!
بمعنى آخر، على الرغم من أنهم يدلون ببيانات كأنهم واقفون بجانب فلسطين، ولكن عندما ننظر إلى الحقائق، يمكننا أن نرى من السجلات الرسمية أن كبار المسؤولين التنفيذيين في حزب العدالة والتنمية لديهم علاقة تجارية وثيقة مع (إسرائيل).
قد يكون من المفهوم لو كانت هذه العلاقات التجارية تلبي احتياجات الإنسانية مثل الغذاء والمنتجات الصحية والملابس، ولكن غالبية هذه المنتجات هي من مواد البناء مثل الحديد والأسمنت، التي تستخدم في صناعة الجدران التي تحاصر بها الشعب الفلسطيني، وكذلك في إقامة مستوطنات جديدة. وبمعنى آخر، نحن نتحدث عن حكومة حزب العدالة والتنمية التي ترسل الصلوات إلى فلسطين ولكنها تبيع منتجات استراتيجية مثل الحديد والأسمنت لإسرائيل، مما يديم الاحتلال.
•طالبتم في يناير/كانون الثاني الماضي 2023 خلال مسيرة مع نواب "حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب" بإنهاء فوري للعزلة المفروضة على الأسير القائد عبد الله أوجلان... فهل يمكن أن ينال القائد حريته يوماً ما؟
السيد عبد الله أوجلان هو قائد الشعب الكُردي، وله تأثير كبير على جميع الكُرد الذين يعيشون في أربعة أجزاء من كردستان وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط. وكان الدور البناء الذي لعبه في إرساء سلام اجتماعي جديد بين الدولة التركية والكُرد بين عامي 2013 و2015 في غاية الأهمية. ولسوء الحظ، أنهى أردوغان عملية الحل، معتقدًا أن عملية السلام هذه تتعارض مع مصالحه الشخصية، والآن تهدف سياسة أردوغان إلى القضاء على كافة مكاسب الكُرد تحت اسم "خطة الانهيار". في هذه المرحلة، مهما خسر الكُرد، فقد خسره الأتراك وكل شعوب المنطقة أيضاً.
ولم يقتصر الأمر على الخسائر البشرية فحسب، بل أصبح الدمار الاقتصادي والاجتماعي الخطير يزداد عمقًا. ومن أجل الخروج من هذه الأزمة، لابد من رفع العزلة عن عبد الله أوجلان والعودة إلى طاولة المحادثات من جديد للتوصل إلى حل دائم.
وكما جلب مانديلا السلام إلى جنوب أفريقيا كقائد للشعب، فإن عبد الله أوجلان، كقائد للشعب، لديه أيضًا القدرة على إحلال السلام في تركيا والشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن السيد أوجلان يضع حرية الشعب قبل حريته الجسدية، فإن الحرية الجسدية للسيد أوجلان ستكون ممكنة أيضًا من خلال إقامة سلام دائم. واستنادًا إلى المبادئ الواردة في القانون العالمي مثل "قواعد مانديلا" و"الحق في الأمل" التي اعتمدتها الأمم المتحدة، لا يوجد في الواقع أي عائق قانوني أمام حرية السيد أوجلان.
•قلتم في تصريح على هامش المسيرة نفسها إن "السيد أوجلان قدّم إشارات مهمة بأنه يمكن إيجاد حل للقضية الكردية من خلال لقاءات مرحلة عملية السلام"... كيف؟
في إجابتي على السؤال السابق، ذكرت المساهمة الرائدة التي يمكن أن يقدمها لحل المسألة الكردية. وقبل العزل الصارم، أعلن السيد أوجلان أنه سيصر على إظهار إرادته من أجل سلام دائم ومشرف، على الرغم من كل شيء. إن تصريح السيد أوجلان "إذا توفرت الشروط سأحل هذه المشكلة خلال أسبوع" هو أوضح مؤشر على إصراره ونهجه البناء في هذه القضية.
•يقال إنك من أصول عربية، هل هذا صحيح؟ وما هو شعورك كشخص وأنت تقودين حزب يجمع كل المكونات الإثنية والدينية في تركيا وما هي أهمية العلاقات بين الكُرد والعرب والترك في تركيا والشرق الأوسط وهل لديكم هدف لتطوير تلك العلاقات؟
نعم أنا عربية. وحزب الشعوب للمساواة والديمقراطية كما يوحي من اسمه، هو حزب سياسي يمثل الألوان والشعوب المختلفة للأراضي التي نعيش عليها. ويرى حزب الشعوب للمساواة والديمقراطية أن مناطق نضال جميع قوى المعارضة الديمقراطية في تركيا هي ساحة نضال مشتركة ويستمد قوته من ذلك، أي وحدة اختلافاتنا. لذلك، كعربية فإن كوني رئيسًا مشاركًا لحزبنا هو انعكاس طبيعي لنسيج حزبنا. نحن نناضل من أجل الديمقراطية تحت مظلة حزبنا، جنبًا إلى جنب مع رفاقي من الكُرد والعرب والأتراك والأرمن والآشوريين والجورجيين والعديد من الأصول العرقية الأخرى. وبطبيعة الحال نأمل أن تكون علاقتنا الرفاقية نموذجًا للمنطقة بأكملها ولتركيا. إن أهم سياسة لحزبنا هي اتباع سياسة السلام في تركيا والشرق الأوسط. ونواصل عملنا لتحقيق هذا الهدف المنشود.
المصدر: مركز الخليج للدراسات الإيرانية