عقد مؤتمر الإسلام الديمقراطي في إقليم شمال وشرق سوريا، يوم أمس مؤتمره الثالث، تحت شعار "الاجتهاد والتجديد بوابتا الحل لقضايا الشرق الأوسط"، بمشاركة 450عضواً وعضوة، وذلك في مركز محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو، استمر لمدة يوم كامل.
وحول ما تناوله المؤتمر ومخرجاته، بين مؤتمر الإسلام الديمقراطي عبر بيان، لفت في مستهله الظروف التي دعت لعقد المؤتمر والمرحلة التي عقد فيها المؤتمر، وعدد المشاركين فيه، وكيفية سير أعمال المؤتمر.
وجاء في نص البيان مايلي:
"في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي من توترات متزايدة وحالة الفوضى التي تطغى على بلدانها إلى جانب الظروف الاستثنائية الصعبة التي نعيشها في مناطق شمال وشرق سوريا من حصار وتردي الواقع الاقتصادي والمعيشي الناتجة عن الحرب التي تعيشها سوريا منذ العام 2011م والهجمات الشبه يومية التي تشنها الدولة التركية على مناطقنا، مما يزيد من جِراحات شعوبنا، عقد مؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا العزم على تعزيز دوره في خدمة المجتمع والمساهمة بشكلٍ فاعلٍ وبناء مع كل المؤسسات التعليمية والاجتماعية والفكرية لما فيه خير شعوب المنطقة بكل مكوناتها الإثنية والدينية.
وعلى هذا الأساس، عقد مؤتمرنا مؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا مؤتمره الدوري الثالث تحت شعار (الاجتهاد والتجديد بوابتا الحل لقضايا الشرق الأوسط)، بحضور شخصيات ومؤسسات دينية وفعاليات اجتماعية وأحزاب سياسية، بهدف تقييم أعمال المؤتمر خلال السنوات الماضية ووضع الخطط والبرامج والآليات التي ستساعد في بلوغ الأهداف التي وضعها مؤتمر الإسلام الديمقراطي أمامه في المرحلة القادمة والتي تتجلى في شعار المؤتمر.
بدأت فعاليات المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، وتلاوةٍ كريمة مما تيسر من آيات القرآن الكريم.
وألقت الرئاسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، كلمة افتتاحية قرأتها السيدة دلال خليل، الرئيسة المشتركة السابقة للمؤتمر، أكدت خلالها على ضرورة الاجتهاد وإحكام العقل لإحداث التجديد في الفكر الإسلامي من حيث التفاسير، مستشهدة بآيات من القرآن الكريم وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) في قوله: "(إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)، والدين الاسلامي كبقية الديانات السابقة إنما هو برنامج اعتقاد وعمل ليسير بالإنسان الى العدل ليتحقق الأمن وتعم السعادة.
يقول القرآن الكريم: ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط.
ولكن وللأسف تحول الدين من خدمة الانسان وسعادته في الدنيا والآخرة إلى سيف مسلط على الرقاب يستخدمه المستبد كلما اراد تنحية وتصفية المخالف
وضاع الإسلام المعتدل بين علماء السلطان والحركات المتشددة، وما نعانيه اليوم من التطرف والذي ذاق مرارته الكثير من الدول والطوائف والقوميات نموذج من حالة البعد عن الإسلام."
وأكدت الرئاسة المشتركة للمؤتمر في كلمتها على أن الأزمة إذن ليست في الدين الإسلامي وتعاليمه، إنما الأزمة تكمن في ذلك الخطاب الديني الذي ينشره الدعاة من مختلف الجماعات الإسلامية دون النظر إلى مقاصد الشريعة واسلوبه في الدعوة الى الله".
وأشارت إلى أن من شأن الاجتهاد والتجديد في الفكر الإسلامي أن يكونا بوابتا حل الأزمات والمشاكل العالمية وليس فقط مشاكل الشرق الأوسط.
وقرأ الملا عبد الرحمن بدرخان عضو المجلس الإداري العام، مقتطفات من تقييمات المفكر والقائد عبد الله أوجلان حول الأديان الابراهيمية، والذي أكد فيها على عظمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وسمو الدين الإسلامي من حيث الجوهر ورُقيه عن الأديان والشرائع السابقة له؛ إلا أن التطبيق العملي للإسلام تعرض لانكسار في الجوهر مع بداية العصر الأموي، ولا زال هذا الانكسار يستمر إلى يومنا هذا؛ وكل ذلك حصل نتيجة خضوع علماء الدين للسلطة الحاكمة.
كما كانت للجنة الشعوب والمعتقدات في منظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، رسالة تهنئة وتوصية إلى المؤتمر، قرأتها السيدة أفين الحجي الرئيسة المشتركة الجديدة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، حيث أشادت بجهود مؤتمر الإسلام الديمقراطي خلال المرحلة الماضية وأكدت على ثقتها بقدرة المؤتمرين على مناقشة القضايا الهامة واتخاذ القرارات التي منْ شأنِها المساهمةُ بقوةٍ في حلِّ مشاكلِ وقضايا شِمالِ وشرقِ سوريا وسوريا بأكمَلِها، وإيمانها بقوة المؤتمر في رَفْعِ وتيرةَ النضالِ والكفاحِ في سبيلِ سوريا ديمقراطية؛ كما ركزت لجنة الشعوب والمعتقدات على أن الإسلامَ الديمقراطي يَستمدُّ مبادئَهُ الأساسيةَ وأصولَهُ منْ سنةِ سيدِنا محمدٍ (صلى الله عليه وسلم)، فالإسلامُ الديمقراطيُّ هو الاجتهادُ في حلِّ القضايا العالقةِ لمئاتِ السنينْ، والإسلامُ الديمقراطيُّ هو اجتهادُ العقلِ والأخلاقِ في عصرِ تطورِ التكنولوجيا والثورةِ الرقميةِ؛ وأن المسلمينَ لمْ يعودوا قادرينَ على تجاهلِ المشاكلِ التي يَعيشُهُ عَالمُنا الإسلامي، كما لمْ يَعُد بالإمكان تجاهُلُ التقدُّمِ الذي يُحرزهُ العلمُ والفن، فقدْ حانَ الوقتُ لكسرِ الجَزمية (الدوغما) والقوالبِ التي يُعاني منهُ عالمُنا منذُ مئاتِ السنين.
جرت نقاشات إيجابية حول برنامج المؤتمر ونظامه الداخلي الذي تم إعداده مسبقاً من قبل اللجنة التحضيرية للمؤتمر، حيث صادق المؤتمرون على برنامج ونظام داخلي جديد يوافق آليات عمل المؤتمر خلال المرحلة القادمة، من حيث الهيكلية الجديدة للمؤتمر والمهام المتعددة للمؤتمر بما يتوافق مع العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا وقوانين مجلس الأديان والمعتقدات.
حيث تكون الهيكلية الجديدة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، مؤلفة من الرئاسة المشتركة والمجلس الإداري العام المؤلف من (41) عضواً وعضوة وهيئة الإدارة المنتخبة من بين أعضاء المجلس الإداري العام والذي يتألف من (7) أعضاء.
ينظّم نفسه في مناطق الإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا بما يتوافق مع العقد الاجتماعي ومفهوم الإسلام الديمقراطي، ويستند في آلياته التنظيمية على نظام المجالس واللجان والمؤسسات التي تعمل بالتنسيق والتوافق مع كومونات ومجالس الشعب، حيث أن كل الأعضاء الرسميين والفخريين لمجالس مؤتمر الإسلام الديمقراطي من أئمة وخطباء هم في الوقت نفسه أعضاء في كومونات ومجالس الشعب، كما أن مؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا يستقي توجيهاته في عقد الصلة بين الشعوب والمعتقدات على أساس الحوار والمحبة والسلام ويتبنى مفهوم الأمة كما ورد في وثيقة المدينة.
كما شهد المؤتمر تغييرات مهمة في تولي المهام والمسؤوليات، حيث رشحت الرئيسة المشتركة السابقة، السيدة دلال خليل بدلاً عنها باسم مجلس المرأة في مؤتمر الإسلام الديمقراطي، السيدة أفين الحجي للرئاسة المشتركة، كما أنه بناءً على طلب إدارة المؤتمر وإجماع كل المؤتمرين تم ترشيح وانتخاب الملا محمد الغرزاني كرئيس مشترك لمؤتمر الإسلام الديمقراطي لدورة انتخابية جديدة، حيث جرى التصويت بالإجماع على كلٍ من السيدة أفين الحجي والملا محمد الغرزاني لتولي الرئاسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا.
وجرى بعد ذلك التصويت على (25) عضواً وعضوة لتسلم مهامهم في المجلس الإداري العام، وهُم:
الرئاسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا والرئاسات المشتركة للمقاطعات السبع، وعددهم (14) عضواً وعضوة، ومنسقية مجلس المرأة وعددهن (7) عضوات، ورئيس رابطة آل البيت ومسؤولة شؤون المرأة في الرابطة.
وانتخاب أعضاء جدد لتولي مهام اللجان المركزية ولجان الإدارة والتنظيم وعددهم (16) عضواً وعضوة، حيث يصبح عدد المجلس الإداري العام (41) عضواً وعضوة.
كما تضمن النظام الداخلي الجديد للمؤتمر، تغييرات هامة في هيكلية مجلس الشورى، حيث جرى تشكيل المجلس للمرة الأولى بما يتوافق مع العقد الاجتماعي الجديد لإقليم شمال وشرق سوريا، حيث يضم مجلس الشورى الجديد إدارة كلية العلوم الدينية- قسم الديانة الإسلامية وممثلة عن كلية الجنولوجيا وعضويين إداريين من هيئة التربية والتعليم- قسم التربية الإسلامية إلى جانب أعضائه الآخرين من مؤتمر الإسلام الديمقراطي.
وفي خلاصة النقاشات التي جرت خلال المؤتمر، تم وضع خطة عمل وأهداف مرحلية جديدة تتجلى في تقوية وتعزيز الوضع التنظيمي وتعميق الجوانب الفكرية وتوسيع دائرة العلاقات لنشر مفهوم الإسلام الديمقراطي، حيث وضع المؤتمر في أهدافه إتمام تشكيل مجالس البلدات والمدن والمقاطعات خلال الأشهر الثلاثة القادمة، والتركيز على لجان البحوث والدراسات والتدريب والإعلام لتطوير الجانب الفكري في المؤتمر ونشر مفهوم الإسلام الديمقراطي، وإقامة دورات تدريبية منتظمة لأعضاء وإدارة المؤتمر، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع المؤسسات الدينية في كل أنحاء العالم وبالأخص في العالم العربي والإسلامي، وإعادة تنظيم مؤسسة الوقف والمالية لما يتناسب مع الوضع الجديد للمؤتمر، لتكون قادرة على تلبية متطلبات المؤتمر وإدامة أعماله.
مؤتمرنا الدوري الثالث بدأ أعماله بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء وتلاوة طيبة من آيات القرآن الكريم، وأنهى المؤتمر أعماله بدعوات أعضاء المؤتمر جميعاً والدعاء الطيب من عضو رابطة آل البيت وعضو ديوان المؤتمر الشيخ عبد الرزاق كالو، نرجوه تعالى التوفيق والنجاح والسداد بجهود أعضاء المؤتمر لما فيه خير شعوب المنطقة".