حقوقيو إقليم شمال وشرق سوريا يوجهون نداءً عاجلاً لمؤسسات حكومية والمدنية

وجه حقوقيي إقليم شمال وشرق سوريا نداءً عاجل فيما يتعلق بالأحداث التي تجري لعدد من المؤسسات الحكومية والمدنية حول العالم، وفي مقدمتهم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وجه اتحاد المحامين في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، اليوم نداء عاجلاً، عبر بيان أدلي به في مدينة قامشلو، لعدد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية حول العالم، بما فيهم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وجاء في البيان، الذي قرئ باللغة الإنكليزية من قبل إعلامية مجلس العدالة الاجتماعية، بيريفان فارس رسول وباللغة العربية، من قبل الرئيسة المشتركة لاتحاد المحامين، هيفا حسن:

"نداء عاجل، إلى المجتمع الدولي، الاتحاد الأوروبي، مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، الأمين العام للأمم المتحدة، الكونغرس الأمريكي، وزارة الخارجية الأمريكية، السادة الحقوقيين، المحامين، في كل أوروبا والعالم، وكل المعنيين بقضايا حقوق الإنسان والسلام.

نحن محاميي وقضاة وموظفو السلك القضائي والمعنيون بحقوق الإنسان من شمال وشرق سوريا، نود أن نلفت انتباهكم إلى الوضع المعقد والخطر الذي يهدد السلام والاستقرار في منطقتنا، والذي نعدّه تهديداً للمكتسبات التي تحققت بصعوبة طوال سنوات من النضال ضد الإرهاب.

إن تركيا، عبر مواقفها العدائية، وآخرها تصريح رأس النظام التركي أردوغان والترويج الذي يقوم به إعلامه بأنه سيدفن الكرد مع أسلحتهم إذا لم يقوموا بتسليم سلاحهم، تحريض متعمد على القتل والإبادة الجماعية بحق مكون أصيل من مكونات الشعب السوري، وهذا التهديد يهدف إلى تقويض تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، والتي كانت حائط صد حقيقي ضد تنظيم داعش الإرهابي، لقد قدمت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تضحيات هائلة في محاربة الإرهاب، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتعاون مع أكثر من 80 دولة أوروبية وعربية، لكن اليوم، نجد أنفسنا في مواجهة محاولات تركيا المستمرة لنسف هذه التجربة وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة، وكان آخرها احتلالها لمدينة منبج السورية والآن تحاول مع كوباني التي أصبحت رمزاً للنضال والمقاومة في العالم ضد الإرهاب.

في هذا السياق، لا يمكن إغفال المظلومية التي تعرض لها الشعب الكردي في سوريا على مدى عقود من حكم النظام السوري، سواء في عهد حافظ الأسد أو بشار الأسد الذي فر مؤخراً. لقد كان الأكراد أول من ثاروا ضد النظام، وتحدوا سياسات القمع والتهميش التي فرضها النظام البائد، حيث كانت انتفاضة 2004 في القامشلي/قامشلو نقطة فارقة في تاريخ نضال الشعب الكردي. فقد أسقط الأكراد تمثال حافظ الأسد في احتجاجات سلمية في كل المدن الكردية، وبدلاً من أن يُنصت إليهم، قام النظام بقتل العشرات واعتقال المئات من الأبرياء وتعذيبهم، بينما استمرت سياسات التجويع والتضييق على حقوقهم الأساسية.

لقد عانى الشعب الكردي في سوريا من الحرمان من الحقوق الثقافية والسياسية والاقتصادية لعقود، ما جعلنا ندفع ثمناً باهظاً من دماء أبنائنا في سبيل الحرية والعدالة، وإن هذا التاريخ الطويل من الظلم والمعاناة يعزز من موقفنا اليوم في المطالبة بالحقوق الدستورية المشروعة في سوريا المستقبل.

إننا ندرك أن قضيتنا ليست قضية محلية فحسب، بل هي جزء من منظومة حقوق الإنسان العالمية، نحن نطالب بالاعتراف الكامل بحقنا في تقرير مصيرنا، كما نصت عليه المادة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) والتي تنص على أن "يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق."

وكذلك المادة 21 التي تنص على أن "لكل شخص الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة في بلده، إما مباشرة أو من خلال ممثلين يختارهم بحرية."

وهذا يعزز حقنا في المساهمة الفاعلة في صياغة مستقبل سوريا عبر ممثلين شرعيين لنا.

كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) ينص في المادة 27 على أنه "في الدول التي توجد فيها أقليات عرقية أو دينية أو لغوية، لا يجوز حرمان الأشخاص المنتمين إلى تلك الأقليات من حقهم في التمتع بثقافتهم الخاصة، والتمتع بلغتهم، وممارسة شعائر دينهم."

 هذا يشكل الأساس القانوني لمطالبنا بحماية الهوية الثقافية واللغوية للشعب الكردي في سوريا.

نؤكد على ضرورة أن يكون لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) دور حاسم في أي عملية تفاوضية مع حكومة دمشق، إن أي حل سياسي مستقبلي لسوريا يجب أن يشمل ضمانات حقيقية لحقوق الكرد ومكونات شمال وشرق سوريا، بما في ذلك إقرار النظام اللا مركزي الذي نراه يضمن حقوقنا في الحكم الذاتي والعدالة والمساواة.

إننا نواجه اليوم تهديداً حقيقياً لا يأتي فقط من القوى الداخلية التي تحاول إقصاء دورنا، بل من القوى الإقليمية التي تسعى لتقويض أي فرصة لتحقيق السلام في سوريا.

تركيا، عبر دعمها للجماعات المسلحة ضد قسد، تهدف إلى خلق فراغ أمني في مناطق سيطرة قسد، ما قد يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني وزيادة معاناة المدنيين، وفي الوقت نفسه، فإن موقفها يعيق أي تقدم في عملية السلام بين الكرد وحكومة دمشق، ويهدد بتقويض أي جهود لتوحيد البلاد على أسس ديمقراطية وعادلة.

إننا، من شمال وشرق سوريا، نطالب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية ومراكز صنع القرار بالضغط على تركيا لإيقاف سياساتها العدائية تجاه الشعب الكردي. يجب أن يكون هناك ضغط دولي حقيقي على تركيا لحملها على الجلوس مع الكرد على طاولة المفاوضات ليس فقط في سوريا، ولكن أيضاً في تركيا نفسها، حيث يوجد أكثر من 25 مليون كردي في تركيا.

 لقد فشلت تركيا في إيجاد سلام حقيقي مع الشعب الكردي على أراضيها لعقود، ونحن نؤمن أن الحوار والمفاوضات هي الطريق الوحيد لحل هذه القضية بشكل عادل ومستدام بعيداً عن لغة السلاح.

نحن، في شمال وشرق سوريا، نطالب كل من ذكرناهم في بداية النداء بإيجاد آلية دولية تضمن إشراك قوات سوريا الديمقراطية في المفاوضات السياسية مع الحكومة السورية، كما نطالب بضمانات دستورية تضمن حقوقنا القومية والثقافية، وتثبت أن سوريا المستقبل ستكون دولة متعددة الأطياف، تقوم على مبادئ اللا مركزية، وتحترم حقوق جميع مكوناتها.

نحن نعلم أن الطريق إلى السلام ليس سهلاً، ولكننا على يقين أن أي عملية سلام لا تشمل تمثيل قسد وضمان حقوق الكرد ستظل ناقصة وغير قادرة على تحقيق استقرار حقيقي في سوريا، نطالب الجميع بأن يقفوا إلى جانب حقوقنا المشروعة في تقرير مصيرنا ضمن سوريا موحدة.

نرسل هذا النداء لنفتح عيون صناع القرار في أوروبا وأمريكا على حقيقة نوايا تركيا، وضرورة العمل على ضمان الحقوق الكردية في عملية السلام السورية.

نحن نؤمن بأن دعمكم لمستقبل سوريا ديمقراطية وموحدة سيظل أمراً حاسماً لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".