باولو فيريرو: حرية أوجلان أصبحت ضرورة لا بد منها - تم التحديث

وصف السياسي الإيطالي باولو فيريرو القائد عبد الله أوجلان بالفيلسوف العالمي، موضحاً إن حرية القائد أوجلان أصبحت ضرورة لا بد منها، وقال: "العزلة المفروضة في إمرالي تظهر مدى خوفهم من أوجلان، لذا علينا أن نوسع نطاق حملة الحرية بشكل أكبر".

يستمر أسر القائد عبد الله أوجلان في إمرالي منذ 25 عاماً ولم ترد أيّ معلومات عنه منذ 3 سنوات، وقد حرموا القائد عبد الله أوجلان، الذي تفرض عليه عزلة مشددة، من حقه في اللقاء مع عائلته ومحاميه بشكل تام، وفي الناحية الأخرى، فإن اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT)، وهي الوحيدة التي تمتلك القدرة على دخول إمرالي وتتحمل مسؤولية مستقبل والعزلة المفروضة في إمرالي على نطاق واسع، تفسح المجال أمام تعميق وتشديد العزلة المفروضة في إمرالي بموقفها.

ومن ناحية أخرى، وأمام كل هذه الانتهاكات الحقوقية والصمت الذي تلتزمه المؤسسات المعنية، يستمر ويزداد الدعم الذي تقدمه مختلف الفئات والشرائح المجتمعية لحملة "الحرية لعبد الله أوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية" التي انطلقت في 10 تشرين الأول على الساحة الدولية، خلال المرحلة الثانية، وتندد مختلف الفئات والشرائح المجتمعية بالعزلة المفروضة في إمرالي مع مقولة "حان وقت الحرية" وتشير في الوقت نفسه أيضاً إلى نموذج القائد عبد الله أوجلان الذي يستند على المجتمع الديمقراطي، البيئة وحرية المرأة، من أجل المستقبل.

 

وتحدثت وكالتنا، مع السياسي الإيطالي ووزير التضامن الاجتماعي الإيطالي السابق، باولو فيريرو، حول العزلة المفروضة في إمرالي وحملة 10 تشرين الأول وأهمية نماذج القائد عبد الله أوجلان.

" العزلة تظهر عن مدى خوفهم من أفكار أوجلان"

أودُ أن أبدأ بظروف العزلة التي يتعرض لها القائد عبد الله أوجلان، ويجري احتجازه في إمرالي منذ 25 عاماً كأسير وقد انقطعت عنه الأخبار منذ حوالي 3 سنوات، كيف تقيّمون هذه الظروف للعزلة؟  

لا يمكن قبول هذه الظروف للعزلة بأي شكل من الأشكال، فالدولة التركية تحتجز أوجلان كأسير في ظروف لا يمكن أن يقبل بها أحد، ولا أحد يعلم ما هو وضعه، وهذا الوضع برمته هو تعذيب شديد، وكل هذا يدل على مدى خوف الدولة التركية من أوجلان، لأن أوجلان ليس سياسياً عظيماً فحسب، بل لديه في الوقت نفسه القدرة والخبرة أيضاً في إنهاء الكفاح المسلح والحرب.

لذلك، وعلى الرغم من أن أوجلان سياسي عظيم، إلا أنه أيضاً في الوقت نفسه مثقف وفيلسوف عظيم بأفكاره ليس فقط بالنسبة للكرد فحسب، بل للإنسانية جمعاء.

وعندما ننظر إلى النهج المتبع للدولة التركية تجاه أوجلان، نرى أن الدولة التركية في ظل سلطة أردوغان لا تنظر إلى المستقبل ولا تزال تنظر إلى الماضي ولم تخرج منه بعد، ويتصرف أردوغان في سياق الأساليب الماضية ويواصل فرض العزلة على أوجلان، وهذا يظهر لنا بوضوح أن أردوغان يخاف من أوجلان وأفكاره، ولهذا السبب، يتخذ أردوغان نهجاً وحشياً تجاه أوجلان.   

’ظروف أوجلان مشابهة لظروف أنطونيو غرامشي’

كنتم قد ذكرتم في حديثكم قبل الآن أن الظروف التي يعيشها أوجلان وطبيعة القربات اتجاهه، تشبه وضع الفيلسوف والقائد الثوري الإيطالي أنطونيو غرامشي، لماذا تفكرون هكذا؟

الظرفان متشابهان جداً، حيث تم أسر أنطونيو وأوجلان بسبب أفكارهما، فعندما تم أسر أنطونيو، أرادت المحكمة بألا يُفكر لمدة 20 عام والقضاء على أفكاره، وهذا ما تمارسه الدولة التركية اليوم بحق أوجلان، هذا الشبه الأول.

أم الشبه الثاني هو طريقة تعامل غرامشي وأوجلان ضد القوة. لذلك يجب على المرء ان يعرفهمها الى انهما فلاسفة. فقد أسس غرامشي رابطا بين التاريخ الإيطالي ومستقبل الاشتراكية، لم يقدم غرامشي موضوع الاشتراكية باعتباره المدينة الفاضلة في تاريخ إيطاليا الطويل، لقد أخذ واقع إيطاليا في الاعتبار وأظهر بأفكاره وفقا لتاريخ إيطاليا كيفية الانتقال إلى الاشتراكية.

بنى أوجلان أفكاره على أسس التاريخ البشري

أرى ان ما قام به أوجلان هو نفس ما فعله غرامشي، لقد أسس أوجلان أفكار المستقبل ونظر فيها من خلال البحث في عمق تاريخ الشرق الأوسط وكردستان، اتخذ أوجلان تاريخ كردستان وتاريخ الإنسانية أساساً من أجل التغيير وإعادة بناء المجتمع وطور أفكاره، وهذا يظهر لنا تقربات أوجلان وغرامشي وعمق وعظمة أفكارهما.

برأيي أن فيدل كاسترو فعل ذات الشيء، حيث طور فكرة الاشتراكية على أساس التاريخ الكوبي، كما وقام غرامشي بالبحث عن انتقال الاشتراكية ضمن الإطار الوطني، وهذا لا يعني القومية، لقد فعل ذلك باتخاذه التاريخ الإيطالي كأساس، وأيضاً فعل أوجلان هذا، اتخذ التاريخ كأساس، وهذا يبرز أيضا مساهماتهما للمجتمع.

نواجه اليوم العديد من مشاكل وأزمات النظام الرأسمالي، لا شك أن الحرب، الأزمات الاقتصادية، الفقر واللامساواة، مشكلة هذا النظام في العديد من الأماكن في العالم، لم نجد حتى اليوم بديلاً قوياً لذلك، ماذا تريدون أن تقولوا عن أهمية أفكار عبد الله أوجلان لإنهاء هذه الأزمات؟                                                                                                                                 

إن الرأسمالية آخذة في الصعود وأدت إلى ازدهار اقتصادي كبير في جميع أنحاء العالم، وقد تم إدارة هذه الثروة العظيمة وتوزيعها في جميع أنحاء العالم بشكل غير لائق، حيث أصبحت شرائح كبيرة من المجتمع فقيرة، وجزء صغير حصل على هذه الثروة وبنى حياته حسب رغبته.

من جهة أخرى عندما خلقت الرأسمالية هذه الثروة، قضت على البيئة، الطبيعة والعلاقات الاجتماعية، أي أنها قضت على المجتمع، هذا يعي أننا نواجه اليوم الأزمات والمشاكل خارج نطاق الرأسمالية، بمعنى آخر نواجه اليوم المشكلات التي تُهدد الإنسانية.          

مرة أخرى نرى الحروب ومحاولات لافتعالها من قبل القوى الكبرى، واليوم تريد الولايات المتحدة الأمريكية حماية قوتها العسكرية وعدم خسارة مكانتها لهذا تمارس     ذلك ضد المجتمع لتجعله مجبرا على تبعيتها، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية للحرب والمحاولات لافتعالها في يومنا هذا، يمكننا القول أن هذه هي أكبر مشكلة عالمية في هذا العصر. يشكل هذا الموضوع، في الوقت ذاته، مشكلة كبيرة لنا، وذلك لأن عواقب مشكلة أبعد من تلك ستكون خطيرة جداً على البشرية، وليس لدينا القدرة على تطوير بديل ضدها. لسنا جيدين كثيراً في حل المشكلة الرأسمالية.

أوجلان يُظهر لنا الطريق 

يوضح لنا أوجلان كيفية محاربة الرأسمالية كشخص وخاصةً لمواجهة هذه المشاكل وأيضاً يظهر لنا طرق أساليب النضال، على سبيل المثال، فهو يضع المرأة في المركز ويظهر كيف سيتم بناء نظام جديد ومجتمع جديد بقيادتها.

ومرة أخرى فيما يتعلق بمسألة الإدارة الذاتية للمجتمعات، يقترح الكونفدرالية الديمقراطية، وهذا لا يعني خلق قوة جديدة للدولة ضد قوة الدول القومية؛ وهي تقوم على الفرد، والشعب والمجتمع المدني، وينظمها ويحمي بناء مجتمع اجتماعي جديد.

أوجلان يقدم الطريق نحو الاشتراكية للبشرية في القرن الـ 21

هناك مكان لكافة مكونات الشعوب والأديان في هذا النظام الذي سيتم تأسيسه. وهنا تكمن أهمية النموذج الذي طرحه أوجلان ليس للكرد فحسب، بكل للأوربيين ايضاً. وعلى هذا الأساس؛ أنا على يقين بأن أوجلان أظهر لنا الطريق الى الاشتراكية في القرن الـ 21. وعلى هذا الأساس أقول مرة أخرى؛ أنني على يقين تام بأن أفكار أوجلان تشكل دليلاً مهما للبشرية جمعاء ولكل الحركات التي تتبنى التغيير الاجتماعي وليس للكرد وحدهم.

الدور الإيطالي في  المؤامرة؟

كونكم أحد الساسة الإيطاليين، أريد ان أسألكم انتم ايضاً، فكما تعلمون انه قبل ان يتم أسر أوجلان، كان في إيطاليا. انتهت المرحلة التي بدأت بالخروج من روما بأسره في كينيا. بهذا المعنى ما    ذا تقولون عن الدور الإيطالي وحكومة ماسيمو داليما في أسر أوجلان؟

من وجهة نظري كان دور حكومة داليما سلبياً جداً. من الواضح ان أوجلان كان يمتلك حق اللجوء السياسي عندما كان في إيطاليا حينها. كان بالإمكان منحه هذا الحق ليبقى في إيطاليا. كانت حكومة داليما، حينها، تخاف من بقاء أوجلان في إيطاليا حيث لم تستطع الوقوف ضد المطالب الأمريكية والتركية. وهكذا انجبر أوجلان على مغادرة روما، حيث قادته التطورات اللاحقة نحو الأسر. لذلك نستطيع القول انه كان لحكومة داليما دور كبير في أسر أوجلان، وبسبب عدم معارضتها بقوة للمطالب، لم تستطع القول ان أوجلان يمتلك الحق باللجوء السياسي في إيطاليا.

وعلى هذا الأساس، كأحد المواطنين الإيطاليين، نرى أنفسنا مسؤولين في حملة الحرية من أجل  أوجلان، وذلك لأن أوجلان موجود في الأسر بسبب حكومتنا.

الصحافة الغربية تخشى الكتابة عن أوجلان

بالإضافة لظروف العزلة المفروضة على أوجلان لا تتخذ اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب والمؤسسات المعنية أية إجراءات، كيف تقيمون صمت أوروبا والمؤسسات المعنية ضد العزلة في إمرالي؟

إننا نعيش وقتاً كهذا حيث فقدت أوروبا كل قيمها، هناك حروب في كافة أنحاء العالم، لأن الولايات المتحدة هي التي تقرر هذه الحروب، تطبق أوروبا معايير مزدوجة في كثير من الأمور، فمن جهة لا يقولون أي شيء عن وضع أوجلان الذي يتعرض للتعذيب، ومن جهة أخرى عندما يتطور شيء ما في أوروبا والغرب فترى أن من حقهم أن يتحدثوا.

إن معظم وسائل الإعلام الأوروبية والغربية والتي تتراوح بين 80 إلى 85 بالمئة؛ تقع تحت تأثير الحكومات الحالية، وسائل الإعلام ليست مستقلة، لا تستطيع كتابة ما يتم رؤيته ووصفه، علاوة على ذلك فإنهم يخشون الحديث عن الظروف التي يعيشها أوجلان، إنهم لا يقولون أي شيء عن وضع أوجلان، ويتصرفون كما لو أنه ليس هناك شيء كهذا، وهذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الطبقة الحاكمة في أوروبا وإيطاليا، هؤلاء ليسوا أبناء الثورة الفرنسية، بل هم أبناء النظام الرأسمالي الذين يفعلون كل شيء بشكل خارج عن النظام، يتحدثون عن الحرية، لكنهم لا يناضلون من أجل حرية الجميع.

أردوغان يقف كالمافيا على أبواب أوروبا

مرة أخرى تركيا في وضع يسمح لها بفتح الطريق أمام اللاجئين إلى أوروبا، حيث يهدد أردوغان أوروبا بـ: "إذا لم تدفعوا وتفعلوا ما أريد، فسأفتح الأبواب وأرسل إليكم اللاجئين"، وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لأوروبا، يستخدم أردوغان اللاجئين كسلاح ضد أوروبا مثل المافيا".

انطلقت في 10 تشرين الأول حملة دولية تحت شعار "الحرية لأوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية" وأنتم أيضاً ستؤيدون هذه الحملة، ماذا تود أن تقول عن أهمية هذه الحملة والتي تستمر في مرحلتها الثانية؟ وأيضاً ما الذي يجب فعله؟

نحن بحاجة لتأسيس حملة تعاطف كبيرة للفت الانتباه إلى الظروف التي يعيشها أوجلان، إنني أتحدث عن حملة تعاطف التي هي أكثر اتساعا مما هي عليه الآن، برأيي أن هناك أوجه قصور فيما قمنا به حتى الآن، ويعتقدون أن هذه الحملة تتم فقط حول أشخاص مثل أوجلان ويتم تنفيذها في هذه البيئة، وبحسب رأيي يجب أن نكون قادرين على أن نجعل الكل يشارك في هذه الحملة.

برأيي أنه يجب علينا توسيع التحرك الحالي في أوروبا بشكل أكبر وجعل أجزاء مختلفة من المجتمع تشارك في هذه الحملة من أجل تحقيق حرية أوجلان، أو ستقتصر هذه الحملة على حركات ودوائر اليسار فقط، لذلك من الضروري ليس فقط بناء حركات يسارية، بل أيضاً حركة ديمقراطية أوسع ضد ظروف العزلة والأسر منذ 25 عاماً لتحقيق حرية أوجلان.

وحقيقة أن أوجلان موجود في دولة عضوة في الناتو ولم يتم تلقي معلومات عنه منذ عدة سنوات، أمر لا يقبله أحد، ولهذا السبب علينا أن نتبع حملة أوسع، هذا هو واجبنا الرئيسي، ويجب وضع القضية الكردية وأوضاع أوجلان على أجندات الجميع وليس جهة بعينها. وكما هو الحال مع وضع الشعب الفلسطيني اليوم، والذي هو على جدول أعمال الجميع، فإن القضية الكردية يجب أن تكون أيضا على جدول أعمال الجميع.

أصبحت الحرية إلزامية لأوجلان

في الختام هل تودون قول شيء؟

ومن غير المقبول أن يقضي الإنسان نصف عمره في السجن، لا يوجد سبب لتبرير هذا، ولذلك لا بد من الإفراج عن أوجلان وإيجاد حل سياسي لقضية الشعب الكردي، لأن احترام وجود وحقوق الآخرين هي الطريقة الوحيدة للعيش بسلام في العالم.

إن دور أوجلان في حل القضية الكردية مهم جداً، الحل الأساسي للقضية الكردية هو العيش مع الشعوب الأخرى بنفس الحقوق، ويعتمد أسلوب هذا الحل الأساسي على الأفكار أوجلان، إن أفكار أوجلان هو الحل السياسي والسلمي الوحيد للقضية الكردية.