ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة شنت جماعة الحوثي اليمنية سلسة من الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ استهدفت السفن التجارية والعسكرية تزامنا مع استهداف العمق الإسرائيلي، الأمر الذي تطلب ردا من القوى العظمى التي تمثل ذراع القوة الحامية للتجارة العالمية، وحينها قررت الولايات المتحدة الرد على تلك الهجمات عبر تشكيل ما سُمي بـ(حارس الازدهار)، وهو تحالف عسكري دولي مهمته حماية المجرى الملاحي الدولي من خلال شن هجمات استباقية تستهدف الحد من القدرات العسكرية اليمينة.
الممر الملاحي الدولي بين هجمات الحوثيين وخطط واشنطن
بتحليل المعطيات الراهنة الخاصة بواقع العمليات المسلحة الجارية في منطقة الأحمر وعمليات الرد الأمريكي يتبين أن واشنطن المتحدة تسعى لفرض شـرعية دولية من خلال تواجدها العسكري والسيطرة على أهم الممرات المائية الدولية ضمن خطط مواجهة العملاق الاقتصادي الصيني ومبادرته (الحزام والحرير) وحليفته روسيا، ويسوق المحلل السياسي حسن بديع دليلا على هذا التوجه بأن الهجمات الحوثية لم تستهدف السفن التجارية وإنما تستهدف السفن العسكرية الأمريكية والإسرائيلية، مشيرا في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إلى أن الصراع بين الصين وأمريكا ألقى بظلاله على المنطقة وخلق العديد من التوترات الجيوسياسية ضمن السياسة العقابية الأمريكية لدول المنطقة التي انخرطت في تحالفات اقتصادية ضخمة مع بكين.
وبالتالي تستخدم واشنطن الهجمات الحوثية لفرض نفوذها في المنطقة والسيطرة على باب المندب ضمن خطط حماية أمن إسـرائيل، خاصة وأن المنطقة تحتضن من يقارب 11 قاعدة عسكرية تابعة للدول الفاعلة، وإذا ما تصاعدت الأحداث قد تنشب حربا إقليمية تستدعي الوجود الأمريكي العسكري وبالتالي مثلت تلك الهجمات اليمنية مصدرا وذريعة لواشنطن لفرض خطتها الاستباقية بفرض تواجها في المنطقة.
خطر داهم يهدد التجارة العالمية ويؤثر على اقتصادات الدول
يؤشر استمرار الهجمات على السفن المارة في المجرى الملاحي الدولي إلى تراجع في حركة التجارة العالمية والتأثير على سلاسل الإمداد والدليل على ذلك تأثر عائدات قناة السويس التي تمثل أهم الممرات الملاحية للتجارة الدولية حيث فقدت 50% من دخلها السنوي بسبب التوترات الأمنية في البحر الأحمر، كما تمثل تلك الهجمات مصدرا لإرباك خطط شـركات الشحن على المديين القصير والطويل، ما سيوثر سلباً على الاقتصاد العالمي.
نادر رونج المحلل السياسي والاقتصادي الصيني قال في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن البحر الأحمر يمثل أحد أهم الوسائل لنقل النفط والغاز الخليجي إلى الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وتمثل تلك التجارة أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون إلى ستة ملايين برميل نفط تمر يوميا عبد باب المندب وقناة السويس إلى النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مشير إلى أن الواقع الراهن لا يشي بتهديد حركة التجارة العالمية إلا أن توسع الهجمات الحوثية ضد السفن المارة قد يمثل تهديدا مباشرا للتجارة العالمية وتجارة النفط والغاز، لافتا إلى أن بعض شركات الشحن غيرت مسار سفنها وسلكت طرقا بديلة في ظل تلك التوترات وهو ما يعني بدوره عرقلة سلاسل الإمداد وارتفاع تكلفة النقل البحري، و يتسبب في زيادة الأسعار الناتجة عن ارتفاع تكلفة الشحن وبالتالي التأثير على أسعار أغلب السلع التي يتم نقلها من مكان لآخر.