أصدرت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية اليوم، بياناً بمناسبة السنوية الخامسة لإنهاء سيطرة داعش الجغرافية في بلدة الباغوز، جاء فيه:
"تمر علينا اليوم، 23 آذار الذكرى السنوية الخامسة للقضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي في آخر بقعة جغرافية له ببلدة “الباغوز”، بعد كفاح طويل خاضته قواتنا، قوات سوريا الديمقراطية بكافة تشكيلاتها العسكرية، إلى جانب قوى الأمن الداخلي، مستنداً إلى الدعم اللا محدود من شعبنا في شمال وشرق سوريا، وبدعم ومساندة من قوات التحالف الدولي، لتتمكن من القضاء على التنظيم الإرهابي ودولته المزعومة.
بداية، وفي هذه المناسبة العزيزة علينا وعلى أبناء شعبنا والعالم الحر، نقف بكل إجلال واحترام أمام أرواح شهدائنا، ممن دشنوا بدمائهم وتضحياتهم الغالية طريق هذا النصر في “الباغوز” وغيرها من المناطق، ولا يغيب عنا مقاومة مقاتلينا الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والفداء في كل مراحل الكفاح ضد التنظيم الإرهابي، كذلك كان لأبناء شعبنا، وبكل مكوناته، الدور الكبير في إلحاق الهزيمة الماحقة بالتنظيم.
لقد خاضت قواتنا مقاومة تاريخية يشهد لها العالم أجمع، ضد أعتى تنظيم إرهابي مر على البشرية. فعلى الرغم من وحشية عناصر التنظيم؛ إلا أن إيمان مقاتلينا بعدالة القضية التي يكافحون من أجلها، منحتهم القوة المعنوية الكافية بدحر الأسطورة الوهمية له وتبديد الهالة التي خلقها التنظيم لنفسه عبر التفنن في أشكال قتل ضحاياه، وخاصة من المدنيين، والكل يدرك أن التنظيم الإرهابي تمدد وتوسع عبر ممارسته “نظرية التوحش” ونشر الإرهاب بين المدنيين، ولم تنجُ أي من المدن التي سيطر عليها من بطشه وإرهابه.
بعد الضربات المتلاحقة التي تلقاها التنظيم الإرهابي من قواتنا؛ انحسرت رقعة سيطرته الجغرافية، فعمد إلى تجميع عتاة عناصره الإرهابية في بلدة “الباغوز”، وعندما أدرك نهايته المحتومة؛ شرع باستخدام المدنيين الذين اختطفهم دروعاً بشرية، فتعاملت قواتنا بمهنية وأخلاقية إنسانية عالية مع المدنيين، وأعلنت عدة مرات عن عمليات وقف إطلاق النار، ليتسنى للمدنيين الإفلات من قبضة التنظيم الإرهابي، وفتحت ممرات إنسانية لإيصالهم إلى المناطق الآمنة، تماشياً مع قواعد الاشتباك وفق القوانين والأعراف الدولية المرعية، كذلك نقلت عناصر التنظيم التي استسلمت لقواتنا إلى مناطق احتجاز خاصة.
إن أهمية الانتصار في “الباغوز” تكمن في أن قواتنا تمكنت من تحرير ملايين المدنيين من إرهاب التنظيم، بالإضافة إلى تجنيب العالم أجمع من شروره، حيث بات مع تمدده في مناطق شاسعة في سوريا والعراق، يشكل خطراً على معظم الدول من خلال عملياته الإرهابية التي نفذها في عدة دول.
ونعيد التأكيد في هذه المناسبة؛ أن التنظيم الإرهابي لا يزال يشكل خطراً كبيراً على مناطقنا والعالم، فهو يسعى إلى إعادة بناء نفسه من خلال خلاياه النائمة، ويحاول إنعاش أحلامه في إعادة السيطرة الجغرافية على بعض المناطق. فعمليات التفجير واغتيال الشخصيات المدنية العاملة في المؤسسات الخدمية والإدارية، وكذلك الرموز العشائرية التي لا تتوافق مع منهجه الإرهابي الإجرامي، لا تزال مستمرة، مما يفرض على قواتنا إطلاق الحملات العسكرية والأمنية في ملاحقة خلاياه النائمة وإلقاء القبض على عناصره.
إن القضاء النهائي على تنظيم “داعش” الإرهابي في مناطقنا والعالم أجمع، لا يمكن أن يتحقق بشكل ناجز إلا من خلال تجفيف بيئته الأيديولوجية والفكرية التي يتحرك فيها، فهو لا يزال يحاول استقطاب وجذب عناصر إرهابية جديدة إلى صفوفه، ومن كل أنحاء العالم، وهذا يستوجب تعاوناً فعالاً بين جميع الدول مع قواتنا، وخاصة المشاركة في قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وتوفير الدعم اللازم لها لمواصلة الكفاح ضد التنظيم، بالإضافة إلى بدء عملية بناء ما دمره الإرهاب طيلة السنوات السابقة، وهذا يتطلب مشاركة دولية واسعة في عمليات إعادة تأهيل المرافق العامة، فضلاً عن حل ملف محتجزي التنظيم الإرهابي، إن كان عبر استلام الدول التي انحدروا منها لرعاياها، أو تشكيل محكمة دولية في مناطقنا تشرف على محاكمتهم وفق القوانين الدولية. كذلك فإن إنهاء ملف عوائل التنظيم في مخيم الهول، يشكل أولوية لا يمكن غض النظر عنها أو تجاهلها، حيث لا يزال المخيم يشكل قنبلة موقوتة، على الرغم من حرص قواتنا على تجفيف البيئة المولدة للإرهاب داخل المخيم. وتزداد المخاوف حيال أبناء عوائل التنظيم الذين يتلقون تعاليمه ضمن تلك البيئة الموبوءة بالإرهاب، وهذا بحد ذاته يعد خطراً يهدد مستقبل المنطقة والعالم، ويجب التعامل معه بكل حرص ومسؤولية، ومن قبل الجميع".
لا شك أن هجمات دولة الاحتلال التركي ومرتزقته على مناطقنا، تمد التنظيم الإرهابي بكل أسباب القوة لإعادة بناء صفوفه ليغدو أكثر خطورة، حيث ثبت لدينا، وبالأدلة القاطعة، أن المناطق المحتلة من قبل الدولة التركية تعد مرتعاً لعناصر التنظيم، ومنها يخطط لهجماته على مناطقنا، كما يستمد من الدولة التركية الدعم اللازم لتنفيذ عملياته الإرهابية. والاعتداءات التي تتعرض لها مناطق دير الزور من قبل بعض المرتزقة، هي أيضاً تنعش التنظيم وتخلق له البيئة المناسبة التي تمكنه من تصعيد هجماته الإرهابية في المنطقة، إن كان ضد قواتنا أو المدنيين، على حد سواء.
وعلى هذا الأساس؛ نجد أن دحر التنظيم الإرهابي بشكل نهائي؛ يستدعي تعاوناً فعالاً من قبل المجتمع الدولي، عبر ممارسة الضغوط على بعض الدول الإقليمية التي تقدم كل أنواع الدعم للتنظيم.
مرةً أخرى نقدم الانتصار الذي تحقق في “الباغوز” إلى شهدائنا وجميع أبناء شعبنا، وبكل مكوناته، ونشدد على وجوب تحمّل جميع القوى المعنية بدحر الإرهاب مسؤولياتها كاملة وزيادة مشاركتها في الكفاح الذي تخوضه قواتنا ضد التنظيم الإرهابي، حتى نتمكن جميعاً من استئصاله بشكل كامل، ولتنعم مناطقنا والعالم أجمع بالأمن والسلام".