في إطار الجهود الرامية لتوحيد صفوف وجهود الديمقراطيين والسعي نحو بناء مستقبل أفضل لسوريا، بدأت منذ أعوام، التحضيرات لعقد مؤتمر للقوى والشخصيات الديمقراطية السورية، في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وسيُعقد المؤتمر يومي 25 و26 تشرين الأول الجاري، بحضور العديد من الأطراف من بينها مجلس سوريا الديمقراطية المدعو للمشاركة في المؤتمر، والذي كان له دور بارز في تنظيم هذه اللقاءات. وسوف يشارك في المؤتمر قرابة ثلاثين من القوى المنظّمة وعدد مهم من الشخصيات المستقلة.
وبحسب نيربية، قد يكون العدد الإجمالي للمشاركين حوالي تسعين شخصاً سيحضرون بشكل فعلي، وأربعون آخرون سيشاركون عبر الإنترنت. وُجِّهت دعوات إلى شخصيات من الداخل، حيث سيحضر بعضهم فيزيائياً بينما سيشارك الغالبية عبر تقنية الأون لاين بسبب العوائق. هذه العوائق لا تقتصر على وضع السوريين في الداخل مع النظام، بل تشمل أيضاً بعض التدخلات الإقليمية في الشأن السوري بشكل عنيف.
وحول طبيعة القوى التي تمت دعوتها، أشار إلى أن هناك محددات تم تشكيلها بشكل مشترك على مدى ثلاث سنوات، من خلال أربع لقاءات تشاورية كبيرة في ستوكهولم، بالإضافة إلى طاولة مستديرة وورشات عمل وخلوات. وتتمحور هذه المحددات حول التوافق بشكل عام على الهوية السورية الجامعة وعلى مبدأ اللامركزية، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالعلمانية والدين والمرأة والدستور ومبدأ التوافق. ولم يتم وضع تفاصيل زائدة أو اشتراطات صارمة، بل تم ذلك من خلال الحوار والتفاعل والمصلحة، حيث إن "مصلحتنا تكمن في وحدة سوريا وتحقيق استقلالها."
موفق نيربية تحدث حول هذا المؤتمر قائلاً: "إنه خطوة على طريق تنظيم وتوحيد الطاقات الديمقراطية في سوريا، سواءً كانت قوىً أو أفراداً. هذه خطوة مفتوحة بتواضع لكل من ينتمي إلى هذا التيار، الذي نعلم جيداً أنه الأكبر في سوريا، البلد الذي يتميز باعتداله ومدنيته والأقرب إلى العلمانية، بعيداً عن التطرف والفكر الرجعي المتخلف. هذه الشريحة الواسعة من المجتمع تم استبعادها وتهميشها وعزلها عن السياق السياسي، حيث تموج البلاد ويجري التلاعب بمقدراتها."
وثائق واقتراحات عديدة
نيربية تحدث عن جدول أعمال المؤتمر كاشفاً بأنه "سيناقش وثائق عدة مكثّفة، تتصدّى للإشكالات الأساسية وتفتح فيها نوافذ للحلول العملية والحديثة: قضية الهويّة واللامركزية وفصل الدين عن الدولة وتحرير المرأة والإشكالات القومية في البنية السورية، وتقترح مبادئ دستورية للتوافق عليها بين السوريين وتكون بين أسس سوريا المستقبل".
وأضاف في هذا السياق أن المؤتمر: "سيناقش أيضاً مسارات العملية السياسية وما تواجهه من استعصاءات وعُقَد، بهدف الوصول إلى مجموعة من الاقتراحات التي يمكن أن تشكل، بعد مناقشتها مع الأطراف السورية الأخرى، باباً نحو تسوية المسألة السورية بعيداً عن الاستبداد والطغيان والتمييز."
الباب مفتوح للجميع
وحول النتائج المرجوة لهذا المؤتمر، أشار المعارض السوري إلى أنهم يأملون أن ينتج عن المؤتمر "انفتاح نافذة أعرض لإسهام السوريين في رسم مستقبلهم وخروجهم من عنق الزجاجة. لا نريد أن نكون قيادة ولا مركزاً، ولا نرغب في التميز بشيء. نريد وحدة الديمقراطيين السوريين وتنظيم صفوفهم وشحذ قدراتهم ليكونوا جزءاً من مسار سوريا نحو الديمقراطية. لذلك، جعلنا المؤتمر مساراً ديمقراطياً لسوريا، وليس بنية مغلقة علينا".
وأضاف: "نأمل ألّا يرى أحد في مؤتمرنا باباً مغلقاً أو دكاناً خاصاً، بل خطوة تشجيعية لتحقيق ما نقول إننا بصدده. إنها خطوة منفتحة ومرنة وعطشى للحوار والنقاش. كانت الطريقة التي عملنا بها درساً تطور من لقاء إلى آخر، وتفاعل معنا على الطريق عدد يساوي أضعاف من سيشاركون في المؤتمر، ولم ولن ننقطع عنهم، فهم جزء من مسارنا وديناميتنا وحركتنا القادمة. نأمل أن يكون المؤتمر فترة لتجميع الحصيلة ونقاشاً عملياً لبرنامجنا القادم. لقد عقدنا في سياق عملنا السابق عدة طاولات مستديرة كانت منتجة وعملية، وسنحاول تطوير هذا الأسلوب أيضاً بيننا ومع الآخرين".
جهود للحل بقيادة سورية وصولاً إلى مؤتمر وطني
ونوه نيربيه إلى أن: "هناك نقطة أساسية تكررت فيما قيل وتقرر حول القضية السورية، وهي أنه ينبغي أن تكون هذه القضية بقيادة سورية. على الرغم من حدوث الكثير في مسار هذه القضية، فإن القيادة الحقيقية يجب أن تكون للسوريين أنفسهم. لقد كان للنظام والمعارضة الرسمية دور كبير في هذا النقص، إضافة إلى تدخل القوى الخارجية التي ملأت الفراغ في معظم الأحيان".
نيربيه تحدث عن مخطط عملهم المقبل، وأوضح "نحن نريد أن نرفع مستوى تمثيل السوريين وقدراتهم على الحلّ والربط، بكفاءة وفعالية، يمكن لنا أن نحسّن ذلك، أولاً برفع مستوى توحيد وتنظيم الديموقراطيين السوريين، ثمّ نتوجّه نحو مؤتمر وطني سوري عرفنا منذ البداية أنه الطريق إلى الحلّ والتسوية والتوافق".
واختتم المعارض السوري حديثه بالقول: "لسنا بديلاً عن أحد ولا نريد ذلك، بل بالعكس نرغب بأن تتحاور كلّ الأطراف وتتفاعل حتى نجد طريقاً للخروج من عنق الزجاجة الخانقة".