استهلت الرئيسة المشتركة لحزب الحياة الحرة PAJK، زيلان فجين، كلامها بالحديث عن الوضع الداخلي للدولة الإيرانية مقارنة بالخارج، واعتبرتها تعيش أضعف حالاتها منذ عام 1979. فهي تعيش الكثير من الأزمات في العديد من المناحي. فهي تخصص ثروات البلاد الهائلة للتدخلات الخارجية قاطعة بذلك كل سبل الحياة على المجتمع. فالدولة الإيرانية تضع مقدّرات البلد في يد النخبة السلطوية لصالح بعض المستفيدين فقط. فسابقاً كان يُقال ان الدولة تعمل لصالح الشيعة فقط. أما اليوم فهناك شيعة وسنة من هم ضد الدولة. لذلك هناك بين الشيعة نخبة ضيقة ومافياوية تستغل المقدّرات.
إيران تعيش تحالفات مبهمة وكل شيء فيها يُحاك في العتمة
ولفتت فجين خلال حديثها الانتباه الى العلاقات الإيرانية وتحالفاتها المبهمة مع دول مثل الصين وروسيا وأوضحت ان الصين باتت مسيطرة على كل مناحي الحياة في إيران؛ بدءً من قطاع الصناعة والنفط وصولاً الى عمليات الصيد في الخليج وحتى اصدار البيتكوين. وهناك شكوك بأنهم يتعمدون تجفيف بحيرة أورميا لإسخراج الليثيوم منها، وذلك كجزء من الاتفاق مع الصينيين. فهناك بعض الأنشطة التي دارت حول البحيرة "المجففة" تؤكد تلك الشكوك. فالدولة الإيرانية قدمت البلد كله لكي تحافظ على سلطتها. فالدولة التي كانت تستطيع ان تضاهي دولة مثل اليابان خلال أربعين عاماً مضت، من غير المعروف أي قوة تسيطر عليها، فكل شيء يحاك في العتمة. وتربطها علاقات على هذه الشاكلة مع روسيا. فهي تُعرّف نفسها كحليف للروس، إلا ان المواقف الروسية في المنصات والنقاشات العالمية لا يظهر ما تدعيه إيران، بل يظهر العكس في كثير من الأحيان. ولكن من المفهوم ان هناك جهود روسية تاريخية للهيمنة على إيران.
لقد مضت سنوات على بيع روسيا طائرات سوخوي 35 لإيران، إلا انها لم تستلم شيئاً الى الآن. وهذا يشي بأن الوضع ليس كما يروج له رجالات الدولة الإيرانية.
سياسات إيران مصدر بلاء كبير على المجتمع
بالنسبة للسياسات الخارجية الإيرانية فهي تعيش حالة من الازدواجية، تتدخل من جهة وتستسلم من جهة أخرى، مما سبب بلاءً كبيراً للسياسة والمجتمع الإيراني. والآن، من الواضح انها استطاعت ان تتفاهم مع القوى الخارجية كما لم تكن عليه الحال مع الحرب الأوكرانية. وأما مع الحرب في غزة، يبدو انها تحركت بحذر شديد كما تعبر التصريحات الأمريكية مؤخراً عنها، حين قالت انه لا دلائل عن تورط إيران في هجوم حماس! مما يعني انهم استطاعوا التوصل الى بعض التفاهمات مع إيران. ان رفع الحظر عن 11 مليار من الأموال الإيرانية في الخارج، يؤكد ذلك.
استطاع الشعب الكردي تعليم الشعوب الإيرانية اسلوب الانتفاضة عام 1999
وتابعت زيلان فجين تقيمها متناولة الفعاليات الشعبية لعام 2023، والإعدامات والاعتقالات والافتقاد الى الحرية والديمقراطية وتعمق مستوى الأزمات الاجتماعية في إيران، إضافة الى طرحها لسبل حل كل تلك المشاكل، وقالت: "تعيش الدولة الإيرانية أزمة عميقة جاءت مع تأسيسها بمنطق وإيديولوجية الأزمة. فهي تقتل كل من يعارضها ولا يعارضها. فكم من الآلاف أعدمتهم عبر محاكمات عجيبة؟ لذلك دائماً ما يعارضها الشعب. فهو كان يبحث عن أسلوب للكفاح ضدها. دعم الشعب الاصلاحيين في انتخابات 1998 وانتخبوا خاتمي رئيساً للبلاد. ومع خريف نفس العام قامت أحداث ما يسمى بـ "سلسلة الموت" حيث قُتل العشرات من المثقفين والكتاب والفنانين. وحينما تم فضح هذه المقتلة، اتهمت الدولة مرتزقة وزارة الاستخبارات الإيرانية وهكذا تم التستر عليها. وبعدها رأى الشعب ان وعود المسؤولين بالاصلاح لم تنفذ، لا بل كانت ذريعة لديمومة السلطة. في أجواء من هذا القبيل، استطاع الشعب الكردي ان يعلم الشعوب الإيرانية اسلوب الانتفاضة الشعبية، وذلك عندما انتفض الشعب الكردي عام 1999 إبان المؤامرة الدولية ضد القائد آبو. وبعد ان نمت بذور بعض الحركات، رأت في اسلوب الحراك الكردي خير طريقة مؤثرة للفعاليات. لتبدأ بعد ذلك، كل بضع سنوات، اشكال من الحراك المضاد والتي تم قمعها بشكل وحشي جداً. تحولت حادثة الهجوم على باحة الجامعة في طهران، صيف 1999، وقتل بعض الطلاب، الى تقليد سنوي يعبر الشعب من خلاله عن طلباته. ومن جهتها عمقت العقوبات الاقتصادية الامريكية عام 2022 من أزمة الدولة الإيرانية مما أثر على الوضع الاقتصادي للشعب. وقام ما يسمى بالمحافظين المتشددين من جهتهم بالسيطرة على كل أجنحة النظام عبر القوانين الصارمة للشريعة التي تعد شكلاً من أشكال قوانين طالبان وداعش، مما زاد من أزمة الشعب.
الحل يكمن في شعار "المرأة الحياة الحرية"
انفجر الشعب الذي يعاني كل هذه الأنواع من الضغوط مع شرارة جينا أميني وتوهجت نار الانتفاضة لتنضم العديد من مراكز إيران الى الانتفاضة، إلا ان المناطق المحيطة بالمركز انضمت بكل قوتها الى الانتفاضة. لقد اظهرت مناطق مثل كردستان وبلوشستان والأهواز ردود أفعال قوية ضد الدولة. استمرت لفترة طويلة بكل زخمها. ومع مواجهتها لمصاعب الشتاء وتدخلات وآلاعيب وضغوط الدولة، قلّ زخمها لتحاول الدولة العودة للاساليب القديمة من الضغوط والاعتقالات والاعدامات. وساقت العديد من المعتقلين للانتحار. خير دليل على وحشيتها عندما قامت بإطلاق الغاز السام في مدرسة للبنات لتنتقم من النساء. بقيت المشاكل الاجتماعية والسياسية والثقافية والحريات الشخصية على حالها في شرق كردستان وإيران وتضخمت يوماً بعد يوم. لا يمكن حل تلك المشاكل والأزمات إلا عبر نظام ديمقراطي وحر حسب المعايير البيئية. وحسب رأينا، الحل يكمن في شعار "المرأة الحياة الحرية". يعني، يجب أن يكون هناك حرية، وقبل كل شيء حرية المرأة، وان تنضم الى الحياة السياسية والاجتماعية. يجب ان تكون هناك حياة ديمقراطية متوازنة مع الطبيعة والبيئية وان لا تكون ضدهما. هذا هو طريق الحل الأكيد والتي لها الكثير من الامتدادات مثل الاقتصاد والثقافة والتعليم والصحة و…الخ".
لا ثورة ولا تغيير من دون قادة
ولفتت زيلان فجين البال الى أهمية النضال المجتمعي المبني على الفكر وقيادته لحل أزمات ومشاكل الشعب الإيراني، مشددة على ضرورة وجود برنامج وأناس يطبقونه. ولا يمكن تنفيذ البرنامج من دون قائد لتلك المرحلة. فعندما يكون هناك من يقرن القول بالعمل في المناحي الحياتية والشخصية والسلوكية، حينها يمكننا الحديث عن بناء المساواة ونظام حر وعادل. هذا هو نضالنا. لقد سعى قائدنا لخلق مثل هؤلاء الأشخاص. فهم اليوم يقودون النضال. هذا ما نسميه بالـ "التشكل الثوري". فعملنا ليس سياسياً فقط، لدينا امتدادات فلسفية واجتماعية وأعضائنا يناضلون من أجل حياة فلسفية واجتماعية واخلاقية. هذا هو دور القيادة التي نآمن بها. وهو دواء للأزمة الشخصية التي تتعرض لتأثيرات السلطة في إيران. لذلك، من دون القادة، من الصعب إجراء "ثورة" أي تغيير في المجتمع والسلطة وبشكل عام في الحياة".
هناك مهام صعبة وثقيلة بانتظارنا
واعتبرت فجين عام 2024 عاماً مهماً وخاصة مع التطورات الحاصلة والحروب القائمة والتي تشي بأن الأوضاع لن تبقى على حالها. لقد وصلت المشاكل الى درجة الانفجار. وفي هكذا ظروف تزداد فرص وآمال النضال. سيكون العام القادم مختلفاً في كل المناطق والعالم. يمكن ان يكون هناك تراجعات وان يكون الوضع الى أسوء مما كان عليه، يعود ذلك الى تطورات الأحداث والنضال. سيكون 2024 مختلفاً في شرق كردستان وإيران ايضاً. نظمت الدولة بعض أعمالها الخارجية وتحاول الى خلق تأثير لها في الداخل. والشعب اكتسب الكثير من الخبرة من التجارب الماضية. سقطت الأقنعة واتضحت حقيقة القوى السياسية وكل من كان يعمل بأوجه مغايرة في خدمة السلطة. واثبت انه لا يمكن للقوى الكردية الاستمرار بذاك الاسلوب الكلاسيكي. إما ان يغيروا من أنفسهم أو سيزولون. فنحن نستعد للدخول الى العام الجديد حسب الحقائق التي تم الكشف عنها. ونعلم ان هناك مهام وواجبات سياسية وتنظيمية كبيرة بانتظارنا. فنحن نفكر في الإطار الإيراني عموماً ونعتقد ان الحرية لقسم من إيران غير كافية. فمن دون دمقرطة إيران من الصعب ان يصل احد الى الحرية. لقد اثبت تكاتف الشعوب في مرحلة انتفاضة "المرأة الحياة الحرية" كيف يمكن لتنظيم ثوري ان يفكر وان يرى مسألة النضال. لا يجوز ان يبقى محاصراً في منطقة واحدة. فلا حدود لمطلب الحرية. يجب ان يكون شاملاً. وهذا يشير الى مهامنا صعبة وثقيلة".
نُعد أنفسنا وفقاً للحقائق ونعيد تأسيس تنظيمنا
وشددت زيلان فجين في اخر تقيمها على أهمية توسيع الرفعة التنظيمية والعمل بشكل أكثر مما مضى وتحضير المجتمع لأي طارئ محتمل، وقالت: "نحن نعمل على تقييم اخطاء العام الماضي وتجاوزها على المستوى العمل والنضال مع الشعوب الأخرى في إيران ومن حيث أداء المناضلين. كما اننا رأينا آلاعيب الدولة. ونتابع الوضع الحالي والتطورات الحاصلة في الأجزاء الأخرى من كردستان. نحن نحاول إعداد أنفسنا مرة أخرى وفقا لجميع الحقائق والعوامل وإعادة تأسيس تنظيمنا. وتستعد قيادتنا أيضا للقيام بواجباتها وفقا للأوضاع الجديدة".