عيون جميع الإيزيديين على الإدارة الذاتية في شنكال

عاش الإيزيديون في شنكال الألم تلو الألم، والإبادة تلو الإبادة، إلا أنهم مصرون على وجودهم وحريتهم.

لقد ندم الذين أرادوا إبادة المجتمع الإيزيدي في شخص شنكال وإشعال النار فيه، بل على العكس من هدفهم المنشود، انتعش المجتمع الإيزيدي من ذلك الغبار مجدداً، وأصبح حياً وازدهر، أصبح أمل جميع الإيزيديين، فجميع الإيزيديين في العالم يتحدثون عن مقاومة شنكال على مدار الساعة، فالذي يفخر بمقاومة شنكال... والذي يتألم بمجازرها الجماعية ويستيقظ من النوم... والذي يشتاق لرؤيتها... يمكن القول تقريباً أن جميع الإيزيديين يعلقون آمالهم بشنكال.

وإننا لا نقول جزافاً أن انتصار شنكال هو خلاص جميع الإيزيديين، وهزيمة شنكال أيضاً هي موت جميع الإيزيديين، ولم يفهم أحد هذه الحقيقة مثل شعب شنكال، ونتيجة لهذه الحقيقة، يقدمون تضحيات ثمينة، لكنهم لا يتخلون أبداً عن قضيتهم، ويضحون بكل شيء ولا يفشون السر، ويقدمون أراوحهم وحياتهم، ولكن لا يعطون أرضهم، ولربما ليس كل الإيزيديين على دراية بهذه الشجاعة والتفاني، لكن كل الإيزيديين سعداء وفخورون بهذه الروح الفدائية.

ما لا يقتلك، يجعلك أقوى

نتيجة لتهجير مئات الآلاف من الإيزيديين، والموت المأساوي لآلاف الإيزيديين، واعتقال واختطاف الآلاف من النساء والأطفال الإيزيديين، وإخلاء موطنهم المقدس الذي عاشوا فيه منذ آلاف السنين، وبعد معايشة صدمة هذه المأساة وسفك الدماء، تأسست وحدات مقاومة شنكال (YBŞ)، وبات في يوم مثل 14 كانون الثاني 2015، تأسيس المجلس التأسيسي لشنكال، ومنذ ذلك اليوم، خطى المجتمع الإيزيدي الخطوة من الموت إلى الحياة، ومن الظلمة إلى النور، والتأمت جراحه يوماً بعد يوم، وأعاد تأسيس نفسه خطوة بخطوة، وعُقد في شهر آذار المؤتمر الأول لوحدات مقاومة شنكال (YBŞ)، وفي العام 2015، أصبح لدى المجتمع الإيزيدي بشكل عاجل وفي خضم الحرب قوات دفاعية خاصة به وأصبح لديه إدارته الجوهرية.

خطى المجتمع الإيزيدي عام 2016 أهم الخطوات في تاريخه على مدى الألف عام الماضية، وشكل في مؤتمره الأول لوحدات المرأة في شنكال (YJŞ)، جيشه النسائي وأخذ انتقامه التاريخي من داعش وكافو الأعداء، وذات الشكل عُقد المؤتمر الأول حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ) وأصبح المجتمع الإيزيدي ذو تنظيم نسائي هو الأكثر توسعاً وطويلة الأمد في تاريخه.

وعلى هذا الأساس قامت ثورة المجتمع الإيزيدي بسرعة كبيرة، وكان هذا الوضع يمد قوة، معنويات وحماسة كبيرة للإيزيديين المحبطين، وهذا ما دفع الإيزيديين الذين أداروا ظهورهم لبلادهم وألا يعودوا مرة أخرى، بالعودة بفرحة كبيرة إلى شنكال المقدسة، وبهذا وجد أنه هناك حاجة لتأسيس قوى الأمن الداخلي لإيزيدخان.

وشّكلت كافة شرائح المجتمع منظماتها المدنية بالتسلسل عند عودة الشعب إلى شنكال، وتم تأسيس اتحاد الشبيبة الإيزيدية (YCÊ) لكيلا يبقى شاب إيزيدي واحد قط دون تنظيم، وأصبح الجميع بدءاً من علماء الدين وحتى رؤساء العشائر، من الفنانين وحتى المطربين، من السياسيين وحتى المقاتلين ذو تنظيم.

يشنون هجماتهم دون توقف كيلا يبقوا حق الامل للمجتمع الإيزيدي 

مارس أعداء الديانة الإيزيدية كل أنواع الألاعيب لكيلا يصبح الإيزيديين ذو تنظيم، في بعض الأحيان يرمون المال كمكافأة، في بعض الأحيان كان باب أوروبا مفتوحاً لهم، تم إرسال الجواسيس إلى شنكال تحت اسم (munezime)، وفتحوا باب الدولة حتى الأخير للايزيديين الطائشين، ووضعوا الجدران على حدود شنكال وأيضاً زرعوا الأسلاك والألغام، وحاصروا شنكال مرة أخرى، لم يكتفوا بذلك فقط بل وشنوا هجماتهم، وعندما رأوا أنهم لا يستطيعون القضاء على الإدارة الذاتية بالحرب والأساليب العسكرية، غيروا كل أساليبهم بالكامل وبدأوا باستهداف القياديين الإيزيديين بالطائرات المسيرة، لقد قدم المجتمع الإيزيدي ما يكفي من قياديه القيميين في هذا السبيل، لكنهم لم يندموا أبداً ولو بمثقال ذرة، ألم تلو الآخر، قيادي تلو الآخر، ولكنهم مصرين في وجودهم وحريتهم، يقولون كنا موجودين وسنبقى، ونحن كجبال زاغروس، والعدو مثل ثلج الموسم، مهما اشتدت شدته، سيذوب ويزول يوماً ما،  وسنبقى نحن كما نحن فخورين.

باختصار وبالكردية، لو ينقلب العالم رأساً على عقب ما عد المجتمع الإيزيدي يثق بأحد ولا يسلم إرادته لأحد، ونعاهد كمجتمع إيزيدي نعاهد أولئك الذين يحلمون بأن يمكن يوم ما هزيمة الإدارة الذاتية في شنكال بأنهم لن يروا ذلك حتى في أحلامهم، حققنا كمجتمع إيزيدي هذا الإنجاز بدماء الشهداء وسندافع عنه بالدماء.