"عندما نحرر شعبنا حينها ستتحرر عائلتي أيضاً"

المقاتل بروسك الذي تعيش عائلته الآن في عفرين المحتلة من قبل الدولة التركية ومرتزقتها، كان يعمل راعياً في الجغرافيا التي ولد فيها، والآن هو في جبال كردستان من أجل حرية شعبه.

يسير كل يومٍ دون مقابل، هذا الكريلا الشاب، الذي كنت أراه كل صباح مغطى بالطين، يقف أمامي بملابس نظيفة، يقول لي: "أنا مستعد يا رفيق"، أخذت كاميرتي وأتبعته.

كنا سنجري مقابلة معه، لكنه يأتي ويذهب كل صباح مع القافلة، لذلك لم نتمكن من إجراء مقابلة معه لأننا لم نستطع الوصول إليه، التقيت به صباح يوم خميس كان المطر حينها يهطل بشدة، كان يحمل في إحدى يديه حطباً، وفي اليد الأخرى حبل "البغل"، أنا أتسلق التل، لكنه كان ينزل من الصخرة إلى الأسفل ويسير، بدا الأمر كما لو أنه شق هذا الطريق في هذا المنحدر، وبهذه الطريقة كان يعرف كل مكان، يعرف في أي مكان يأخذ قسطاً من الراحة وفي أي مكان ليشرب الماء، كان يعرفها جميعاً، كان يسير بمهارة شديدة في ذلك المنحدر.

تعلم ذلك حينما كان يعمل راعياً في عفرين

وبعد أسبوع، في يوم الخميس، كنا نسترجع تلك الذكرى مرة أخرى ونضحك، الوقت هنا عبارة عن مجموعة من اللحظات، وتصبح وقت الحياة عندما تجتمع معاً، كنت أسير أمامه بسرعة، كنت أسير في الضباب وأنا أقول "الضباب في كل مكان، العين لا ترى العين"، كنت أسير في حيرة، لكن كخبير كان يقول إن "الضباب خجول، في كل مرة تخطو فيها سيخجل منك ويفسح لك الطريق"، لقد عرف سر الضباب هذا حينما كان يعمل راعياً في عفرين.

أتى هذا الشاب إلى الجبل منذ عام، ووقعت والدته في أيدي المرتزقة خلال حرب عفرين لأنها لم تغادر أراضيها، سألته: "هل يتبادرون إلى ذهنك؟"، فقال: "أمي هي جزء من شعبي، الحرية ليست مهمة سهلة وقد تعلمت ذلك من القائد آبو أكثر الشيء، وعندما نحرر شعبنا، حينها ستتحرر عائلتي أيضاً، أنا مدين لأمي التي حملتني في بطنها تسعة أشهر، وعندما أوفي بديني لشعبي، حينها سأوفي بديني لأمي، يتبادرون إلى ذهني، ولكن عندما أفكر في وضع شعبنا، قائدنا، لا أقوم بتقييمهم بشكل منفصل، الولادة الجسدية مهمة بالنسبة لنا، لكن الأهم هي ولادتنا الروحية وإرادتنا وأفكارنا وعواطفنا، نحن نتخذ هذا كأساس لنا".

رفع رأسه وهو ينتظر الأسئلة، وكانت تلتقي عيناي وعيناه، فقط عند طرح السؤال، كل عين كادحة كانت تذكرنا مرة أخرى بمدى نقصنا، رأيت مكاناً آخر أقل رطوبةً قليلاً وذهبنا إلى هناك وجلسنا، أعددت كاميرتي وأسندت ظهري إلى الصخرة، ومع ذلك، فقد كان قد أجاب على معظم أسئلتي أثناء المسير.

قال لي: "يا رفيق، أنت الذي تطرح الأسئلة دائماً، دعني أنا أطرح سؤالاً"، رفع رأسه وقال "أوقف التسجيل"، سألني بكل ثقة: "أنتم تلتقط كل هذه الصور للكريلا، تستمع إليهم، تكتب عنهم، ترى كيف لا تنسى؟"، قبل أن ينهي جملته، كنت هذه المرة أطارد الذكريات في ذلك الضباب.

إنه الكريلا بروسك الذي تعيش عائلته الآن في عفرين المحتلة من قبل الدولة التركية ومرتزقتها، كان يعمل راعياً في الجغرافيا التي ولد فيها، والآن هو في جبال كردستان من أجل حرية شعبه.