أصبحت اللغة الكردية واللغات الأخرى في سوريا، ضحايا للسياسة الشوفينية لنظام البعث منذ استيلائه على السلطة، وأعيد إحيائها مع ثورة روج آفا التي انطلقت في 19 تموز 2012، حيث كسر الكرد قاعدة اللغة والعلم والحزب الواحد التي فرضها النظام البعثي، وافسحت الثورة المجال أمام الجميع ليتعلموا بلغتهم بكل حرية، والبحث عن تاريخها.
ويعد يوم 21 شباط يوماً عالمياً للغة الأم، الذي أعلن للمرة الأولى من قبل منظمة اليونسكو في 17 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1999، وتم إقراره بشكل رسمي من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك لحماية جميع اللغات الأم وتعزيز السلام وتعدد اللغات في كافة أنحاء العالم، ولكن هذا الوضع كان مختلفاً في الدول الاستبدادية، حيث تعاني الأقليات والشعوب الأخرى من الاضطهاد ولم يكن هذا اليوم مسالماً بالنسبة لهم أبداً، وخاصة اللغة الكردية، التي تتعرض منذ قرون للقمع والسياسات الشوفينية، لكن في روج آفا ومع انطلاق الثورة التي هزت عرش النظام السلطوي في سوريا والعالم برمته ووعدت بنظام ديمقراطي بديل، تراجع هذا الوضع من مرحلة الصعوبة وخلقت التجدد.
وبحلول هذا اليوم، عبّر أهالي مدينة قامشلو لوكالتنا، وكالة فرات للأنباء، عن تمسكهم بلغتهم الام، اللغة الكردية، وانتهاجهم لدرب المقاومة حتى تحقيق مطالبهم في التعلم والتحدث بلغتهم في عموم كردستان.
وشدد مدرس اللغة الإنكليزية والمسؤول عن قسم الترجمة في جامعة روج آفا، نعمان عثمان، على أن جذور وهوية الإنسان مرتبطة بلغته، والتحدث والتعلم باللغة الأم حق للجميع، وأن لغة الشعب تعبر عن وجوده، مشيراً إلى أن "نشر اللغة الأم هو نضال من جانب آخر للحفاظ على تماسك المجتمع، ودرء أطماع القوى الاستعمارية".
وتابع: "في الماضي، كنا ضحايا لسياسات النظام البعثي في عدم التحدث والتعلم بلغتنا الأم، لكن مع انطلاق ثورة روج آفا استطاع الكرد كسر قاعدة اللغة والعلم والحزب الواحد، وافسحت الثورة المجال أمام الجميع ليتعلموا بلغتهم بكل حرية، والبحث عن تاريخها".
ومن جهتها، أكدت مديرة شؤون الطلبة ومدرسة العلوم الاجتماعية، أفين إبراهيم، أن "اللغة الكردية تعاني منذ القدم من الإبادة والإنكار من قبل الدول الرأسمالية والأنظمة الاستبدادية في الأجزاء الأربعة من كردستان، لكن مع انتهاج الشعب لدرب المقاومة، استطاعوا تحقيق جميع المطالب في الحق بالتعلم والتحدث بلغتهم الأم"، وأضافت: "من خلال لغتنا الأم، اللغة الكردية، نستطيع نشر تاريخ وثقافة الكرد، وبالأخص تاريخ وثقافة المرأة الكردية، ونحن كنساءٍ كرديات، يتوجب علينا تطوير لغتنا وثقافتنا حتى نثبت للعالم أجمع أن المرأة الكردية صاحبة إرادة وقوة".
أما بدوره، سلط الرئيس المشترك لقسم اللغة والآداب في جامعة روج آفا، داروين داري، الضوء على "ما كان الشعب، بمختلف مكوناته، يعاني منه سابقاً من سياسات إنكار وإبادة من قبل الدول الرأسمالية والأنظمة الاستبدادية، فقد سعت هذه الأنظمة إلى تجريد الشعب من هويته وإبادته ثقافياً، وكانت الشعوب تسعى في الخفاء إلى التعلم بلغتها الأم، ومع ثورة روج آفا، استطاعت الشعوب من تخطي هذه المرحلة الصعبة وتحقيق جميع مطالبها".
ومن جانبه، هنأ الطفل جان حاج علي، جميع الكرد ومكونات المنطقة بحلول اليوم العالمي للغة الأم، وتابع: "مهما صعد المحتل من هجماته على مناطقنا، سنبقى ندافع عن حقوقنا واراضينا ولن نتخلى عن لغتنا ووطننا حتى الرمق الأخير، وأتمنى من جميع الأطفال والشبان والشابات في المنطقة أن يتبنوا لغتهم الأم، يواصلوا تعليمهم ودراستهم".