مشيرة ملا رشيد: تطبيق بنود اتفاقية مظلوم عبدي هو السبيل الوحيد للسلام في سوريا

حذرت الرئيسة المشتركة لمجلس الشعوب لمقاطعة عفرين والشهباء مشيرة ملا رشيد، أن استمرار الأوضاع الراهنة قد تؤدي إلى انهيار البلاد.

وفي حديثها لوكالة فرات للأنباء سلطت الرئيسة المشتركة لمجلس الشعوب لمقاطعة عفرين والشهباء مشيرة ملا رشيد الضوء على أبعاد الاتفاقية بين مظلوم عبدي وأحمد الشرع، مشيرةً إلى فشل تطبيقها من قبل الحكومة السورية المؤقتة بعد إعلان الدستور الجديد، وهو ما أضاف تعقيدات جديدة للأزمة.


في ظل التحديات السياسية والإنسانية التي تمر بها سوريا، ووسط مشهد معقد من النزاعات المستمرة والصراعات الداخلية، تحدثت مشيرة ملا رشيد، الرئيسة المشتركة لمجلس الشعوب لمقاطعة عفرين والشهباء، عن الأوضاع الراهنة في سوريا، متناولة تطورات الثورة السورية، مسارها، وما آلت إليه من انحرافات، في حديثها، سلطت الضوء على أبعاد الاتفاقيات الأخيرة، مشيرة إلى المخاطر التي تحيط بالمستقبل السوري في ظل غياب الحلول الشاملة والمشاركة الحقيقية في العملية السياسية.

أزمات الثورة السورية والتحولات السياسية

بدأت مشيرة ملا رشيد حديثها بتوضيح أن التطورات التي حصلت في الساحة السورية منذ بداية الثورة وحتى اليوم قد غيرت بشكل كبير ملامح المنطقة، وقالت إن الثورة السورية، التي امتدت لأربع عشرة سنة، شهدت انحرافًا عن مسارها الحقيقي بعدما تحولت المعارضة إلى أدواتٍ تخدم الأجندات الخارجية، وأصبحت في بعض الأحيان مرتزقة تدير صراعات بالنيابة عن قوى خارجية، ولم تقتصر هذه التغيرات على المعارضة فقط، بل تدخلت الدولة التركية بشكل كبير في الأزمة السورية، مما أضاف تعقيدًا جديدًا إلى معادلة الصراع.

آمال الشعب السوري وتحقيق الديمقراطية

وأضافت مشيرة أنه في بداية الثورة، كان الأمل في سقوط نظام الأسد يملأ قلوب الشعب السوري، وكانت التطلعات كبيرة لتحقيق الديمقراطية والمساواة، كانت ثورة الكرامة تُعد نقطة تحول تاريخية نحو بناء دولة مدنية تحتكم إلى العدالة والحرية، إلا أن تلك الآمال بدأت تتبدد تدريجياً مع مرور الوقت نتيجة تحولات الحرب وسوء إدارة الصراع، رغم ما عايشناه من معاناة، بقيت الثورة الحقيقية فقط في شمال وشرق سوريا، حيث استطاعت هذه المناطق أن تحافظ على مكتسباتها عبر الأعوام السابقة.

استمرار إراقة الدماء والانتهاكات في سوريا

وعن الوضع الإنساني في سوريا، أوضحت مشيرة أن ما يحدث على الأرض في مختلف المناطق السورية، لا سيما في الشهباء والساحل، يشكل مأساة حقيقية وقالت: "لقد تحولت المنطقة إلى حمام دم، حيث استمرت المجازر والقتل المستمر، في ظل تجاهل المجتمع الدولي لما يحدث، وأن هذه الأحداث أظهرت مدى الحاجة إلى التوصل إلى حلول سياسية واقعية لوقف نزيف الدماء، ومن أجل ذلك، تم التوصل إلى اتفاقية بين الجنرال مظلوم عبدي، باسم الإدارة الذاتية، ورئيس الحكومة المؤقتة أحمد الشرع، ولكن ما حصل بعدها كان بعيدًا كل البعد عن تحقيق السلام".

الانتقادات للاتفاقيات الدستورية وسياسات الحكومة المؤقتة

وفيما يتعلق بالاتفاقيات السياسية، أوضحت مشيرة بأن الاتفاقية التي تم إبرامها بين قسد والحكومة المؤقتة، كانت تهدف إلى ضمان مشاركة جميع الأطياف السورية في العملية السياسية بشكلٍ عادل ومتساوٍ، إلا أن تطبيق هذه الاتفاقية جاء معرقلاً، حيث تجاهلت الحكومة المؤقتة العديد من البنود التي كانت ستساهم في تعزيز الاستقرار في سوريا، ووصفت مشيرة إعلان الدستور السوري الذي أصدرته الحكومة المؤقتة بأنه "مخالف تماماً لما تم الاتفاق عليه"، مشيرةً إلى أن هذا الإعلان يعكس توجهات أحادية بعيدة عن التنوع والتمثيل الفعلي لجميع مكونات المجتمع السوري.

الانتقادات الحادة للدستور السوري

كما انتقدت مشيرة بشدة الدستور الجديد، مؤكدةً أنه يعكس روح المركزية والتفرد بالسلطة، ويتناقض مع مبدأ الديمقراطية الذي كان أحد الأهداف التي ناضل من أجلها الشعب السوري، وأضافت أن هذا الدستور، الذي كان من المفترض أن يكون خطوة نحو بناء دولة ديمقراطية حقيقية، كان في الواقع ينحاز بشكل واضح للإسلام السياسي ويخدم مصالح فئة معينة على حساب الآخرين، وذكرت أن المواد الدستورية التي تنص على فصل السلطات واستقلاليتها لا تعكس الواقع، إذ أن المواد الأخرى تؤكد على تركيز السلطة في يد الرئيس والحكومة المركزية، مما يثير القلق من أن سوريا قد تعود إلى نفس السياسات التي أدت إلى سقوط النظام السابق.

دعوة لتغيير الدستور والعودة إلى الاتفاقيات السابقة

في ختام حديثها، أكدت مشيرة أن سوريا بحاجة إلى تعديل جذري في هذا الدستور، وأن العودة إلى الاتفاقية التي تم إبرامها بين مظلوم عبدي وأحمد الشرع هي السبيل الوحيد لإنهاء الوضع الحالي، وأشارت إلى أن تطبيق بنود هذه الاتفاقية بشكل كامل من شأنه أن يخدم مصالح الشعب السوري ويوفر الظروف الملائمة لبناء دولة ديمقراطية حرة، قائمة على العدالة والمساواة، بدلاً من استمرارية الأوضاع الحالية التي لن تؤدي سوى إلى الهلاك.

وأضافت أن سوريا اليوم بحاجة إلى تغيير حقيقي، يتضمن حكومة مشتركة تضم جميع الأطياف والمكونات السورية، مع ضمان أن تكون عملية صياغة الدستور شاملة وتعكس التنوع الكبير في البلاد، وقالت "المرحلة الحالية ليست مرحلة سفك الدماء أو استخدام السلاح، بل هي مرحلة دقيقة وحساسة، حيث يتطلب الوضع في سوريا تكاتف جميع الأطراف لتحقيق الأمن والسلام".