منظمة حقوقية توثق مقتل أكثر من 778 مدنياً و105 نساء في عفرين المحتلة

أصدرت منظمة حقوق الإنسان عفرين - سوريا، اليوم، بياناً إلى الرأي العام بمناسبة الذكرى السابعة لاحتلال عفرين من قبل دولة الاحتلال التركي. وكشف البيان عن إحصائية للجرائم التي ارتكبها الاحتلال التركي.

وجاء في بيان المنظمة مايلي: "عام ثامن يضاف إلى السجل الإجرامي الحافل للاحتلال التركي في منطقة عفرين السورية.

شنت الدولة التركية والفصائل السورية المسلحة عدوانها الهمجي على منطقة عفرين بحجة حماية أمنها القومي بتاريخ 20/1/2018، وقامت بالقصف العشوائي على عموم المنطقة، مما أدى إلى تدمير البنى التحتية وتهجير السكان الأصليين قسراً واحتلالها في 18/3/2018 بعد استخدامها كل أنواع الأسلحة الجوية والبرية والمحرمة دولياً، وبتواطؤ إقليمي ودولي، تأييداً لهذه العملية العسكرية التي تتناسب مع مصالحها السياسية والاقتصادية تحت ما يسمى عملية غصن الزيتون."

منذ اليوم الأول من احتلال الدولة التركية لمنطقة عفرين، تصدرت الانتهاكات ضد المدنيين، وخاصة الأكراد، المشهد العام. حيث مارست أعمالاً لا أخلاقية وغير قانونية بحق المتبقين في المنطقة بمختلف مكوناتها. وفي ظل العدوان التركي على منطقة عفرين، نزح مئات الآلاف من أهالي عفرين الأصليين من ديارهم قسراً، خوفاً من ارتكاب المجازر بحقهم أثناء الهجمات على عفرين.

وبحسب الإحصائيات، تم نزوح أكثر من 300 ألف مدني منذ 18 آذار 2018 وحتى الآن من عفرين، وما زال النزوح القسري مستمراً تحت ضغط الاحتلال التركي والفصائل المسلحة السورية الموالية له. ويهدف ذلك إلى توطين عائلات من المستقدمين من مختلف مناطق النزاع في سوريا، وخاصة عوائل المسلحين الذين رفضوا عمليات التسوية مع الدولة السورية، مما يؤدي إلى استمرار عملية التغيير الديمغرافي في منطقة عفرين.

حيث باتت نسبة الكرد في عفرين في الأعوام الأولى للاحتلال لا تتجاوز الربع أي اقل من 23% في كبرى عمليات التغيير الديمغرافي التي شهدتها سوريا منذ بداية الأزمة في 2011 بناءً على توافق بين الدولة التركية وبعض القوى الإقليمية والدولية.

وقد تم توطين أكثر من (700) ألف مُستقدم في عموم قرى ونواحي عفرين من المستقدمين من مناطق النزاع في سورية منهم ما يزيد عن (500) عائلة من عرب فلسطين 48 ونظراً للاكتظاظ السكاني تم انشاء العشرات من المخيمات وما يقارب (47) مستوطنة في عموم المنطقة لاستيعاب الكم السكاني الزائد.

وكما يسعى الاحتلال التركي منذ ثمانية أعوام إلى تغيير هوية عفرين ومعالمها وصبغها بالهوية التركية عبر تغيير أسماء الشوارع والميادين والمرافق العامة والمستشفيات، ورفع العلم التركي فوق المدارس والمرافق العامة، ومنها تغيير اسم دوار نيروز إلى صلاح الدين، وفيما بعد تمت إزالته بالكامل.

بناء أكثر من (47) مستوطنة أبرزها (مستوطنة كويت الرحمة والقرية الشامية وقرية بسمة) وكان دعم هذه المستوطنات عن طريق جمعيات تركية وقطرية وكويتية (جمعية البيان القطرية-التركية وجمعية العيش بكرامة فلسطين 48 وجمعية الاحسان الخيرية و.........الخ

ورافق تغيير أسماء الأماكن الاستراتيجية والكردية الى أسماء عثمانية ووضع العلم التركي وصور أردوغان في كل مكان وعلى لوحات الدلالة في كل قرية وناحية ومركز المدينة، فضلاً عن تعليم اللغة التركية في المدارس ووضع العلم التركي على ألبسة التلاميذ.

وقد تم تدمير / 64 / مدرسة ما بين تدمير جزئي وكلي وحرمان أكثر من / 50 / ألف طالب وطالبة من التعليم وتحويل بعضها إلى مقرات عسكرية ومراكز للاحتجاز والتعذيب.

إلى جانب ذلك، كتب اسم مشفى آفرين باللغة التركية، بعدما كان مكتوباً باللغتين الكردية والعربية، ناهيك عن تغيير اللوحات التعريفية للمحلات والشوارع وكتابتها بالتركية فقط، تزامناً مع ذلك عبث الاحتلال التركي بالأماكن المقدسة ودمر المزارات الدينية للإيزيديين في القرى الإيزيدية.

واستكمالاً لعملية التغيير الديمغرافي، أرغم الاحتلال التركي الأهالي على إصدار هويات تعريفية تركية للمدنيين السوريين ضمن الأراضي السورية التي تحتلها.

وإلغاء التعامل بالعملة السورية واستبدالها بالعملة التركية وهذا ما فعلته أيضا بشبكة الاتصالات السورية في عفرين ولعل أكثر الممارسات التي قام بها الاحتلال التركي ومسلحوه بحق أهالي عفرين المتبقين فيها، هي زيادة عمليات الخطف والقتل والتعذيب والعنف الجنسي وأغلبها كانت لدوافع انتقامية بغية طلب الفدية المالية للتضييق على الأهالي وابتزازهم لإجبارهم على التهجير القسري حيث باتت عفرين أشبه بمعتقل كبير على غرار (غوانتانامو) لا يسود فيه سوى شريعة الغاب.

وفي هذا الصدد تم اختطاف أكثر من (10,208) مدنيين خلال ثماني سنوات من الاحتلال، وأن مصير ما يقارب الربع ما يزال مجهولاً وإطلاق سراح الآلاف منهم مقابل دفع فدى مالية، ناهيك عن تعرض المدنيين الكرد للاختطاف المتكرر بغية طلب الفدية المالية، والذي أصبح تجارة مربحة للمسلحين.

أما فيما يتعلق بوضع النساء في عفرين، فقد تم توثيق (105) حالات قتل منها (14) حالة انتحار من النساء و(74) حالة اعتداء جنسي، ناهيك عن الاعتداءات التي تتعرض لها النساء بشكل يومي في العلن. وخطف أكثر من ألف امرأة تعرضن لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بما فيه من عنف جنسي أثناء احتجازهن ومعاملتهن معاملة لا إنسانية وعدم مراعاة خصوصيتها حيث يتم التحقيق معهن من قبل عناصر ذكور بالإضافة الى انتشار ظاهرة التزويج القسري وتزويج القاصرات خوفاً من اختطافهن وتعرضهن للابتزاز.  

أما عن حالات القتل، فقد تم قتل أكثر من 778 مدنياً، منهم 682 نتيجة القصف التركي والفصائل السورية التابعة له، و96 تحت التعذيب. كما تم توثيق أكثر من 762 جريحاً نتيجة القصف، بينهم حوالي 345 طفلاً مصاباً بجروح، و225 امرأة تعرضن للإصابات.

كما تم قطع ما يقارب 1,000,000 شجرة زيتون وأشجار حراجية أخرى للاتجار بحطبها، وحرق أكثر من 30,000 شجرة زيتون وأشجار حراجية متنوعة. بالإضافة إلى ذلك، تم حرق ما يزيد عن ثلث المساحة المخصصة للزراعة، والتي تقدر بأكثر من 12,000 هكتار، منذ احتلال عفرين وحتى الآن.

كما تم الاستيلاء على الآلاف من منازل المدنيين المهجرين قسراً، وتحويل العشرات منها إلى سجون ومعتقلات ومقرات تابعة لعناصر الفصائل المسلحة الموالية للاحتلال التركي، والمتاجرة بها بيعاً وشراءً.

ولعل من أكثر الأضرار المادية التي تسبب بها مسلحو الاحتلال التركي هي عمليات النهب والسلب، حيث تم الاستيلاء على محصول الزيتون وتصديره إلى تركيا عبر معبر قرية حمام الحدودية في ناحية جنديرس.

وقد أنشأ الاحتلال التركي هذا المعبر في عام 2019 لتسهيل عملية عبور محصول الزيتون والمسروقات، وبيعه كمنتج تركي في الأسواق العالمية مثل إسبانيا وأميركا.

كما تم تدمير أغلب الأماكن والمواقع الأثرية المدرجة على لائحة اليونيسكو خلال الهجمات على عفرين، مثل "معبد عين دارا، النبي هوري، كهف الدودرية، قبر مار مارون" وغيرها من المواقع الأثرية.

وبحسب ما أكدته مديرية آثار عفرين، فإنه يوجد في منطقة عفرين حوالي 75 تلاً أثرياً، وقد قام الاحتلال التركي ومسلحوه بحفر معظم هذه التلال وتنقيبها بحثاً عن الآثار واللقى الأثرية.

وحسب إحصائية مديرية آثار عفرين، تم تخريب وتدمير أكثر من 59 موقعاً وتلاً أثرياً ومستودعاً، بالإضافة إلى أكثر من 28 مزاراً دينياً لمختلف المذاهب والأديان. كما تم تجريف العديد من المقابر، وتحويل إحداها إلى سوق للماشية.

كما أن سلطات الاحتلال التركي والفصائل المدعومة منها قامت بالاستيلاء على أكثر من 10,000 منزل و7,000 محل تجاري في مدينة عفرين وحدها، بالإضافة إلى القرى والبلدات التابعة لها.

ولم تقف همجية الاحتلال التركي والفصائل المسلحة التابعة له عند هذا الحد بل استمر الى أماكن تواجدهم في مناطق الشهباء حيث قصفت المنطقة بشكل شبه يومي حتى تاريخ 2 كانون الأول 2024 تم تهجيرهم مرة ثانية إلى مناطق شمال وشرق سوريا وذلك بغية ترهيب النازحين لإجبارهم على التهجير وبالتالي تم ابعادهم عن عفرين مرة ثانية.

ونحن كمنظمة حقوقية، نناشد كافة المنظمات الحقوقية والإنسانية في العالم، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، بالتدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من ماء وجه الإنسانية تجاه أهالي منطقة عفرين.

نطلب الضغط على دولة الاحتلال التركي للانسحاب من كافة المناطق التي تحتلها في الشمال السوري، وتأمين عودة المهجرين إلى مناطقهم وقراهم ومنازلهم بشكل آمن، وفقاً للبند الخامس من الاتفاق الموقع بين الحكومة السورية المؤقتة من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، بتاريخ 10 آذار الجاري.

كما نطالب بمحاسبة كل المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم بحق أبناء منطقة عفرين خاصة، والشعب السوري عامة، أياً كانت صفته، لنيل جزاءه العادل وتحقيق العدالة الدولية وإنصاف ذوي الحقوق.