عقد مجلس الشورى لمؤتمر الإسلام الديمقراطي لشمال وشرق سوريا، اجتماعه الدوري الربعي، بحضور غالبية أعضاء المجلس، في مرحلة حساسة ومصيرية من تاريخ شعوب ومنطقة الشرق الأوسط.
عقد الاجتماع بإشراف إدارة الرئاسة المشتركة للمؤتمر؛ وبعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، تم تعيين المواضيع التي سيتناولها مجلس الشورى في اجتماعه، حيث استقر رأي الأعضاء المجتمعين على المواضيع التالية:
1ـ موقف مؤتمر الإسلام الديمقراطي لشمال وشرق سوريا من الأوضاع والأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط.
2ـ خُطَب الجمعة من منظور مؤتمر الإسلام الديمقراطي لشمال وشرق سوريا.
3ـ منهجية مؤتمر الإسلام الديمقراطي في دورات تعليم القرآن.
4ـ البِرّ والإحسان أساس رؤية مؤتمر الإسلام الديمقراطي.
5ـ موقف مؤتمر الإسلام الديمقراطي من المؤامرة الدولية التي استهدفت المفكر الأممي عبد الله أوجلان.
وناقش مجلس الشورى لمؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، وضع منطقة الشرق الأوسط والأحداث الجارية فيها على أنها أحداث غير اعتيادية، بل أحداث طارئة ومصيرية من شأنها أن تُحدد مصير شعوب المنطقة بكل مكوناتها الإثنية والدينية لمائة عامٍ قادمة، مشيراً إلى أن ما يجري من أحداث هي التطبيق العملي لمخططات مثلث الهيمنة العالمية الهادفة إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط؛ تلك المخططات التي يعود تاريخها إلى ثمانينات القرن العشرين؛ حيث بدأ مثلث الهيمنة العالمية بتنفيذ مخططاته بحرب أفغانستان وغزو العراق وحياكة المؤامرة الدولية التي استهدفت المفكر الأممي عبد الله أوجلان، في محاولة منها لخلق الفوضى في المنطقة وإزالة أية مشاريع بديلة تخدم حل القضايا القومية والدينية والمذهبية لمنطقة الشرق الأوسط.
حربٍ عالمية ثالثة منخفضة الوتيرة
ورأى المجلس بأن المرحلة التي نعيشها الآن، هي مرحلة حربٍ عالمية ثالثة منخفضة الوتيرة مقارنة بالحربين العالميتين الأولى والثانية، مؤكداً على أن الشعوب هي الضحية التي تدفع ثمناً باهظاً من دمائها نتيجة الصراعات والأجندات السياسية لمختلف القوى الدولية والإقليمية، مشيراً إلى أن التعصب القومي المتمثل في نموذج الدولة القومية في الشرق الأوسط، وكذلك التعصب الديني والمذهبي المتمثل في حركات الإسلام السياسي والسلطوي، مهدت الأرضية لنشوب الصراع ونشر الفرقة والتشرذم وإتاحة الفرصة لقوى الهيمنة العالمية لغزو الشرق الأوسط وتنفيذ مخططاته، ويرى المجلس بأن المخرج من هذه العاصفة التي تعصف بشعوبنا والحل لكل القضايا القومية والدينية والمذهبية، يكمن في تبني "الإنسانية" التي هي مضمون الرسالة السماوية الإلهية والدعوة إلى التعايش المشترك وقبول الآخر المختلف والجُنح للسلم، وكل ذلك نجده حاضراً في مفهوم "الأمة الديمقراطية"، كما نتخذه أساساً في مفهوم الأمة في وثيقة المدينة المنورة.
وألقى المجلس الضوء على أهمية خُطبة الجمعة ودورها الفعال في توجيه المجتمع وتناول قضاياه، مستشهداً بِسُنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وخُطَبِهِ التي تناولت القضايا الاجتماعية والحياتية لأبناء مجتمعه وأمته، وركز المجلس على أهمية دور الخطيب في إغناء الخُطبة وإرشاد وتوجيه المجتمع لما فيه خير الأمة والمجتمع، مشيراً إلى حق المبادرة التي تتمتع بها مجالس مقاطعات مؤتمر الإسلام الديمقراطي لشمال وشرق سوريا، في اختيار المواضيع الأنسب لخطبة يوم الجمعة بما تتناسب مع مصلحة مجتمع المقاطعة وتتوافق مع المبادئ والأسس التي يقوم عليها الإسلام المجتمعي الأخلاقي.
كما أكد المجلس على أهمية عملية تعليم القرآن الجارية في بنية مؤتمر الإسلام الديمقراطي، وفتح دورات تعليم القرآن وضم الفتيان والفتيات إليها، بهدف إكسابهم واكتسابهن المعرفة الدينية بأمور دينهم ودنياهم، وأشار المجلس إلى مراعاة الثقافة المجتمعية في ارتداء اللباس المحتشم وعدم إلزام المُتعلم والمتعلمات بارتداء اللباس ذي اللون الأسود، وضرورة الالتزام بالمنهاج المقرر من قبل مؤتمر الإسلام الديمقراطي في دورات تعليم القرآن، والدفعش بعملية تعليم القرآن على أساس التفكر بآياته ومضمونها الإنساني الذي يسهم في زيادة الوعي الديني والتقرب إلى حقيقة الذات الإلهية، اقتداءً بالآية القرآنية الكريمة، قال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ).
وتطرّق المجلس إلى فعاليات جمعية السلام الخيرية بهدف الإسهام في البِرّ والإحسان ومساعدة الفقراء والمحتاجين في مجتمعنا، والدعوة إلى التكافل الاجتماعي ومدّ يد العون للمستضعفين والمساكين والأيتام، وبناءً على ذلك قرر المجلس أن يتم تنظيم جمعية السلام الخيرية في بنية مجالس المقاطعات والتخطيط للمشاريع التي من شأنها الإسهام في تطوير الجمعية وبناء شبكة علاقات واسعة تهدف إلى توفير أرضية مناسبة لإيصال المساعدة إلى أكبر شريحة ممكنة من المحتاجين من أبناء مجتمعنا، ودعا فاعلي الخير من أصحاب الأيادي البيضاء إلى المشاركة في تعزيز وتطوير فعاليات جمعية السلام الخيرية.
وينظر مجلس الشورى لمؤتمر الإسلام الديمقراطي لشمال وشرق سوريا إلى المؤامرة الدولية التي استهدفت مفكر الإنسانية القائد عبد الله أوجلان، كجزء من مخططات مثلث الهيمنة العالمية الهادفة إلى تقطيع أوصال منطقة الشرق الأوسط وتعميق أزماته القومية والدينية والمذهبية، ويرى نظام التعذيب والإبادة المشدد عليه من قبل القوى المهيمنة، استمراراً لتأزم القضايا المركزية العالقة في المنطقة وحالة الصراع التي تعيشها المنطقة، ويدعو مجلس الشورى إلى ضرورة تحقيق الحرية الجسدية لمفكر الإنسانية عبد الله أوجلان، مُنّظِر فكر الإسلام الديمقراطي، كخطوة أولية في توفير الأرضية المناسبة للتوجه صوب نموذج "الأمة الديمقراطية" كـ حل للقضايا القومية والدينية والمذهبية لشعوب الشرق الأوسط.
وفي الختام أكد مجلس الشورى لمؤتمر الإسلام الديمقراطي لشمال وشرق سوريا، على ضرورة حماية نموذج التعايش المشترك بين كل المكونات في شمال وشرق سوريا، والوقوف صفاً واحداً في وجه كل المحاولات والهجمات التي تسعى إلى النيل من هذا النموذج الحَلّال، مقتدين بالحديث النبوي الشريف: قال رسول الله ﷺ: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".