في رحلة الإنسانية المستمرة نحو الحرية والمساواة، كان للقائد عبد الله أوجلان دور محوري لا يمكن تجاهله في صناعة التغيير، خصوصاً في مجال تحرير النساء من القيود الاجتماعية والتقاليد التي طالما حجّمت حرياتهن وأحلامهن، فقد كان أوجلان، القائد ذو الرؤية العميقة والقدرة الفائقة على إحداث التحولات، هو الذي تصدى للظلم بكل أشكاله وفتح أمام النساء أبواباً كانت مغلقة لقرون طويلة، ولقد آمن أن تحرير المرأة ليس مجرد خطوة نحو العدالة، بل هو ضرورة لبناء مجتمع متوازن ينعم بالكرامة والمساواة لجميع أفراده.
لم يكن التحرير الذي نادى به القائد مجرد كلام عابر أو وعود فارغة، بل كان تجسيدًا لرؤية استراتيجية بعيدة المدى، فقد عمل أوجلان على إزالة الحواجز الاجتماعية والثقافية التي كانت تعيق المرأة عن ممارسة حقوقها الأساسية في التعليم والعمل والمشاركة الفعالة في الحياة العامة.
وفي هذا السياق، تحدثت لوكالتنا جيان حسين، عضوة منسقية مؤتمر ستار لشمال وشرق سوريا، عن الدور الريادي الذي لعبه القائد أوجلان في تعزيز حقوق المرأة. وأكدت أن القائد أوجلان أدرك محنة النساء منذ سنواته الأولى، وكان دائماً يرى أن تحرير المرأة هو الأساس لتحرير المجتمع ككل، ووصفت جيان أن أوجلان اعتبر الأسرة الديمقراطية حجر الزاوية لبناء مجتمع ديمقراطي حقيقي.
وأضافت جيان حسين، أن أفكار أوجلان كان لها تأثير عميق على المرأة الكردية، التي تتمتع بقدرة فطرية على القيادة بفضل تاريخها الثوري الطويل، وهو ما تجسد في دورها البارز في ثورة روج آفا، التي أُطلق عليها "ثورة المرأة"، وقد شمل هذا الفكر ليس فقط النساء الكرديات، بل شمل أيضاً النساء من مختلف المكونات الاجتماعية في المنطقة، مثل العرب، التركمان، الشركس، الأرمن، السريان والآشوريين، اللواتي انخرطن جميعهن في هذه الثورة.
وأوضحت جيان أن أوجلان كان دائماً يقاوم النظام التقليدي الذي كان يقتصر دور المرأة فيه على الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، مشيرةً إلى قوله الشهير: "المرأة هي أساس الوجود، وبوجودها يمكن بناء مجتمع ديمقراطي ومتساوي وأن تحرير المرأة الكردية كان نقطة تحوّل فارقة في تطور المجتمع بأسره، حيث منح القائد أوجلان المرأة القوة والفرصة لتكون رائدة في مختلف المجالات، ما أتاح للنساء من جميع الأعراق والمكونات المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع وفي الثورة التي أطلقت رؤى جديدة للعالم بأسره.
حزب العمال الكردستاني لم يكن مجرد حزب سياسي بل مدرسة لتعليم الديمقراطية
وتحدثت جيان حسين عن أهمية انخراط المرأة الكردية في صفوف حزب العمال الكردستاني، مشيرةً إلى الدور البارز الذي لعبته الشهيدة ساكينة جانسيز، والتي تعتبر رمزًا للنضال النسائي في المنطقة منذ تأسيس حزب العمال الكردستاني، كانت الشهيدة ساكينة جانسيز من أوائل النساء اللواتي انضممن للحزب، حيث لعبت دوراً محورياً في تعزيز حضور المرأة الكردية في العمل الثوري و أن ساكينة وأمثالها من النساء اللواتي انخرطن في الحزب وساهمن في تغيير المشهد الاجتماعي والسياسي في المجتمع الكردي، وكان لهن تأثير كبير على كافة الفئات، خاصة في ظل الظروف التي كانت تفرضها العادات والتقاليد، إن الشباب والنساء الذين انضموا إلى حزب العمال الكردستاني كانوا في البداية محاصرين بذهنية تقليدية تقيّد حرية المرأة ومشاركتها في المجتمع، لكن من خلال التدريبات والنقاشات التي قدّمها القائد عبدالله أوجلان، تمكن هؤلاء من تطوير أفكارهم وتغيير مفاهيمهم، وتحولوا إلى ممارسين لسياسات ديمقراطية حقيقية، وأضافت أن هذه العملية كانت جزءاً أساسياً من عملية التحرير الفكري والروحي التي قادها أوجلان، والتي ساهمت في تشكيل رؤية ديمقراطية جديدة للمجتمع و أن حزب العمال الكردستاني لم يكن مجرد حزب سياسي بل مدرسة لتعليم الديمقراطية والمساواة، حيث تمكنت المرأة من الاندماج الكامل في الحياة السياسية والعسكرية، وأصبح لديها دور بارز في تحقيق أهداف الحزب الثورية.
المرأة في حزب العمال الكردستاني قوة نضالية وعسكرية رائدة
لطالما كانت المرأة الكردية، خاصة داخل حزب العمال الكردستاني، عنصراً محورياً في تطور الحركة الثورية، ولأول مرة في تاريخ الحزب، تم تأسيس قوة عسكرية خاصة للنساء، وهو ما أظهر كيف أن المرأة داخل الحزب لم تقتصر فقط على النضال السياسي والاجتماعي، بل كانت أيضاً جزءاً لا يتجزأ من الساحة العسكرية وتمكنت المرأة داخل حزب العمال الكردستاني من إدارة نفسها ذاتياً، وأكدت أن هذا لم يكن مجرد تصرف فردي بل كان نتيجة إدراك المرأة لحقوقها ونضالها وقوتها ووجودها في المجتمع، فبفضل تدريبها الفكري والعسكري، أصبحت المرأة قادرة على قيادة نفسها في الميدان، بما في ذلك في القتال والحرب، مما كان له تأثير كبيرعلى محيطها والمجتمع ككل وأن هذا التحرر والتمكين لم يقتصر على النشاط العسكري فقط، بل امتد إلى التأثير الإيجابي على النساء في جميع أنحاء المجتمع، حيث أصبحت المرأة في حزب العمال الكردستاني قادرة على تغيير الواقع من خلال قوة إرادتها ومشاركتها الفعالة في كافة المجالات و أن النساء في حزب العمال الكردستاني استطعن حمل السلاح ومجابهة الدول الرأسمالية والتكنولوجيات المتطورة، وهو ما جعل منهن نماذج للقدرة على الدفاع عن حقوقهن وحماية مجتمعاتهن من الهجمات، وتأكيد أهمية وجودهن الفاعل في الساحة العسكرية وبذلك، أثبتت المرأة في حزب العمال الكردستاني أنها ليست فقط قوة نضالية وثورية، بل أيضاً قوة قادرة على تغيير المسارات، وحماية مجتمعاتها ومواصلة النضال من أجل الحرية والمساواة.
فكر اوجلان تأثير عميق في تأسيس نظام خاص للمرأة في روج آفا
لقد كان للقائد وللمرأة في حزب العمال الكردستاني تأثير كبير وبارز على المجتمع، إذ أثبتت قدرتها على تغيير الواقع بشكل جذري، ولا سيما في روج آفا، وقد أكدت جيان حسين أن هذه التأثيرات ما كانت لتتحقق لولا الدور الريادي الذي لعبته النساء في الحزب، اللاتي بدأنَ بتحقيق تقدم ملموس في مجالات متعددة وإن لم يكن هناك تأثير عميق للمرأة في حزب العمال الكردستاني، لما وصلنا نحن كنساء في روج آفا إلى المستوى الذي نحن عليه اليوم، إذ لم نكن لنتمكّن من تأسيس نظام خاص بالمرأة وتطويره بشكل يعكس تطلعاتنا إذا لم يكن هناك دعم وتوجيه من القائد عبدالله أوجلان وفكره الثوري، لما تمكنّا من إنشاء نظام خاص للمرأة يضمن حقوقها ويعزز مشاركتها في الحياة العامة وأن هذا النظام لم يقتصر على تأسيس قوانين ومراكز خاصة بالمرأة فقط، بل لعبت المرأة دوراً محورياً في مجالات حساسة ومتنوعة، من السياسة إلى العسكرية، فقد تمكنت المرأة من تأسيس مراكز تدريبية خاصة بها، وتطوير قوانين تضمن حمايتها وحقوقها، مما سمح لها بالمشاركة بشكل فاعل في الثورة وبناء مجتمع ديمقراطي.
القائد عبد الله أوجلان الرائد في تحرير المرأة وابتكار علم "الجنولوجيا"
قدّم القائد عبد الله أوجلان العديد من النظريات التحررية التي ساهمت بشكل كبير في إحداث تحول في المفاهيم الاجتماعية والسياسية المتعلقة بالمرأة، وأبرزها "الجنولوجيا" أي علم المرأة، الذي أصبح اليوم واحداً من العلوم التي تُدرّس وتُبحث في جميع أنحاء العالم، وليس فقط في كردستان، وقد شكّل هذا العلم مرجعية هامة للعديد من الحركات النسائية التي تسعى لتحقيق العدالة والمساواة في مختلف الأماكن ومن بين أبرز المفاهيم التي قدّمها أوجلان كان "شعار المرأة، الحياة، والحرية"، وهو عبارة قصيرة من ثلاث كلمات تحمل في طياتها معاني عميقة وشاملة، هذا الشعار استطاع أن يصبح رمزاً عالمياً لنساء العالم، حيث عبّر عن جوهر النضال النسائي من أجل الحرية والكرامة، ولم يعد مقتصراً على منطقة معينة أو ثقافة محددة وقد استطاع هذا الشعار أن يربط بين النساء في مختلف أنحاء العالم ويعبر عن مطالبهن في التحرر من قيود المجتمع، والظلم، والعادات التي تقيّد حريتهن، كما أصبح يشكل أساساً لتحفيز المرأة في نضالها المستمر من أجل بناء مجتمع تسوده العدالة والمساواة، لقد كان القائد عبدالله أوجلان من خلال فكره المتقدم قد وضع أسساً لنضال طويل الأمد ليس فقط على الصعيد السياسي أو العسكري، ولكن أيضا ًعلى مستوى فكر المرأة ودورها في المجتمع.
القائد عبد الله أوجلان ومقاومة المؤامرة الدولية
تحدثت جيان حسين عن المؤامرة الدولية التي حُيكَت ضد القائد عبد الله أوجلان، مشيرةً إلى أن الدول الاستعمارية، وعلى رأسها الدولة التركية، سعت جاهدة إلى إنهاء حزب العمال الكردستاني من خلال اختطاف القائد، بهدف سحق إرادة الشعب الكردي، لكن على الرغم من كل هذه المحاولات، أظهر القائد أوجلان مقاومة عظيمة في جزيرة إمرالي، حيث حولها إلى مدرسة حقيقية للديمقراطية وإن القائد عبدالله أوجلان خلال 26 عاماً من العزلة في جزيرة إمرالي، تمكّن من إفشال المؤامرة الدولية التي كانت تهدف إلى تحجيم حركته وحرمانه من دوره القيادي، فقد قدّم أوجلان مرافعاته الفكرية التي لا تزال تلهم ملايين الناس حول العالم، وأرسل توجيهاته التي أكّدت على أهمية النضال الديمقراطي والمقاومة السلمية و أن فكر القائد أوجلان لم يقتصر فقط على الشعب الكردي، بل أصبح مصدر إلهام لكل الشعوب التي تتعرض للقمع والاضطهاد، ورأت جيان أن تأثير نظريات القائد عبدالله أوجلان كان عميقاً، حيث تبنت العديد من الشعوب أفكاره في نضالها من أجل الحرية والعدالة.
وفي ختام حديثها قالت جيان حسين عضوة منسقية مؤتمر ستار لشمال وشرق سوريا:" إن العالم بدأ يدرك أن القائد عبد الله أوجلان يمثل الحل لجميع المشاكل في الشرق الأوسط والعالم، مما جعل أبواب إمرالي تفتح في إطار التفاوض والحل السياسي"، وأضافت: "نحن كنساء في روج آفا نواصل العمل بلا كلل من أجل إنهاء العزلة المفروضة على القائد أوجلان، ونحن عازمات على تحريره من هذا السجن الجائر، لأننا نعلم أن تحرره هو خطوة أساسية نحو السلام والحرية لشعوب المنطقة بأسرها وأن النضال من أجل القائد أوجلان هو نضال من أجل جميع الشعوب التي تسعى إلى الحرية والعدالة، وأن العمل مستمر لتحقيق هذا الهدف بكل الوسائل الممكنة".