اصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً خلال الشهر الجاري وصفت من خلاله هجمات الدولة التركية على المنشأت الحيوية والخدمية في اقليم شمال وشرق سوريا بجريمة حرب.
وحول ماهية واهمية هكذا تقارير ومدى فعاليتها، تحدث الناشط السياسي والحقوقي المحامي جبرائيل مصطفى، لوكالة فرات للانباء، وسلط مصطفى الضوء في بداية حديثه على تاريخ الدولة التركية مشيراً انه بالرجوع إلى تاريخ الدولة التركية، سواء في العهد العثماني او في عهد مصطفى كمال أتاتورك وما تلت على تركيا من احزاب وقيادات شوفينية مضيفاً بالقول" نرى ان تاريخ الدولة التركية معروف بارتكابها جرائم ومجازر ضد جميع المكونات والشعوب، وبالذات ضد الشعب الكردي، فمنذ عام 1923 تعرض الشعب الكردي في شمال كردستان إلى إبادة جماعية إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، حيث تسببت الدولة التركية بتهجير الكرد من ديارهم وقتلهم وحرق قراهم، وقامت بالقضاء على الانتفاضات والثورات الكردية بطريقة وحشية مخالفة لجميع المعايير والقوانين الدولية علما وبالرجوع إلى ما يسمى الميثاق الوطني عام 1920نرى ان مؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك أقر واعترف بذاته بحقوق الكرد في شمال كردستان، ومنحهم الاعتراف بجغرافية كردستان أكثر من مساحة ماتم اقراره في معاهدة سيفر، ولكن مع الأسف نتيجة معاهدة لوزان والمصالح السياسية، خالف مصطفى كمال أتاتورك وعوده، وبعدها ارتكبوا المجازر، وهذه السياسة مازالت مستمرة منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا".
مشروع الإدارة الذاتية أصبح مشروعاً حقيقياً لإيجاد حل للمشكلة السورية
واضاف" فيما يتعلق بجرائم الدولة التركية والفصائل المرتزقة في شمال وشرق سوريا والتي ليست ذو أهداف عسكرية فقط، بل لها أهداف سياسية تخدم إستراتيجية الدولة التركية ألا وهي نتيجة المشاكل في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي سوريا بشكل خاص، وخاصة مع بداية الأحداث في سوريا، رأت تركيا بأن حلمها فيما يتعلق بالميثاق الملي قد آن أوانها، وسوف تستطيع تحقيق مشروعها بما يتعلق بالميثاق الملي الذي ينص بأحد بنوده بأن حدود دولة تركيا الحديثة يمتد من البحرالمتوسط غرباً إلى كركوك والموصل شرقاً وبعمق أكثر من 40 كم للمناطق ذات الغالبية السنية، ولكن ومع نجاح مشروع الإدارة الذاتية والذي أصبح مشروعاً حقيقياً لإيجاد حل للمشكلة السورية بل واثبت بانه الحل الأمثل للمسألة السورية باستناده إلى فكر الأمة الديمقراطية مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والتعددية، والديمقراطية ولا مركزية، لذلك تركيا تدرك تماماً بأن نجاح مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا هوالسبب الأساسي في إفشال مشروعها، وهي بذلك لا تريد ان يعم الاستقرار في الشرق الأوسط، وايضاً حكومة دمشق لا تريد استقرارا وغيرهم من الدول التي دخلت في الملف السوري، الجميع يبحثون عن مصالحهم السياسية نتيجة ذلك وخاصة بعد اجتماعات ما يسمى أستانه جميع الدول في أستانا اتفقوا على القضاء على مشروع الإدارة سواء روسيا، إيران، تركيا، حكومة دمشق، لأن نجاح مشروع الإدارة الذاتية يشكل خطراً على هذه الأنظمة الاستبدادية وسيمتد إلى غيره من دول الجوار.
تركيا عجزت عن القضاء على مشروع الإدارة الذاتية عسكرياً
وأضاف الناشط السياسي والحقوقي المحامي جبرائيل مصطفى" فيما يتعلق بعفرين كانت قبل الاحتلال التركي مدينة للسلام والتعايش المشترك لجميع السوريين، ومركز أمن واستقرار وإيواء لجميع السوريين الذين كانوا يهربون من بطش الحرب في سوريا،عندما شاهدت تركيا وباتفاق مع روسيا وإيران، بأن مشروع الإدارة الذاتية في عفرين اثبت وجوده، وللأهمية الجغرافية والإستراتيجية، كون منطقة عفرين تطل على البحر المتوسط مباشرة، قامت تركيا بتاريخ 2018 ببدء هجوم على منطقة عفرين واحتلالها في تاريخ 18-3-2018، وتسببت في ارتكاب كافة أنواع الجرائم وهذه الجرائم بحسب تقارير منظمات دولية وحقوقية، وخاصة لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، علما بأن هذه اللجنة ولتقاريرها أهمية وقوة قانونية أكثر من جميع المنظمات الاخرى، لأن هذه اللجنة مرتبطة بمجلس حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة، بأن الجرائم التي ارتكبت في عفرين ارتقت إلى جرائم حرب وجرائم ابادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية ورغم ذلك تركيا لم تكتفي باحتلالها لمنطقة عفرين وفي عام 2019 أيضاً وبتواطؤ من المجتمع الدولي والدول المهيمنة في هيئة الأمم المتحدة، قامت باحتلال ساري كانيه وكري سبيه، وارتكبت فيها كافة أنواع الجرائم والانتهاكات.
وتابع" لجأت تركيا مؤخراً إلى استهداف البنى التحتية في شمال وشرق سوريا وجميع المراكز الأساسية لتأمين واستمرار المعيشة لأكثر من 6,000,000 نسمة في شمال وشرق سوريا، قامت الطائرات التركية باستهدافها وتدميرها كلياً وذلك أمام صمت قوات التحالف الدولي وروسيا، تركيا عجزت عن القضاء على مشروع الإدارة الذاتية عسكرياً وسياسياً عجزت عن القضاء على مشروع الإدارة الذاتية اجتماعيا من كافة الجوانب، لذلك تريد أن تخلق أزمة إقتصادية للإدارة الذاتية باستهدافها للبنى التحتية" .
تركيا ترتكب جريمة الحرب
ومضى" بحسب القانون الدولي، تركيا ترتكب جريمة الحرب، وبحسب معاهدة جنيف، تركيا ترتكب جريمة حرب باستهداف البني التحتية ولكن أين المجتمع الدولي؟ أين هيئة الأمم المتحدة؟ أين مجلس الأمن من جميع هذه الانتهاكات التي ترتكبها الدولة التركية؟ هنا السؤال الذي يطرح نفسه، هل القانون يخدم السياسة أم السياسة تخدم القانون؟ بالرجوع إلى تاريخ نشوء القوانين، نجد بأن القوانين تخدم المصالح السياسية، يعني القانون يخدم القوي، وبما أن القانون يخدم المصالح السياسية،الدول المتدخلة في الوضع السوري، روسيا، إيران، تركيا، أمريكا، فرنسا وغيرها، جميع هذه الدول تدرك بأن تركيا ترتكب جرائم حرب وعندما لايكون هناك قرار جدي، لا من هيئة الأمم المتحدة ولا من غيرها، هذا أكبر دليل بأن هذه الدول تستخدم الملفات القانونية والحقوقية حسب مصالحها السياسية، يعني عندما تقتضي المصالح السياسية لهذه الدول واستخدام ملفات إنسانية ضد الطرف الآخر آنذاك تصدر قرارات وتعقد الاجتماعات الطارئة لهيئة الأمم المتحدة ولمجلس الأمن لاتخاذ قرار ضد الطرف الآخر،عندما تقتضي مصالحها السياسية، اذا صمت المجتمع الدولي أمام جميع هذه الانتهاكات التي ترتكبها الدولة التركية بحق المناطق المحتلة، سواء في عفرين سري كانيه وبحق جميع المناطق في شمال وشرق سوريا، إن دل على شيء يدل على ازدواجية المعايير لدى هيئة الأمم المتحدة، وهناك حالات كثيرة على سبيل المثال منذ عام 1946 وإلى عام 2016 هناك أكثر من 56 قرار صدر عن مجلس الأمن، وهي المؤسسة الأكثر حساسية وقوة في هيئة الأمم المتحدة يدين فيها انتهاكات الدولة الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، سواء من جرائم التغيير الديمغرافي، سواء من الخطف سواء من القتل وغيرها، السؤال الذي يطرح نفسه على أرض الواقع وامام كل هذه القرارات،ماذا قدم المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة على أرض الواقع للشعب الفلسطيني؟ لم تقدم أي شيء إذاًعلى هيئة الأمم المتحدة أن تلتزم بميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 على أساس أن ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 يشكل دستورا للارادة الحرة للمجتمع الدولي بأكمله وعلى وجه الكرة الأرضية وعلى هيئة الأمم المتحدة أن تحترم وتلتزم بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، ولكن مع الأسف نجد ان هيئة الأمم المتحدة، بجميع أعضائها لايحترمون ولا يلتزمون بتنفيذ ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، ولا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948وهذا يدل على ازدواجية المعايير لدى هيئة الأمم المتحدة وخاصة الدول الدائمة العضوية والتي تملك حق الفيتويعني استخدام حق الفيتو وإفشالها لأي قرار وهذا انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهناك حالات كثيرة يجب ان يتم فيها اتخاذ قرار فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، ولكن عندما تقوم أحد الدول الخمسة الدائمة العضوية باستخدام حق الفيتو يفشل هذا القرار.