بلغت 105 أعوام..ولا تزال تنتظر ابنها الشهيد على فراش الموت
بعينان لا تبصران وجسد نال منه الدهر تصارع المعمرة بريشان عبدالله الموت على فراشها؛ وهي تنتظر ابنها الذي استشهد على يد البيشمركة خلال تسعينيات القرن الماضي، رغم إعلانه شهيدا.
بعينان لا تبصران وجسد نال منه الدهر تصارع المعمرة بريشان عبدالله الموت على فراشها؛ وهي تنتظر ابنها الذي استشهد على يد البيشمركة خلال تسعينيات القرن الماضي، رغم إعلانه شهيدا.
تعيشُ بريشان عبدالله وهي معمّرة من مواليد 1918 وبلغت 105 أعوام في قرية عليشار شرق مدينة كوباني، وسط أحفادها وأولادها في منزلِ أحد ابناءها بعدما تعرض منزلها لقصفٍ مدفعيٍ تركي خريف العام 2019.
أنهكها المرض وتعب السنين وأثرت الأحداث والمعارك العسكرية التي شهدتها مقاطعة كوباني والمنطقة خلال الأعوام الماضية على صحتها.
يملئ جسدها الذي نال منه الدهر تجاعيدٌ تحكي قصة جسدٍ عاصر الأحداث على مر قرنٍ من الزمن، عاشت بريشان عقودها الأخيرة بألمٍ وحسرةٍ لا يمكن أن تصفها إلا تلك الأمهات التي عاشت مرارة ذلك الشعور.
عام 1990 التحق عبد حميد وهو الأبن الأصغر لبريشان بصفوف حركة التحرر الكردستانية وعمل لعاميّن في المجال التنظيمي في روج آفا قبل أن ينتقل إلى جبال كردستان ويشارك في الكفاح المسلح ضد دولة الاحتلال التركي.
كان لعبد الحميد مكانةً كبيرة في قلب أمه بريشان التي لم تقطع أملها من أن تسمع صوته أو اسمه على شاشات التلفزة أو أي رسالة منه عقب التحاقه بصفوف حزب العمال الكردستاني.
عام 1997 استشهدعبد حميد الاسم الحركي علي كوباني وكان قائد مجموعة آنذاك؛ في منطقة حفتانين في جنوب كردستان إثر كمين لقوات البيشمركة التي ساندت الاحتلال التركي في حربها ضد حركة التحرر الكردستانية.
أحست بريشان بفراق أبنها وشهادته رغم أنَّ حزب العمال لم يعلن آنذاك شهداء تلك المعركة؛ وتسبب الألم والبكاء الشديدين بعد ذلك لأشهر؛ بإصابة بريشان بالعمى في عيناها ومنذ ذلك الحين وهي لا تبصر.
تلقت بريشان نبأ استشهاد ابنها عبد الحميد رسمياً خريف عام 2019 أي عقب 22 عاماً، وأقام مجلس عوائل الشهداء مراسم إعلان شهادته في قريته.
وفي مفارقةٍ غريبة جاء إعلان استشهاد عبدالحميد قبل أيام من العدوان التركي ضد كري سبي/تل أبيض الذي استشهد فيه حفيد بريشان ويدعى أيضاً عبد الحميد والذي سمّيَ بأسم عمه عام 1998.
وفي ربيع العام الجاري حضرت بريشان مراسم إعلان شهادة حفيدٍ آخر "رومت آمد" أحد مقاتلي الكريلا الذين استشهدوا في منطقة "كوري جارو" في جنوب كردستان خلال المقاومة البطولية ضد الاحتلال التركي في جبال كردستان.
ورغم ذلك تجلس بريشان بالقرب من التلفاز بشكلٍ شبه يومي لتستمع إلى نشرة الأخبار لعلها تسمع عن ابنها الشهيد شيئاً، فرغم أنها تتنفس بصعوبة إلا أنها متشبثةً بذلك الأمل.
لم تتمكن من الحديث إلينا، بسبب تدهور صحتها فهي أمٌ لـ7 رجال وامرأتين توفي 3 منهم، وجدة لـ261 حفيداً وحفيدة.