رئاسة الجزائر لمجلس الأمن وانعكاساتها على أزمات الشرق الأوسط

وسط تطلعات عربية ودولية لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية وأزمات المنطقة، تتولى الجزائر رئاسة مجلس الأمن في كانون الثاني، حيث تسعى إلى استغلال المنصب لخدمة القضايا العربية والإفريقية، مع التركيز على القضية الفلسطينية وإنهاء حرب غزة.

تعتزم الجزائر منح أولوية خاصة للملفات المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط، وأبرزها قضية فلسطين، ومكافحة الإرهاب في إفريقيا، وهو ما تم إدراجه في برنامج الرئاسة المقدم من قِبل الممثل الدائم للجزائر لدى المنظمة الأممية، السفير عمار بن جامع، والذي يركز على إيصال صوت الدول العربية والإفريقية والدفاع عن القضايا العادلة، وتخطط الجزائر لتنظيم نقاش عام على المستوى الوزاري حول الأوضاع الراهنة في المنطقة بما في ذلك حرب غزة. 

دعم فلسطين

أنور مالك الناشط الحقوقي والمحلل السياسي، قال في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF »: «اعتادت الجزائر دائماً على دعم القضية الفلسطينية وبذلت في سبيلها جهوداً ضخمة على كل الأصعدة، فعلى الصعيد الدبلوماسي، سبق وأن طالب الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة بإصدار قرار يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وتكللت جهوده بالنجاح في آذار 2024، بعد فشل المجلس في تبني قرارات مشابهة بسبب الفيتو الأمريكي، كما نجحت الجزائر في إعادة طرح مسألة العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، بما يهدف إلى تنفيذ حل الدولتين، الذي تقره الشرعية الدولية، لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط».

تعزيز جهود السلام

الدكتور فايز أبو شمالة المحلل السياسي، أكد في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF »، أنّ «غزة تعاني من تصعيد العدوان الإسرائيلي، مما أدى إلى تدمير واسع ومعاناة إنسانية حادة، وتتطلع الجزائر من خلال رئاستها لمجلس الأمن، إلى تعزيز جهود السلام والدفع نحو مفاوضات تسعى إلى التوصل إلى حل شامل ودائم للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، مع تسليط الضوء على معاناة سكان غزة وممارسة ضغوط دولية لتمرير المساعدات الإنسانية اللازمة، بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الصحية، ويمكن للجزائر أن تعمل على جمع الدعم الدولي لصالح غزة، سواءً على مستوى الدول الأعضاء في المجلس أو من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية بما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية وتخفيف معاناة السكان».

حل النزاعات

ويشهد السودان صراعاً داخلياً يستوجب تعزيز الجهود الدولية لحل النزاع من خلال دعم مفاوضات السلام والحوار بين الأطراف المختلفة، مع التركيز على الأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب التي أدت إلى تشريد الملايين وتدهور الأوضاع المعيشية تزامناً مع استمرار التهديدات الإرهابية في القارة الإفريقية، وهو ما تحاول الجزائر التصدي له وفق برنامج الرئاسة المقدم للأمم المتحدة ويتضمن تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب في السودان، وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن بما يسهم في تقليص نفوذ الجماعات الإرهابية وتحقيق الاستقرار في السودان.

وتسعى الجزائر خلال رئاستها لمجلس الأمن إلى خلق توافق دولي حول قضايا معقدة وحساسة وعلى رأسها الأزمة السودانية والقضية الفلسطينية، إلى جانب فتح ملف الأوضاع الراهنة على الأراضي السورية، وفق قناعات الدبلوماسية الجزائرية التي أكدت أن دمشق في حاجة ماسة إلى إحداث توازن دقيق بين مصالح الأطراف المختلفة والعمل بمنهج دبلوماسي غير تقليدي لتحقيق نتائج إيجابية، خاصة وأن رئاسة الجزائر لمجلس الأمن تعد فرصة لتعزيز دورها كعضو نشط ومسؤول في المجتمع الدولي والمساهمة بشكل فعّال في تحقيق السلام والاستقرار في مناطق النزاع المختلفة بمنطقة الشرق الأوسط.

ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن العملية السياسية والوضع الإنساني في سوريا واليمن، كما تُنظم الجزائر اجتماعاً رفيع المستوى حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا، وتمثل القضية الفلسطينية أولوية في سياق تضامن الجزائر المطلق مع الشعب الفلسطيني، ومن المتوقع أن تواصل الجزائر معركتها الدبلوماسية لتسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني والوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه حالياً، والحض على بذل المزيد من الجهود الإنسانية لصالح الشعب الفلسطيني، ووفقاً للبرنامج الرئاسي تنظم الجزائر ندوة على المستوى الوزاري في مجلس الأمن بعنوان «الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية»، تحت رئاسة وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف، بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، فضلاً عن مناقشة الوضع في لبنان وسوريا واليمن والسودان، في ظل التطورات المقلقة التي تشهدها المنطقة إلى جانب اجتماعات تتعلق بالوضع السياسي والإنساني في المنطقة ، واجتماع للتعاون بين منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وجلسة إعلامية نصف سنوية للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن ملفي دارفور وليبيا.